تتنوع المناهج في القراءات الفكرية مع اختلاف منابعها وأصولها والقراءة في الأصول من المهمات التي تُعطي وضوح أكبر عن هذه الفكرة أو تلك الرؤية جزئية كانت أم كلية ، تأريخ نشأة العرفان في أوساطنا لاينفك عن تأريخ ظهور التصوف في العالم الإسلامي فهو ربيبه وجزء منه ولايمكن إنكار ذلك مع إتحاد المصادر ووحدة المنهج والطريقة ، فالاصول الأولى للتصوف لم تكن إسلامية بل عبرت إلينا عبر حركات الترجمة التي نشطت في الفترة العباسية وتأثر بها شريحة كبيرة من فقهاء البلاط فالتصوف خطورته تكمن بأنه عابر للأديان ويمكن أن تؤدي بعض نتائجه الاساسية إلى الإلحاد لماتحمله هذه النتائج من مخالفه واضحة للعقيدة الحقة ، أما العرفان فهو متأثر كثيراً بهذا السلوك وكذلك المعتقد إن لم نقل منصهر فيه ونشاهد هذه الحقيقة في المصادر الرئيسية له فهو لا يُخفي إتخاذ إبن عربي في فتوحاته وفصوصه كأساس يعتمد عليه وكذلك يتقبل نظرياته وتنظيراته وتوجيهاته بقبول حسن بل يتعدى ذلك إلى تبنيها والسير وفقها ووضعوا له من الألقاب مالم توضع لغيره ، وكذلك ذهبوا لابعد من ذلك حيث جاؤوا بأكذوبة أسسوا لها وصدقها اتباعهم وهي أن التصوف أحد فروع التشيع والحال أن بين التصوف والتشيع محنة كبيرة حيث ورد في النصوص الشريفة عن أئمتنا "عليهم السلام"أنهم يسمونهم الأعداء فقد ورد عن البزنطي عن الامام الرضا عليه السلام قال:-قال رجل من أصحابنا للامام الصادق جعفر بن محمد "عليهما السلام"قد ظهر في هذا الزمان قومٌ يُقال لهم الصوفية، فما تقول فيهم؟قال:-إنهم أعداؤنا
فمن مال إليهم فهو منهم ويُحشر معهم وسيڪون أقوام يدّعون حُبنا ويميلون إليهم ويتشبّهون بهم ويلقّبون أنفسهم بلقبهم ويأوّلون أقوالهم
ألا فمن مال إليهم فليس منا وإنا منه براءومن أنڪرهم وردّ عليهم ڪان ڪمن جاهد الڪُفاربين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله)"-مستدرك الوسائل -
فكيف يمكن لهذه الفئة أن تكون جزءا من التشيع وأئمة الهدى "عليهم السلام" هذه مقالتهم فيهم ، وعند مراجعة ماكتبه أتباع مدرسة العرفاء والمدافعين عنهم ، نجدهم لايخرجون عن دائرة التصوف مفهوما واعتقادا ، وهذا مايجعلنا لا نقبل هذه المدرسة ونتائجها كوننا مأمورون بإتباع هدي الثقلين الكتاب المجيد والعترة الطاهرة "عليهم السلام " حيث جعلونا على الجادة واعطونا خطوط عامة نجعلها ميزان في القبول والرد ، لا أن تترك احاديث اهل البيت "عليهم السلام " الذين هم عدل القرآن وماجاءووا به من تعاليم حقة لصالح أوهام وهرطقات عبرت إلينا من أمم أخرى أغلبها غارقة بالضلال والشبهات والتحريفات ، فلا بد من تحديد مرجعية ما يطرح في الساحة الفكرية والعقدية حتى تتضح جذوره وأهدافه ، ولنا أسوة بعد المعصومين "عليهم السلام " بفقهائنا الاعاظم الذين نبذوا هذه الضلالات وألفوا في الرد عليها المؤلفات وصنفوا البحوث والدراسات ليدفعوا عن أتباع الحق وهدي الثقلين هذه الشبهات ولنا بما جاء عن أهل البيت "عليهم السلام " نور نقتدي به ، فقد حذروا من هذه الطريقة وجعلوا حتى الميل إليهم باشكاله أمر مشكل ومرفوض فما بالك بالتشبه بهم ؟! و ترديد ماجاؤوا به والاقتداء بهم ، طبعاً النهي شديد في أتباع هذا الطريق ولاتقبله جميع التبريرات والمحاولات من تخفيف الهوة وتقريب المسافة فلسنا نختلف معهم في مسألة فقهية اجتهادية حتى نتجاوزها ونطوي كشحا عنها بل الاختلاف حاصل في أمهات المسائل الاعتقادية وآلية السلوك ، وهذا لايجعل سبيل لقبول مايطرحونه من اعتقادات ومفاهيم ، من قبيل نظرية وحدة الوجود والموجود الكفرية بصورها الثلاث وخصوصاً يشتد ضلالها وكفرها في وحدة الوجود والموجود الشخصية الذاتية وسنقف إن شاء الله عليها بالتفصيل في مقال آخر ....
|