• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : غرور عبد الرزاق عبد الواحد .
                          • الكاتب : د . حاتم عباس بصيلة .

غرور عبد الرزاق عبد الواحد


جاءت لي عشرات الرسائل التي تكشف حقيقة عبد الرزاق الاجتماعية والادبية معا من شخصيات متعددة عاصرته وتعاملت معه وقبل ذلك فان ظاهرة الغرور واضحة في شعره وفي سلوكه وابسط مثال قوله بعد الهروب من بغداد
(كبير على بغداد اني اعافها ) وقد قاطعه الدكتور حميد عبد الله واشار الى ان من المفروض ان يكون العكس وهي ملاحظة ذكية تكشف تعاليه على وطنه وغروره الذي اعماه ومن هذه الرسائل هذه الرسالة من شاعر معروف عاصره تقول الرسالة : (نحجي لو نبطل ؟كان في مدرستنا غير محبوب، متعاليا، متلونا ضبط في حالة علينا أن لا نذكرها بعدها لم يعد للمدرسة ، سارق من اشعار الغير يستهزيء بالشاعر مظفر النواب عنده حالة، يشتم الشعراء بعد موتهم .. تحياتي دكتور انت اكثر من يعلم. ) وقد اشارت الدكتورة ميسون البياتي بغض النظر عن خلافه مع البياتي الى سلوك مشين منه اذ تقول وهي غير مجبرة على القول في مقال لها : احدثكم يا ساده يا كرام ليس عن عبد الرزاق عبدالواحد الشاعر لمعرفتي أنكم تحبون شعره لأنه يغازل تصوراتكم عن الوطن , لكني سأتحدث عن ابو خالد الشخص كما عرفته ما بين الأعوام 1978 _ 1982 أنا كنت أكتب في منشورات دار ثقافة الأطفال ( مجلتي والمزمار ) فجأة غادرتنا أم مصعب السيدة أمل الشرقي الى بيروت برفقة ابنها مصعب , فتم تنسيب عبد الرزاق عبد الواحد ليخلف مكانها حين وصل الدار واستعرضنا للتعرف علينا وكنت وقتها بعمر 24 عاما قال لي بالحرف وأشهد الله على ذلك أحاسب على كلامي حساب عسير يوم الدين قال : لوما عمك عبد الوهاب البياتي صديقي ..كنت اغتصبتك مزقتك) وهذه القصص تتلاءم مع طبيعته وتاريخه الاجتماعي ومن خلال متابعتي المستمرة الى سيرة وشعر عبد الرزاق عبد الواحد لمست ظاهرة الغرور بشكل واضح وهي لا تخفى على المثقف المتابع لذلك فمن خلال ذكرياته التي نشرها ومن خلال وصفه للشعراء الذين عاشرهم والتقى بهم وجدت انه يركز في وصفه على الاشكال السلبية بهدف الانتقاص من الاخر وكانه حين يتحدث في مكان مرتفع بطل والاخرون دونه ويمكن ملاحظة ذلك في وصفه وتذكره للسياب مثلا وكأنه مشفق عليه اشفاق من يبدو انسانيا وفي داخله حسد على المكانة الشعرية او الأدبية والموت اهون من خطية كما يقول السياب يذكر عبد الرزاق عبد الواحد في ذكرياته وهو يصف سعدي يوسف قلت له يوماً : أنت خرافة يا سعدي .. أنت كائن خرافي ! .. فحملق فيّ مندهشاً ، ثم أغرق في الضــحك
منذ ذلك اليوم ، صار أصدقاؤنا الأقربون في دار المعلمين العالية يقولون ، وهم ينظرون إليه بحب وبإعجاب: خرافة ! )والمتلقي الذكي يربط بين شكل سعدي يوسف وكلمة خرافة وقد اشار الى شكل اسنانه في موضع آخر من ذكرياته .ويقول عن بدر شاكر السياب :(كان بدر شديد النحافة . يداه وساقاه مثل أعواد القصب . أذكر أننا في عام 1947 كنا في تظاهرة طلابية عارمة احتلت ساحة القشلة ، فصعد بدر على سقف سيارة وبدأ ينشد قصيدته الرائعة :
بسمةَ النور في ثغور الجراحِ
أنتِ قبلَ الصباح ، نجمُ الصباحِ
كلّما لُحتِ في خيال الطواغيت
و ألهبتِ مرقـدَ السَّـفّاحِ
ذابَ قيدً على اللظى وتَراخَتْ
قبَضاتٌ على حطام السلاحِ !
كان بدر( يرتعش) --لا حظ هذه الكلمة --- من قمّة رأسه إلى أخمص قدميه .. وكنت أمسك بساقيه خشية أن ينـزلق من سقف السيارة . إلى الآن ما أزال أتذكر أن أصابع يدي الواحدة كانت أطرافها تلتقي حول كاحله مع الجورب والبنطلون-- ! .وهنا يبدو السم بالعسل من خلال الكلام -- وبدر كان صغير العينين ..منتشر الأذنين ..شاحب الوجه ، أملسه ، لا ينبت فيه إلا شعيرات ناعمات متفرقات فوق شفته العليا .
انتبهت إلى بدر في صباح يوم مبكر و هو يدسّ رأسه في خزانة ملابسه ، فاتحاً بابيها ليحجب وجهه عن الناظرين ..جلست على فراشي أنظر إليه دون أن يدري ، فرأيته يمرّ على شعيرات شنبه بقلم رصاص أسود ، محاولاً أن يكثف وجودها دون أن يلحظه أحد....منذها تعودت أن أستيقظ مبكراً لأراقبه وهو يفعل ذلك يومياً دون ملل .. وتعلمته منه ، وفعلته أنا أيضاً فيما بعد وفي معرض حديثه عن الشاعر الثوري العظيم مظفر النواب نلمس سخريته المقيتة وكلما قرأت المقطع التالي اتذكر لحظات التشييع التي كادت ان تكون ثورة من بغداد يقول الشاعر المغرور. كانت هناك صباحية شعرية للشاعر مظفر النواب في نادي الكلية الذي كان سرداباً صغيراً يديره رجل كهل ممتليء أصهب اسمه " مرّوكي" .. يصنع الشاي والقهوة والحليب للطلاب . كنا مجموعة شعراء أذكر منهم : بدر ، رشيد ياسين ، أكرم الوتري ، محمود البريكان ، و حسين مردان
كانت عيون الطلبة تترصدنا ، لا سيما بعد أن رحب بنا عريف الحفل .. و كان بدر يومها أكثرنا شهرة لا سيما بين جماهير الطلبة .
كانت منضدة مقهى عادية ، مغطاة بملاءة بيضاء ، بلا مكبرة صوت .. تلك التي وقف وراءها ذلك الشاب الأسمر النحيف ، الوسيم ، الجمّ الحياء ، الذي اسمه مظفر النواب . . وبدون أية مقدمات ، بدأ القراءة هكذا السـلامْ

ترَلَّ لام ترَلَّ لام وكان ، مع ترديد " ترَلَّ لام " ، ينقر بإصبعه على المنضدة التي أمامه بإيقاعية منسجمة حاولنا جاهدين أن نحوّل ضحكنا إلى ابتسام .. ولكنه ظل ابتساماً واضح التشنج برغم محاولتنا ستر أفواهنا بأيدينا . و كان أشدنا استنكاراً ، و لفتاً للنظر بطريقة تحديقه في الوجوه ، رشيد ياسين حين بدأ مظفر بقراءة قصيدته الثانية ، و التي كانت تدور حول " مرّوكي " متعهد النادي .. أطلقنا العنان لضحكاتنا الحبيسة حدّ أن ضحك معنا جمهور الطلبة الحضور كله ، بينما كان مظفر يردد مرّوكي ماذا تريد ؟ تريد فستق عبيد ؟؟ السـلام ترَلَّ لام ترَلَّ لام نريد السلام بام .. بام .. بام يريدون الحروب طاب .. طوب
ان هذا يدل على الغرور والانتقاص من الآخر كما قال صاحبي ولا اكتمكم اني كنت لائما لفنان تشكيلي سرق حذاء عبد الرزاق عبد الواحد في زيارته للجندي المجهول ليترك حذاءه المهتريء بدلا منه لان حذاء عبد الرزاق عبد الواحد كانت بالدولار والفنان التشكيلي يلبس حذاءً مثقوبا من كل مكان اما اليوم فاني اعذر صاحبي الفنان التشكيلي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=195598
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 08 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15