اعتمد الإسلام في إيصال عقائده وشرائعه الى الناس وتهيئة أسباب القناعة الكاملة بها ، إيماناً وتطبيقا .. على أكثر من أسلوب ومنهج ، كالمنهج العقلي والنقلي والحسّي ، وكذلك للمناهج الكشفية والعرفانية والإشراقية مجالها الخاص ، فتارةً تجتمع هذه الأساليب في شيء وتارة تفترق ولكن لا تتقاطع خاصة اذا كان المعقول صريحاً والمنقول صحيحاً والمحسوس واضحاً والكشف حقّا .. في تفصيل أكثر له مجاله .. علاوة على استعمال المعجزة والكرامة اذا تطلب الأمر ..
أمّا المباهلة فيمكن أن نعتبرها أسلوباً خاصّاً قد استعمله الدين الإسلامي في حادثة خاصة جداً ، ويسمح باستعمالها ضمن أجواء وشروط خاصة ايضا ، وعليه نستطيع أن نصنّفها خارج أساليبه المعتادة ، أي المعقولات والمنقولات والمحسوسات والمعجزات والكرامات وإن اجتمعت كلها في هذا الأسلوب لمن تأمل ، وبالتالي هو تصنيف تمييز وتركيز لا تصنيف مباينة ومفارقة ..
وما يميّز المباهلة كإسلوب أقناع وإثبات عن غيرها أمور :
١. نتيجتها عند العقل قطعية ، أي تأخذ أعلى مستوى من اليقين العقلي ..
٢. تتعامل وفق خيارين فقط ، وهذان الخياران ينقسمان على طرفين فقط .. فالمقابل الذي يراد إقناعه هو من سيستلم النتيجة بنفسه .
٣. عند جريانها لا يبقى لأسالبب الأخرى مجال .. وإنما مثلها مثل الكيّ من الدواء ..
٤. الذي يريد أن يتعامل مع هذا الأسلوب من المحاججة يكون قد جمع كل قواه وقلّب كل أوراقه ، فهو ليس للإستطلاع ولا للمحاولة ولا لتجميع الحجج وتراكم الأدلة .
٥. لاستعمال هذا الأسلوب آدابه وشروطه الخاصّة جداً ، فهو غير متاح دائما ، فمما قيل في ذلك مثلاً : لا تجوز المباهلة إلا في أمر مهم شرعاً وقع فيه اشتباه وعناد لا يفسر دفعه إلا بها ، ويشترط كونها بعد إقامة الحجة ، والسعي في إزالة الشبهة وتقديم النصح والإنذار ، وعدم نفع ذلك ، ومساس الضرورة إليها .. حتى أن بعض الروايات حددت وقتها بين الطلوعين وأن تتشابك اليدين عند الملاعنة .. وأفتى بعض الفقهاء بإجزاء غسل المباهلة مع الخصم عن الوضوء ..
|