• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تركيا وحرب المياه...وحرب السدود... قراءة في مقاومة حرب غير تقليدية (البصرة وشط العرب أنموذجاً) .
                          • الكاتب : مراد حميد عبد الله .

تركيا وحرب المياه...وحرب السدود... قراءة في مقاومة حرب غير تقليدية (البصرة وشط العرب أنموذجاً)

 
كل العراقيين يعرفون كيف كانت مياه دجلة والفرات تنبض بالحياة وتفيض بالمياه وتتدفق بانسياب من منبعيهما من الأراضي التركية لتروي عطش الآلاف من الكيلومترات في مسيرهما الطويل من شمال العراق حتى جنوبه، حتى أن الله سبحانه وتعالى خص الفرات هذا النهر العظيم في كتابه العزيز حين قال سبحانه وتعالى((وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا))(الفرقان53(، فكانت هذه التسمية لعذوبة مياه النهر، وشاءت الأقدار أن سميت هذه الأرض بأرض الرافدين تيمناً بهذين النهرين، فهما يصبان في مصب واحد وهو ما يسمى بـ(شط العرب) الذي يقع في محافظة البصرة(جنوب العراق) ، فبدأت مياه هذين الرافدين بالنقصان شيئاً فشيئاً مع بداية تغير نظام الحكم في العراق عام2003م فتساءل الكثير من الباحثين والمتخصصين في هذا الشأن عن سبب ذلك؟ وما الذي تغير بين ليلة وضحاها؟ هل كانت هناك اتفاقية سرية بين النظام الحاكم آنذاك وبين الحكومة التركية؟ أم هل بدأت بالفعل الحرب غير التقليدية التي تنبأ بها المحللون والخبراء بهذا الشأن؟ أم هي وسيلة ضغط على الحكومة العراقية للحصول على مكتسبات جديدة ومنها القضاء على الحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا؟ أم هي وسيلة لجعل الحكومة العراقية الجديدة خاضعة تحت سيطرة الحكم العثماني الجديد؟ أسئلة كثيرة يقف أمامها المواطن العراقي في حيرة كاملة وهو يشاهد جفاف هذين النهرين والأراضي المحيطة بهما.
لقد تصاعدت حدة الخلافات بين الطرفين في الآونة الأخيرة لأسباب عدة ومنها مياه هذين النهرين فكانت هناك اتفاقيات لزيادة حصة العراق المائية لكننا لم نلمس أي تحسن في مناسيب المياه، واستمرت الحكومة التركية بنهجها الذي بدأته، فشرعت بوضع عدة مشاريع لبناء سدود عديدة على مصب هذه الأنهر على الرغم من أن هناك مواثيق وعهود دولية ترفض سد أو تحويل مياه الأنهار عن طريقه الطبيعي، وقد شاهدت تقريراً مصوراً أثارني حقيقة بثته قناة الفيحاء مؤخراً حول شروع تركيا ببناء مئات السدود على أراضيها لمنع مياه دجلة والفرات من الوصول إلى العراق، في حين تنبأ خبراء وباحثون في وزارة الموارد المائية أن مياه هذان النهران سيجفان في غضون السنوات القادمة بحلول عام 2030م، وهذا مؤشر خطير فعلاً لبداية حرب غير تقليدية على العراق، لذلك لم نجد الحكومة العراقية التي ما زال سياسيوها منشغلون بصراعهم على الكراسي واقتسام الكعكة فيما بينهم، تاركين الجانب الآخر يستمر في التحشيد للمعركة من دون التجهيز لها، فمصير العراق وشعبه في ظل هذه التهديدات باتت خطيرة جداً خصوصاً وان الحرب لا يمكن أن تُكسب بالسلاح أو العتاد أو التحشيد الجماهيري أو الإعلامي كما هو اليوم مع سوريا والربيع العربي، فيجب علينا أن نعد العدة لها وبشكل سريع جداً عبر إقامة سدود للمحافظة على المياه التي يهدر منها يومياً الآلاف الأمتار المكعبة في الخليج العربي، فعلى الحكومات المحلية في كل المحافظات التي يمر بها هذا النهر أن تشرع بوضع التصاميم وتخصص الأموال لإنشاء سدود للحفاظ على هذه الكميات من الهدر، وصولاً إلى محافظة البصرة التي تعد المصب الرئيسي للنهرين في مياه الخليج العربي.
أن عملية إنشاء السد على جريان شط العرب في البصرة تحديداً يمكن أن ينقذ العراق والبصرة خصوصاً من هذا الخطر المحدق بها لأنها تعد المصب الأخير لمياه هذين النهرين فلو تم إكمال السدود في تركيا فان البصرة لن يصلها من المياه إلا الشيء القليل جداً، وبالتالي سينحسر هذا الشط(شط العرب) ويجف تدريجياً، لكن لو تم انجاز سد في أضيق نقطة من جريانه في المناطق الجنوبية من أراضي البصرة لتمكنا من المحافظة على هذه المياه من الهدر في الخليج العربي،هذا من جانب ومن جانب آخر أن إقامة  السد في البصرة سيساعد كثيراً في إحياء انهار البصرة الفرعية التي أصبحت عبارة عن مصبات للمياه الثقيلة ومياه المجاري ولتمكنا أيضا من إحياء الأنهر الفرعية التي تشق بساتين النخيل على ضفتي الشط من منطقة التقاء النهرين وحتى آخر نقطة ولتمكنا من استصلاح الأراضي في منطقة شط العرب(التنومة، أبو الخصيب، الفاو، وكافة المناطق الأخرى) التي باتت صحاري بفعل الحروب وأعمال التجريف المتعمد التي مارسها النظام السابق، فضلاً عن ذلك تعتبر السدود مصدراً طبيعياً من مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية التي تعد البصرة في أمس الحاجة لها، لذلك نرجوكم يا أيها القائمين على محافظة البصرة بدءً من محافظها المحترم ومجلسها الموقر وهيئة استثمارها، ونقول لهم: البصرة أمانة في أعناقكم والله ورسوله أوصى بالأمانة، وانتم رعاة هذا الشعب فكونوا كما أوصاكم النبي الكريم(صلى الله عليه وعلى آله وسلم):(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
لذلك نطالبكم بتخصيص أموال من عائدات النفط (البتر ودولار) للبدء في وضع التصاميم المناسبة لبناء السد على شط العرب أو محاولة إجراء اتفاقيات مع الشركات الأجنبية العاملة في البصرة في مساعدتكم من اجل إجراء هذه العملية الحرجة وإحياء قلب البصرة لأنها في حالة احتضار وشرايينها بدأت تجف من المياه لاسيما الأنهار التي تغذي الأراضي الزراعية والبساتين، وإعادة البسمة والحياة إلى أنهر العشار ومناطق الداكير  ونهر الخورة لتستعيد البصرة عافيتها بفضل الله وبمساعدتكم، فكلي أمل بكم وننتظر منكم الشروع بالتفكير جدياً في هذا المشروع في اقرب وقت ممكن وبث البشرى لأهالي البصرة  لان البصرة وأهالي البصرة في ذمتكم حتى نتمكن من كسب المعركة التي ستكون غير تقليدية حتماً.
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=19445
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15