لا ينفكّ عن بعض الموالين دوام الاهتمام برأي من لا يعتدّ برأيهم ولا قيمة لتصريحاتهم المجانبة للحقّ، ويحمل همّ من لا يقبل الحقّ مادام فيه عرق ينبض ولسان وينطق، وهذا المسكين يقرض جلده ويلدغ بطنه نيابة عنهم وعن المخالفين والكافرين، وكأنّه لم يقرأ قوله تعالى: (وَ لَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَ لا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدى وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ) سورة البقرةـ الآية ١٢٠، فالآية تجري على كلّ من اتصف بصفة اليهود والنصارى الذي لم يتقبلوا دعوة الحقّ والإيمان، فحتى لو تركت دينك يا أخي واتبعت ملّتهم سيقولون لقد ترك دينه خوفاً أو تملقاً وأمثال ذلك من الترهات المعهودة.
تجده ناكل القلب منقبض النفس لأجل حياء موهوم منعه من التصريح بما هو حقّ خوفاً من قولهم! ألم يقرأ قوله تعالى: يا .. وَ اللَّـهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ..) سورة الأحزاب - ٥٣.
أو يقول لك أنا لا أحب تلك الحقيقة.. تسأله لماذا؟ يقول: إنّ المخالف لا يقبل بها، أو يقول: لو صرّحت بها ماذا يقول عنّي الناس بعد ذلك؟
التاريخ كفيل لنا بطبيعتهم وحقدهم على الدين، تجدهم لا يذكرون الفقراء حتى يأتي عاشوراء، وما هذا إلّا ليعيبوا على المؤمنين وينالوا منهم، وهي كلمة باطلة، فمن ظلم هؤلاء الذين تستحي منهم كثر الفقر وتخلّفت أوضاع البلاد وأنهكت أحوال العباد، ثمّ المنفق هو الفقير في سبيل ربّه وليس غيره، فيتبيّن أنّه يريد النيل من الدين والشعائر، فتجده رفع المصاحف لغاية باطلة ولم يكن في مقام حفظ الحرمات.
لقد عابوا على المؤمنين من زمان المعصومين وهذا دعاء الامام الصادق (عليه السّلام) لزوار قبر الامام الحسين (عليه السّلام) حيث شخّص لنا ذلك ثم مدح من لم يستمع لمن يعيب على المؤمنين في دعاء طويل وروايته مشهورة حيث قال (عليه السّلام):" ..اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس.." بحار الأنوار ج٩٨/ص٨.
وكان الدعاء لمن لم يسمع للمشككين ولم يحقّق لهم ما يريدون من تضعيف معالم الدين، ومحاولة محوها، ولم يدع لمن أخذ بكلام المرجفين والفاسقين وأهل الضلال من المتمرجعين مثلاً.
ويستمرّ هذا المسكين في تقبّل ما يعيب به أهل الخلاف وأضرارهم على المؤمنين فينفذ له الشكّ يوماً بعد يوم حتى يقعد عن القيام بكلّ حسنة، ولا يجد في سجلّ قلبه من الولاء في شيء، وبعدها ينكر البراء فيسقط من شاهق فلا تجده إلّا متردية لا يطمع بها طامع سوى الذباب وما شاكله.
منذ متى كان عدم قبول الآخرين بالحق الصريح الذي لا عنوان ثانوي يشمله مبرّراً شرعيّاً لخذلان الحقّ وعدم لزومه؟ إنّه فقر حاضر وتسوس قلب نادر، لا دواء له ولا علاج.
لا خير في كلّ ما يبعد الموالي عن دينه وعفته وشعائره، ويجعله ذليلاً خانعاً لأصوات أهل الباطل، إنّما الخير في حبّ الإمام الحسين (عليه السّلام)، كما في كامل الزيارات: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، [أنّه]قال: "من أراد الله به الخير قذف في قلبه حبّ الحسين (عليه السلام) وحبّ زيارته، ومن أراد الله به السوء قذف في قلبه بغض الحسين وبغض زيارته".
|