خلال اليومين القادمين سيحمل جدول اعمال جلسة مجلس النواب القراءة الاولى لمقترح قانون النشيد الوطني العراقي، هذا القانون الذي بقي مثار جدل طيلة التسع سنوات الماضية، والذي طال انتظاره بحسب رأي رئيس لجنة الثقافة والاعلام السيد علي الشلاه الذي اعلن ان القانون سيتضمن ثلاثة مقترحات لنصوص شعرية هي (سلام على هضبات العراق) للشاعر محمد مهدي الجواهري و(غريب على الخليج) لبدر شاكر السياب وقصيدة (وطني المجد) لمحمد مهدي البصير.
واخيراً بعد كل هذه السنوات من المخاض العسير سيرى هذا القانون النور ليُحسم الامر لسادس نشيد وطني في تأريخ العراق منذ عشرينيات القرن الماضي، بعد مداولات قُدمت فيها مقترحات كثيرة، كاضافة بعض الابيات الشعرية باللغتين الكردية والتركمانية الى النشيد او مقترح اضافة عبارة (عاش العراق) باللغات العربية والكردية والتركمانية في نهايته .
ومن المؤكد ان تقديم هذه المقترحات ليس بالعامل السلبي فالوصول الى نشيد وطني يحضى بقبول الغالبية امر مطلوب، كما تؤكد هذه المقترحات حرص الجميع ان يمثل السلام الوطني العراقي مكونات الشعب باكمله.
ان هذا القانون لايقل اهمية عن بقية القوانين الاخرى، لكون ان النشيد الوطني يعبر عن هوية البلد حسب الاعراف الدولية والمفاهيم، ويمثل اضافة الى علم الدولة رمز من رموز الاعتراف والسيادة للدولة.
وبطبيعة الحال يخضع النشيد الوطني وعلم الدولة الى مسلسل المتغيرات السياسية عند حدوث الإنقلابٍات أو تغيير نظام الحكم في البلاد، فقد تم تغيير النشيد الوطني العراقي خمس مرات من قبل، كما هو الحال بالنسبة للعلم العراقي وفقاً للظروف والمتغيرات السياسية التي شهدها البلد.
فعندما تولى الملك فيصل الأول الملكية في العراق كان السلام الملكي لا يتعدى ان يكون لحناً بسيطا بدون كلمات، وبعد ثورة 1958 كان لابد من إجراء تغيير على السلام الملكي وتحويله إلى سلام جمهوري وكان السلام الجمهوري حينها لحنا أيضا بلا كلمات ، وبعد وصول البعث إلى السلطة عام 1963، تم اعتماد النشيد (والله زمان ياسلاحي)، وفي العام 1981 اُعتمد نشيد من كلمات الشاعر شفيق الكمالي ليكون النشيد الوطني للعراق، بعدها اعتمدت أنشودة (موطني) كنشيد وطني بعد عام 2003 وهي من كلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان التي كتبها عام 1934، وما زال هذا النشيد معتمداً الى يومنا هذا.
وبرغم ان قصيدة الشاعر الكبير الجواهري (سلام على هضبات العراق) هي الاكثر قبولا ويتفق عليها الكثير من البرلمانيين لتكون نشيدا وطنيا للعراق، كنت اتمنى ان يكون السلام الوطني الجديد لاحد الشعراء اللذين عاشوا الفترة التي تلت عام 2003 ليُكتب بمضمون كبير يوازي حجم المعاناة والمواقف التي مر بها الشعب العراقي خلال السنوات الاخيرة ، وان يتضمن النشيد التغنّي بجميع اطياف العراق المختلفة وتنوّعه الثقافي والجغرافي وعمقه التأريخي وطموح ابناءه وتمسكهم ببناء الوطن على أسس ومفاهيم جديدة.
|