جاء في تفسير الميسر: قوله تبارك وتعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137) وَمَا: وَ حرف عطف، مَا اسم موصول. وأررثنا بني إسرائيل الذين كانوا يُستَذَلُّون للخدمة، مشارق الأرض ومغاربها ﴿وهي بلاد "الشام"﴾ التي باركنا فيها، بإخراج الزروع والثمار والأنهار، وتمت كلمة ربك أيها الرسول الحسنى على بني إسرائيل بالتمكين لهم في الأرض؛ بسبب صبرهم على أذى فرعون وقومه، ودمَّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من العمارات والمزارع، وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور وغير ذلك.
عن تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (عرش) "معروشات" (الأنعام 141) أي مرفوعات على ما يحملها، يقال: عرشت الكرم وعرشته: إذا جعلت تحته قصبا وأشباهه ليمتد عليه، و "غير معروشات" (الأنعام 141) من سائر الشجر الذي يعرش، و "العرش" سرير الملك، وقال تعالى: "ورفع أبويه على العرش" (يوسف 100) وقال: "أهكذا عرشك" (النمل 42) و "كان عرشه على الماء" (هود 7) أي ما كان تحته خلق إلا الماء قبل خلق السماوات والأرض وارتفاعه فوقها، والعروش: السقوف، قال تعالى: "وهي خاوية على عروشها" (البقرة 259) (الكهف 43) (الحج 45) أي تسقط السقوف ثم تسقط الحيطان عليها، وقدم البحث عن ذلك في خوى و "يعرشون" (الأعراف 136) (النحل 68) أي يبنون (عيش) "عيشة راضية" (الحاقة 21) (القارعة 7) أي مرضية، و "معايش" (الأعراف 9) (الحجر 20) لا يهمز لأنه مفاعل من العيش، واحدتها معيشة على وزن مفعلة، وهو ما يعاش به من النبات والحيوان وغير ذلك.
وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تبارك وتعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137) "وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون" بالاستعباد، وهم بنو إسرائيل "مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها" بالماء والشجر، صفة للأرض وهي الشام، "وتمت كلمة ربَّك الحسنى" وهي قوله تعالى (ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض) إلخ "على بني إسرائيل بما صبروا" على أذى عدوهم، "ودمَّرنا" أهلكنا "ما كان يصنع فرعون وقومه" من العمارة "وما كانوا يعرُِشون" بكسر الراء وضمها، يرفعون من البنيان.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تبارك وتعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137) "وما كانوا يعرشون" من الأشجار، والأعناب، والثمار، وقيل: يعرشون يسقفون من القصور والبيوت، عن ابن عباس. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تبارك وتعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137)
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تبارك وتعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137) أي أهلكنا ما كانوا يصنعونه وما كانوا يسقفونه من القصور والأبنية وما كانوا يعرشونه من الكرم وغيره. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تبارك وتعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137) "وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ". و (صنع) كما يقول (الراغب) في (المفردات) يعني الأعمال الجميلة، وقد وردت هذه اللفظة في الآية الحاضرة بمعنى الهندسة الجملية الرائعة التي كان يستخدمها الفرعونيين في أبنيتهم. و (ما يعرشون) في الأصل تعني الأشجار والبساتين التي تنصب بواسطة العروش والسقف، ولها جمال عظيم وروعة باهرة. و (دمرنا) من مادة (التدمير) بمعنى الإهلاك والإبادة. وهنا يطرح السؤال التالي وهو: كيف أبيدت هذه القصور والبساتين، ولماذا؟ ونقول في الجواب: لا يبعد أن ذلك حدث بسبب زلازل وطوفانات جديدة وأمّا الضرورة التي قضت بهذا الفعل فهي أن جميع الفرعونيين لم يغرقوا في النيل، بل غرق فرعون وجماعة من خواصّه وعسكره الذين كانوا يلاحقون موسى عليه السلام، ومن المسلّم أنّه لو بقيت تلك الثروات العظيمة، والإمكانيات الاقتصادية الهائلة بيد من بقي من الفراعنة الذين كان عدد نفوسهم في شتى نواحي مصر كثيرا جدا لاستعادوا بها شوكتهم، ولقدروا على تحطيم بني إسرائيل، أو الحاق الأذى بهم على الأقل. أمّا الإمكانيات والوسائل فإن من شأنه أن يجردهم من أسباب الطغيان إلى الأبد.
|