
يرى خبراء بأن طريق التنمية واحد من المشاريع والفرص الاقتصادية المهمة للعراق والمنطقة، مشيرين إلى أهمية استثمار هذه الفرصة، خاصة مع أهمية الموقع الاستراتيجي للعراق.
وقال الخبير الاقتصادي، أسامة التميمي، “إن طريق التنمية واحد من المشاريع والفرص الاقتصادية المهمة للعراق والمنطقة، وهو يأتي في ذروة الصراع بين الشرق والغرب للسيطرة على المنطقة والفوز بنهاية المطاف بالصراع الاقتصادي لقيادة العالم المستقبلي الجديد”.
بناء قاعدة اقتصادية مستدامة
وأضاف، أنه “بما أن العراق يشكّل واحدة من الحلقات المهمة لهذا الطريق، فعليه استغلال الفرصة بأفضل الطرق وبناء قاعدة اقتصادية مستدامة للأجيال من خلال عدم جعل العراق ممراً للتجارة فحسب وإنما تقديم فرص استثمارية حقيقية فاعلة للدول الناشطة بهذا المشروع عبر إقامة نشاطات اقتصادية مختلفة، وعدم الاقتصار على عملية النقل فقط لأنه بهذه الطريقة يقتل المشروع” .
وأوضح، أن “هناك الكثير من الدول التي بدأت تبحث عن إقامة مناطق صناعية وتبادل تجاري مثل السعودية والأردن وتركيا والصين، وعلى العراق استغلال الفرصة والانتقال إلى مرحلة جديدة من الاقتصاد المنوّع، كما أن عليه إكمال المشاريع المكملة لطريق التنمية من جوانب مختلفة، فعلى سببل المثال يجب تحديث خارطة الري والسدود وتحسين الواقع الزراعي والانتاج الحيواني، فضلاً عن تحسين الصناعات التحويلية عبر الاستفادة من التجارب الصينية في النهوض الاقتصادي، وتفعيل قوانين أفضل للاستثمار جاذبة لرؤوس الأموال” .
اهتمامات دولية بالمشروع
وأضاف التميمي، أن “هناك العديد من الدول تجري حالياً زيارات ومباحثات مع الحكومة العراقية بشأن طريق التنمية، في مقدمتها تركيا التي تعتبر نفسها شريكاً رئيساً في المشروع، فضلاً عن اهتمام الإمارات العربية المتحدة وزيارة مسؤوليها لبغداد” .
من جانبه، قال المحلل السياسي، محمد صلاح، إن “طريق التنمية طريق حيوي ومهم جداً للعراق وللمنطقة والعالم، ولاسيما بعد تأكيد رئيس مجلس الوزراء على أهميته، وكذلك تأكيد وزير النقل على الفائدة العظيمة التي ستعود على العراق من خلال هذا الطريق الذي سيربط المنطقة بشرق آسيا، وأنه سيعود بمردود اقتصادي كبير إضافي للموازنة العامة، إضافة إلى إنشاء مدن صناعية على الطريق، وعند اكتمال مشروع الفاو ستنتقل الشاحنات الناقلة للبضائع من خلال الطريق بين تركيا وآسيا وشرق أوروبا” .
فوائد اقتصادية وتجارية
وتوقع صلاح، أن يدر مشروع “طريق التنمية” قرابة 74 مليار دولار سنوياً، مؤكداً أن “للمشروع فوائد اقتصادية وتجارية، وأن البلد سينفتح من خلال هذا الطريق على العالم، وسوف تخلق الكثير من الأبواب والموارد الاقتصادية الجديدة للعراق، إضافة إلى خلق فرص عمل للأيدي العاملة الشابة وتقليل البطالة وإحياء المناطق التي لم توفر لها فرصة أعمال جديدة، وهي سياسة تهدف لانفتاح العراق على آفاق جديدة من التجارة العالمية”.
وكان رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد كشف عن المشروع خلال مؤتمر عقد في بغداد مع مسؤولي النقل من دول الجوار، في أواخر مايو 2023.
وسمي المشروع في البداية باسم “القناة الجافة” وتم تغيير اسمه إلى “طريق التنمية” خلال لقاء بين الرئيس العراقي ونظيره التركي في مارس 2023.
ويبدأ المشروع من ميناء الفاو في مدينة البصرة جنوبي العراق، مروراً بمدن الديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل، ثم يدخل الأراضي التركية من قرية أوواكوي التابعة لولاية شرناق جنوب شرق تركيا، وصولاً إلى ميناء مرسين على البحر المتوسط، ومنه إلى أوروبا.
ومن المتوقع أن يبلغ طول السكك الحديدية والطرق السريعة التي تربط بين ميناء الفاو والحدود التركية 1200 كيلومتر، بتكلفة تصل إلى 17 مليار دولار.
ومن المرتقب أن يشارك في المشروع بالإضافة إلى تركيا والعراق، عدد من دول المنطقة، فيما من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع عام 2028، والثانية في 2033، والثالثة في 2050.
تركيا وطريق التنمية
ويعد طريق التنمية من المشاريع المهمة الذي تدفع باتجاهه تركيا، لتعزيزه للاقتصاد التركي بشكل كبير ، اذ يشير الخبراء ان هذا الطريق يمكن ان يدر على تركيا مردودًا ماليًا كبيرًا، يضاهي المردود المالي الذي تجنيه الدول النفطية.
ويشغل المشروع مكانة مهمة في أجندة اللقاءات التركية العراقية على أعلى المستويات، إذ أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في 13 سبتمبر 2023، أن بلاده تجري مفاوضات مكثّفة مع العراق، والإمارات، وقطر بشأن المشروع.
وسيطر المشروع على المحادثات التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة العشرين التي عقدت في العاصمة الهندية نيودلهي، في الشهر ذاته.
كذلك أعلن المكتب الإعلامي لمجلس الوزراء العراقي في 14 ايلول 2023، أن وزير الدولة الإماراتي خليفة شاهين، أعرب عن رغبة بلاده في المشاركة في المشروع لما له من أهمية لجميع دول المنطقة.
وقال الباحث في جامعة البوسفور، إبراهيم أنس أوغلو، “إن تركيا هي بوابة الشرق للغرب، وبوابة الغرب للشرق، ربما ينجح المشروع بالفعل، وربما يكون مجرد دعاية، لكن الأكيد هو أن تركيا والعراق شريكان استراتيجيان”.
الرغبات التركية والمصالح العراقية
الا ان العراق لا يمكن ان يحقق لتركيا رغبتها، بحسب مراقبين، إلا اذا ما انهت الاخيرة بعض الملفات التي تهم الجانب العراقي، منها تحركاتها العسكرية التي تضر بالعراق، وكذلك حل مسالة حصة العراق المائية من نهري دجلة والفرات.
وتدفع الكتل السياسية باتجاه الضغط على الحكومة من اجل وضع هذه الملفات كمحور اساسي بالمفاوضات بين العراق وتركيا اثناء زيارة الرئيس التركي للعراق المرتقبة.
ورأى عضو ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي، في حديث، ان “تركيا تسعى الى افشال مخطط الشركة الإيطالية المتعلق بجغرافية طريق التنمية الذي يبدأ من جنوب العراق الى سوريا ومن ثم الى اوربا عبر ميناء بانياس وهذا المخطط ليس بصالح الجانب التركي”.
وأضاف ان “الجانب التركي يحاول تغيير مسار هذا الطريق الحيوي ليمر عبر الأراضي التركية ومن ثم الى اوربا، لذلك ادركت تركيا ان حل ملفي المياه والامن هو السبيل الوحيد الذي يحقق الهدف التركي بتحويل الطريق عبر أراضيها “.
المصدر: المعلومة
|