قال الإمام الباقر (ع): ((من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه)).
إن التمرجع ظاهرة تمتد إلى عهد أهل البيت (ع) فحيث اقترن الفقه بكونه علما يورث الشرف ورجوع الناس إلى المفتي وتكريمه وتقديره صارت مساحة الفقه من المساحات التي يزاحم الصالحين والمخلصين فيها عشرات المدعين والباحثين عن الدنيا، ولذا إذا رجعنا إلى العصور الإسلامية الأولى وجدنا الكثير من الأشخاص المدعين زيفا وكذبا، وليست هذه الظاهرة جديدة على المجتمع الإسلامي والشيعي بل حاول الكثيرون أن يكونوا من قطاع الطرق على الناس الذين يسعى بعضهم إلى النجاة من خلال التمسك بالحجة الشرعية، وقد برزت أسماء كثيرة تبرأ منهم أهل البيت (ع) وأشاروا إلى انحرافهم.
ولذا علينا أن نعرف أننا نتعامل مع صفة موجودة عند الإنسان وليست حالة من الحساسية المفرطة في التعامل مع من يدعي العلم في الفقه وغيره من المجالات التخصصية التي يرجى فيها النفع المادي والوجاهة، وكانت تجربة وباء كورونا القريبة العهد قد أفرزت لنا عدة من المدعين في الطب الذين غرروا بالناس جهلا وعمدا حبا للظهور والشهرة.
وعليه :
1. إن التمرجع ظاهرة قديمة كان بعض شخوصها مستعدين لمزاحمة المعصوم وخيرة تلامذته، فكيف في عهدنا الذي يخلو من ظهور المعصوم والذي يتيح للناس أكثر مساحة وأفسح مجال للادعاء.
2. إن ادعاء العلم ليس حالة مختصة بالمجالات الدينية بل الباحثون عن الوجود والظهور يقتحمون مختلف المجالات بلا تورع لأجل دنياهم .
3. إن كشف زيف المدعي ليس ردة فعل أو حساسية بل هو حالة صحية تؤسس لسلامة اجتماعية كما حصل في الوباء فلولا كشف زييف بعض الجهال لتسببوا بأضرار أكبر من التي تسببوا بها.
4. إن كشف المدعي (المتمرجع) عمل قام به أهل البيت (ع) في مختلف الأزمان وكذلك قام به علماء أهل البيت (ع).
5. إن المتمرجعين على أنواع منهم من يكون مفضوحا تماما ومنهم من يتلون ويتعامل مع الظروف المحيطة لكن ذلك لا يعني أن نكون في غفلة عنهم أو تنبيه المجتمع إلى مخاطرهم.
6. لكل صاحب دعوة أتباع مهما انحرف فالأخبث من المتمرجع كمدعي الإمامة حصلوا على الأتباع فكيف بمن هم أقل كذبا منهم وأكثر سياسة؟
ولذا من الطبيعي أن يقابل المحق بهجوم من أدوات ومنتفعين من المتمرجع خصوصا إذا كان يملك وزارات وعقود تجارية ومحافظات ويسأل بنفسه عن (المالات) فينثر منها ما ينثر لتلميع صورته وحزبه وجماعته.
7. بعض المتمرجعين يعمل بطريقة التغلغل الخبيث فكثير من اتباعه العنوان الخاص في العمل كعنوان الحزب أو المرجعية المكذوبة ويعملون للتغلغل بين المؤمنين وبين بعض التيارات لأجل الحصول على جمهور وأتباع أكثر للمستقبل فلا بد من أن نأخذ الحيطة والحذر من أمثال هؤلاء.
فإنهم يريدون أن يقدموا أنفسهم كأداة لابد منها فإذا اكتشفت زيفهم رفضت مقاطعة انحرافهم لأنهم قدموا ما يسمونه خدمة عامة ، كما يقوم بعضهم بالدفاع عن الحوزة لكنه حين يجد الفرصة مناسبة أو يجد المتمرجع في خطر تجده يكشر عن أنيابه ويتهم الشخصيات الصالحة بمختلف التهم ويتهجم على المرجعية العليا والحوزة العلمية بمختلف الإساءات.
والمتمرجع من أشد الناس سرقة حيث انه يسرق كل جهد وينسب لنفسه وجماعته كثيرا من جهود المؤمنين في حملات التوعية والتثقيف وينسبونها لأنفسهم فهم يبحثون عن اثبات الوجود بكل ما يقدرون.
وأخيرا إن الحوزة العملية من الإنصاف بمكان مكين حيث ظهر في الستينيات شخص ادعى المرجعية واقتحم مساحتها وهو من أهل الدرس والعلم والتأليف وليس شخصا فارغا تماما وإلى اليوم إذا ذكر في الحوزة يقولون للأسف كان يملك من العلم شيئا لكنه استعجل، فالحوزة ليست عديمة الإنصاف حتى تتهم المتمرجع بل هي تبين حاله ولو كان المتمرجع عالما لم تتوقف الحوزة في أن تقول إنه عالم، لكن صاحبكم جاهل عامل بالسياسة.
|