• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : السقيفة الحدث المأساوي في حياة الأمة  بعد وفاة الرسول(صلى) الكاتب السعودي الشيخ  حسن بن فرحان المالكي .
                          • الكاتب : د . راجي العوادي .

السقيفة الحدث المأساوي في حياة الأمة  بعد وفاة الرسول(صلى) الكاتب السعودي الشيخ  حسن بن فرحان المالكي

 تقديم :
على مدى أربعة عشر قرنا بقيت حادثة السقيفة محل خلاف بين أتباع مذهب آهل البيت عليهم السلام وباقي المسلمين من المذاهب الأخرى في مشروعيتها وصلاحها وما رافقها وما نتج عنها من أفعال , فيرى الطرف الأول وهو الحق أنها مناوره سياسيه غصبت حق آهل البيت باستبعاد الأمام علي (ع) عن مكانه الطبيعي الذي شرفه الله ورسوله به لإدارة آمر الأمة بعد فقدان رسول الله (صلى) بدليل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتواترة , في حين يرى الآخرون أنها حدث طبيعي ومسار صحيح فينفون دلالات تلك الآيات القرآنية ويضعفون الروايات والأحاديث النبوية ويدفعوها عن واقعها الطبيعي بل ينكرون بعض الأفعال التي رافقتها ونتجت عنها كاقتحام بيت البضعة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) لإلزام الأمام علي (ع) وبني هاشم بالبيعة كرها .
 اليوم نطًلع على رأي الشيخ حسن بن فرحان المالكي باحث أسلامي جدير ومحقق كبير من مذهب أهل السنة اتصفت كتاباته بالموضوعية والأنصاف استطاع بتحقيقه العلمي ان يرفع كثير من الشبهات التي وضعت من قبل أعداء مذهب آهل البيت ومنها تحقيقه في تكذيب شخصية عبد الله بن سبا وصحة أسلام أبي طالب (ع) وفضح الإسلام الأموي....معاوية فرعون هذه الأمة , مثالب معاوية بن أبي سفيان , حقيقة أسلام معاوية , معاوية مات على غير الإسلام , صحابة بدريون منافقون , كما حقق الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي هي من أساسيات مذهب آهل البيت التي يحتج بها على الخصوم وبين صحتها وتواترها واليكم ما تفضل به على شكل تغريدات في توتير وال فيسبوك والتي جمعتها بهذه الكيفية لتحليله حادثة السقيفة بنظره موضوعيه منصفه بعيدا عن النفس الطائفي الذي اعتدنا ان نسمعه من الآخرين على مدى قرون فجزاه الله خير الجزاء لصدقه وعدله وأنصافه وحبه لأهل البيت وبيان حقهم واستحقاقهم بشجاعة قل نظيرها لأنه يعيش في عاصمة بلد النواصب ويتحدى منهجهم التكفيري في عقر دارهم .


                                                                                     
السقيفة من الأحداث التي لم ندرسها جيداً ، بل أدخلناها في المحظورات المذهبية , يوم السقيفة ولو كان هذا اليوم في أي أمة أخرى لقتلوها بحثا ونقدا , هذه السقيفة نتج عنها نظريات سياسية وممارسات اجتماعية واقتصادية ثم استخرج منها الناس بعد ذلك عقائد وسلوك ومذاهب .
سقيفة بني ساعده ( بيت من بيوت الخزرج) غرب المسجد النبوي كان فيها أول حدث سياسي كبير بعد وفاة النبي (ص) كما هو مشهور.
 لقد زعم التاريخ أن الأنصار (اجتمعت بأسرها) في تلك السقيفة يريدون بيعة سعد بن عبادة الأنصاري!! هكذا (الأنصار بأسرها لا يتفق مع عدد الأنصار يومئذ (كانوا نحو ٥٠٠٠ ) ولا مساحة السقيفة التي قد لا تستوعب العشرين فردا. لقد زعم التاريخ أيضا أن الأنصار)
أرادوا بيعة سعد بن عبادة خليفة للمسلمين! وهذا فيه شك كبير ولا يصمد للنقد والرجل كان مريضا مقعدا. والظاهر أن لقاء الأنصار كان تشاوريا بعد أن أحسوا أن قريشا - وفق أحداث الرزية وجيش أسامة- لن تدفع الأمر للموصى إليه يوم الغدير. لا سيما بعد أن رأى الأنصار هذا العصيان المدني الذي امتد من التخاذل عن جيش أسامة إلى منع النبي عليه الصلاة والسلام من كتابة كتاب لا تضل بعده الأمة. هذه هي الصورة والظروف العامة التي أحاطت باجتماع سعد بن عبادة وأصحابه في السقيفة قبل مجئ أبي بكر وعمر وأبي عبيدة
لابد من ربط الأحداث ببعضها ، لأنها حدثت في زمن واحد تقريباً ، وفي مدينة صغيرة لا تتعدى مساحتها حي من الأحياء اليوم ، ولا مهرب من الربط. والذين يحاولون أن يضخموا الأمر بأن هذا يستلزم تكفيرا لا يقولون هذا عندما يصف القرآن الصحابة بالعصيان في أحد مثلا ، فما الفرق ؟
بل التخلف عن جيش أسامة بضعة عشر يوما هو عصيان باتفاق السنة والشيعة ، فهل نكفرهم بهذا العصيان والتخاذل ؟ كلا هي معصية كسائر ألمعاص والمعصية تكفرها عشر خصال ، ذكرها ابن تيمية  منها: التوبة والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ...  فلماذا الخوف من الإقرار بالمعصية ؟
نعم نستطيع التماس الأعذار لفرار بعض الصحابة يوم أحد ويوم حنين وظنهم بالله الظنونا يوم الأحزاب دون أن ننازع النص نفسه أو نكتمه يجب أن ينتبه الباحثون من نسبة بعض هذه الحوادث إلى العهد النبوي؛ فإن
 السلفية فيما بعد نسبت إلى النبي بعض العنف حماية لأبي بكر كقصة أم قرفة مثلا ، التي ربطوا رجليها على فرسين وتم شقها نصفين ، فهذه الحادثة كانت أيام أبي بكر، إلا أنها لبشاعتها نسبوها إلى النبي!(ص) لأنهم عجزوا عن المدافعة عن سلطة أبي بكر في هذه القتلة الشنيعة لهذه المرأة فاختاروا أن يجعلوها في ظهر النبي ، وأن القصة في عهده! والواجب على السلفية أن تقول: مهما كان حبنا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه إلا أننا لن ندافع عن عهده باتهام عهد النبي أبدا. بل حتى الجرائم في العهد الأموي اخترع لها وعاظهم أحاديث تبررها شرعا حتى يقال: (هذه الشناعات قد فعلها النبي)! فيسكت الناس! والحريص على سمعة النبي لا يرضى أن ينسب إليه أحد ما ارتكبته الخلافة بعده ، لا يجوز اتخاذه عتبة واطية لأخطاء الخلافة وتجاوزاتها وكنت أتمنى من العلماء الذين هرعوا للدفاع عن النبي ضد الرسوم الدنمركية أن يخصصوا من وقتهم قليلا ليعرفوا مصدر التشويه للنبي ؟
إن القرآن والنبي (ص) محبوسان داخل التراث الروائي؛ والتراث الروائي يحب الاعتذار عن مظالم وشناعات السلطة بنسبتها إلى الكتاب والسنة .!
وجهة نظر الأنصار هم لما راءوا الأمر مصروفا عن بني هاشم ثم عن أول الناس إسلاما وقربا وفضلا وهو الإمام علي (ع) فقد رأوا أنهم أولى , فالمهاجرون وسائر قريش ضيوف عندهم ولا يحق للضيف أن يتولى على المدينة ، فضلا عن غيرها ، لا سيما وأن الطلقاء أصبحوا أكثرية قريش فكان عدد الطلقاء في المدينة نحو ٢٠٠٠ والمهاجرون ٧٠٠ فقط وثارات بدر وأحد لم تخمد نيرانها في القلوب، والخوف من انتقام قريش قائم لا أظن أن الأنصار يبخسون أبا بكر وعمر وأمثالهم حقهم ، لكنهم توجسوا من أمرين : اجتماع قريش عليهم  والعصيان المدني الذي أظهرته قريش ولو أن الإمام علي (ع) هو من ذهب للسقيفة ، لسلم الأنصار بحجته بسهولة ، إذ يكفي أن يذكرهم بوصية الغدير حتى يزحف سعد بن عبادة ويبايعه. فقد كان للإمام علي مكانة مرموقة عند الأنصار، وقد كان شريكهم في قتل كفار قريش ببدر وأحد ، وحقد قريش على علي والأنصار مشهور لكن الطلقاء لا يستطيعون بيعة خالد بن الوليد مثلا ، ولا أبي سفيان ، فكان لابد من اختيار صحابة سابقين ، وإن كانت قبائلهم ضعيفة ليدفعوا بها في وجه الأنصار وبني هاشم معا فلذلك صاح صائح الأنصار يوم السقيفة (أما أنه لو كان علي هنا لما نفسنا عليه الأمر) وأما علي وبنو هاشم فقد كانوا منشغلين بمصيبتهم الكبرى ، وهي وفاة النبي ص لقد أشغلتهم هذه المصيبة عن الهرولة للسقيفة والمخاصمة .!
لقد أظلمت الدنيا على أهل بيت النبوة ، ولم يكونوا يعلمون أن المهاجرين والأنصار في هذا النزاع الشرس على السلطة لدرجة أن الحرب كادت أن تقع . لقد نزلت بهم المصيبة، فهذه فاطمة النبوية تبكي وتندب ، وهذا علي يتولى الغسل والدفن، وهذا الفضل بن العباس ، وهذان الطفلان مذهولان ...الخ. إنها لحظات عاطفية جياشة، ومن لا يشارك أهل بيت النبي في تصور هذا المصاب الجلل ، فلا قلب له. لقد بدأ الخط التنازلي لهذا البيت الكريم. تم كل شئ ، البيعة الأولى في السقيفة (بيعة الفلتة) والخروج إلى الناس بالبيعة ومطالبتهم بها، والاستعانة بقبيلة أسلم في تثبيت البيعة. هذه كلها لا نعقل حدوثها لو مات شيخ قبيلة، فكيف برسول البشرية؟ ارجو أن نحكم العقل والضمير لنفهم القصة فقط لا لشئ آخر، 
لنفهم اولاً! ان الشورى انها كانت لافته لصرف النص النبوي فقط ثم اتى النص الاموي ليصرف اللافتة وأول سلبيات السقيفة على المسلمين هو تضخيم السلطة فقد هرع أصحاب السقيفة إليها والنبي (ص) لم يُغسل بعد ولم يُصل عليه  ولم يدفن فكانت
١-  تضخيم السلطة:  في النفوس كان غير عادي  وقد بقي هذا الأثر في المسلمين إلى اليوم  ولا يوجد نظير هذا في أمة من الأمم
2-  تجفيف العاطفة:  وهي نتيجة طبيعية من نتائج تضخم السلطة وسيطرتها على الاهتمام وقد بقي هذا الأثر في الأمة إلى اليوم . ويختم قوله أنا شخصيا لو يموت جاري لما استطعت أن أرفع صوتي على أولادي؛ فكيف نعقل هذه الخصومات في السقيفة والنبي (ص )..( للتو .. مات؟!! ويقول شيخنا المالكي الإمام علي (ع) أكثر الصحابة أهلية للخلافة علمًا وفضلاً وزهدًا وشجاعةً وبيتًا بل وتجربة سياسية وقضائية وإدارية وعسكرية, فقد ولي اليمن كله.
كان الإمام علي في عهد النبي ناجحاً على المستوى السياسي والإداري والقضائي والعسكري في ولايته على اليمن وقيادته الجيوش، فالفشل من الناس ، بل من سبقه من الخلفاء لم يكن لهم تجربة أدارية في عهد النبي الكريم ، فلم يتولوا ولاية ، ولم يقودوا جيشا ، فالأمام علي - سياسيا- هو الأكفأ ، وكان محمودًا من النبي في ولايته على اليمن في السنة العاشرة من الهجرة والذين يطالبونه بالمداهنة واتخاذ المضلين عضدا هو أعلم منهم 
إذن لو توحد المسلمون حوله لما وقع للدين ما وقع ولكن هي الأهواء وحب السلطة لدى عرب قريش التي جعلتهم يذمون بني هاشم وفضلهم .
يظهر أنه حصل ما يسمى علميا (التلفيق) بين الأدلة أي استخدام أكثر من معيار إلى المنتصف! ثم قطعه والانتقال لمعيار آخر! وهذا ظاهر, فلا المعيار القبلي أمضوه حتى النهاية ولا معيار النص ادعوه في السقيفة ولا فكروا في (الانتخاب) ولا حصلت (شورى) وإنما خصومة , ولذلك تضررت النظرية السياسية الإسلامية من حادثة السقيفة لأن النظرية جعلت من التاريخ شرعا وأهملت التأصيل الشرعي من النصوص .
خصومنا هؤلاء يغضبون من كل النصوص التي فيها أن النبي أوصى لعلي ، متظاهرين بأن الإسلام مع الشورى وليس احتكار السلطة ! أتعلمون الله بدينكم ؟! 
المفترض في المسلم لله إذا بحث أمرا أن يكون مستعدا لكل الاحتمالات ، فإن وجد في الأمر وصية فليؤمن بها ، وإذا وجد في الأمر شورى فليؤمن بها . 
أما أن يحارب الوصية إن صدرت من نبي ، ويباركها إن صدرت من خليفة ، فهذا تحكم !! 
لن يذهب النبي ويترك أمته دون أن يبين لهم ما يتقون .
إذاً فمن نتائج السقيفة سقوط مجموعتين كانتا مرموقتين في عهد النبي ص، وهما: الأنصار وبني هاشم، إذ أصبحتا من هوامش المجتمع ، وهذا ظاهر. كما أن التكفير والحكم بالجنة والنار بدأ يشق طريقه من حادثتين مشهورتين، وقد كان النبي يقاوم التكفير والتأليه على الله أشد المقاومة. أما الحادثة الأولى: فاعتبار مانعي الزكاة كفارا مرتدين وهم إنما منعوها عن بيت المال المركزي ولم يمنعوها بالكلية وغايتهم المعصية .
.النار وأما الحادثة الثانية: فكان أبو بكر لا يقبل من القبائل المهزومة توبة حتى يشهدوا أن قتلاهم في النار وقتلى الخلافة في الجنة!وهذا فكر خطر، لأن النبي وهو نبي لا يحكم لكل من قتل معه بالجنة  ويكرر أن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فقط، فهو في سبيل الله. إذاً فالسقيفة على المستوى السياسي أخلت بالتوازنات الاجتماعية التي كانت موجودة في العهد النبوي فيما يتعلق بالأنصار وبني هاشم  وعلى المستوى المعرفي زادت الجرأة في التكفير والحكم بالنار على المخالفين من المسلمين وتزكية جند الخلافة وأنهم كلهم في الجنة , العنف واتخذ العنف أشكالا مختلفة في عهد 
أبي بكر، من التحريق والتمثيل ...الخ. ومن نماذج ذلك تحريق الفجاءة السلمي، وشق أم قرفة نصفين!
من الآثار الفقهية المترتبة على السقيفة: أن الحديث أصبح يرد القرآن، والحديث لا يلزم اتهام صاحبه ، لكن قد يسمع ويهم بعكس القرآن ومثال ذلك حديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) وفي لفظ: (ما تركنا صدقة) فهذا الحديث مخالف للقرآن تماما فالله تعالى يقول: {وورث سليمان داوود} وقال على لسان زكريا: {وهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} لكن السلطة تمسكت بالحديث. ثم اتت السلفية بحل لم يخطر 
على بال السلطة يومئذ وهو أن المراد بالوراثة في الآيات: وراثة النبوة لا وراثة المال! ورضي الناس فورا !! ولم يراجعوا سياق الآيات كقول زكريا معللا طلبه: {وإني خفت الموالي من ورائي} فهل خافهم على النبوة؟ ثم لم يتساءل هؤلاء المدافعون عن سرّ بقاء أمهات المؤمنين في بيوت النبي ص، أليس الأولى ألا يرثنها وتكون تلك البيوت صدقة ؟ 
ثم فصّلوا أحاديث تقول: (لا يرث أهل بيتي شيئا وما تركته فهو لزوجاتي وعمالي)! أو بمعناه وصححوه! فهذا الحديث لأبي هريرة مفصل سياسياً. 
إذاً فالخلاصة هنا: أننا لا تريد هضم حق الخلافة، ولا حق أبي بكر وعمر، ولا سابقتهم ولا فضلهم، لكن هذا شئ، واتخاذ أفعالهم دينا شئ آخر
انظروا كتب الإمامة والأحكام السلطانية ومقدار الحرج الذي يسكن مؤلفيها في كلامهم عن البيعة والشورى وأهل الحل والعقد... الخ. ولا يستطيع المسلمون تقديم نظرية سياسية إسلامية مادام أن التاريخ عندهم مصدر من مصادر التشريع ، بل لعله المصدر الأكثر تفعيلا للأسف. بل إن رهبة المسلمين من السقيفة قد جعلهم يعرضون عن معايير القرآن ونصوص السنة الممتلئة بالحرية والعلم والمعرفة.
إذاً لو تتم دراسة ثلاثة أشهر فقط من يوم الغدير في ١٨/ ١٢ / ١٠ إلى يوم الوفاة ١٢/ ٣ / ١١ لاكتشفنا عصيانا مدنيا ، أشهره جيش أسامة. وهذا العصيان ليس كفرا هو عصيان وحسب وقد أثبت الله عصيانا للصحابة في عدة قصص {وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون} فما الفرق؟
إن هذا الإرهاب الفكري الذي تمارسه السلفية ضد كل من يريد أن يرى التاريخ كما هو؛ هو دليل على كراهية الحقيقة والحرص على كتمانها لذلك سنحلل الأمر ونقرأه كما حصل، وكل هذا موجود في الصحيحين سواء السقيفة أو ما سبقها من عصيان ، سواء في جيش أسامة أو يوم الرزية
عندما بلغ أبا بكر وعمر اجتماع السقيفة ، بادروا إليه مسرعين ودخلوا مباشرة في خصومة مع الأنصار، وكان الأولى الهدوء والتريث حتى يتم تشييع الجثمان الطاهر والصلاة عليه ودفنه ، ثم جمع حكماء المهاجرين والأنصار والنظر في الخلافة ، والأولى بها قبيلة أو فردا. فإن كانت قريش هي الأولى من الأنصار، فعلى أي معيار؟ إذا كان المعيار هو قربهم من النبي فبنو هاشم أقربهم إلى النبي؟ هذا المعيار الجماعي دون معيار الفرد، أعني معيار قريش الذي طرحته في وجه الأنصار، هو القرشية لكونها القبيلة التي منها النبي (ص) نفسه! هذا المعيار يجب دراسته هل هو معيار صحيح أم لا؟ وهل هناك نصوص ام لا وهل يجوز حصر الإمامة في قبيلة إلى يوم القيامة ام لا ؟ حتى على المستوى القبلي اليوم لا يحق لأي شخص في القبيلة أن يخلف شيخ القبيلة إذا مات ؟ وإنما البيت هو العرف رجل من بيت الشيخ نفسه
إذاً فهذا المعيار القبلي الذي تم طرحه يوم السقيفة في وجوه الأنصار، يفتقد معيار العرف القبلي ، فضلا عن النص ، ولم تظهر يومئذ أحاديث إذاً فهذه مناقشة سريعة للمعيار العام ، معيار القبيلة ، ولم نناقش المعيار الخاص (الأولى بالخلافة) هل هو أبو بكر أم علي أم ابن عبادة ؟
وإني لأستغرب كيف ونحن أبناء قبائل ، لا نتنبه لفساد الاستدلال بهذا المعيار؟ ونحن نعلم يقينا أن هذا لا يحق عرفا لأي فرد في القبيلة .
فإنا إما أن نكون جمهوريين أو قبليين أو نصيين، لا مخرج من هذه المعايير الثلاثة ، وكلها لم تحدث يوم السقيفة!! فالمعيار (الجمهوري) يتطلب انتخابا عاما والمعيار (النصي) يتوجب التسليم للنص والمعيار (القبلي) يقصره على بني هاشم .
فماذا تم يوم السقيفة ؟ بأي معيار تم اختيار أبي بكر؟ وهل احتج أبو بكر بما يحتج له أتباعه اليوم من الصلاة بالناس مثلا ؟
لابد من ربط الأحداث ببعضها ، لأنها حدثت في زمن واحد تقريباً ، وفي مدينة صغيرة لا تتعدى مساحتها حي من الأحياء اليوم ، ولا مهرب من الربط  والذين يحاولون أن يضخموا الأمر بأن هذا يستلزم تكفيرا ، لا يقولون هذا عندما يصف القرآن الصحابة بالعصيان في أحد مثلا ، فما الفرق؟
بل التخلف عن جيش أسامة بضعة عشر يوما هو عصيان بإتفاق السنة والشيعة ، فهل نكفرهم بهذا العصيان والتخاذل ؟ كلا هي معصية كسائر المعاص , والمعصية تكفرها عشر خصال  ذكرها ابن تيمية ، منها: التوبة والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ...الخ ، فلماذا الخوف من الإقرار بالمعصية ؟
نعم نستطيع التماس الأعذار لفرار بعض الصحابة يوم أحد ويوم حنين وظنهم بالله الظنونا يوم الأحزاب دون أن ننازع النص نفسه أو نكتمه .
اما الهجوم على بيت فاطمة من حيث الأصل صحيح ، دون الإغراق في تفاصيل بعضها ضعيف والآخر قد يكون مزيدا ومكذوبا. لكن القدر الصحيح من القصة : أن المهاجمة والتهديد بحرق البيت بمن فيه قد حصل للأسف ، وهي روايات متعددة متضافرة . 
ونحن لا نستحي أن نقول كانت الزهراء بقية النبي صلوات الله عليه وبضعته، قد لقيت ظلما سواء بتهديدها أو بمنعها حقها وغير ذلك , وقد لخصت الزهراء تلك الأحداث بتمثلها ببيت المهلة...لقد كنت اشك في القصة ولكن وجدتها في ثمان طرق ثم وجدتها في ست وثلاثون طريقة وسند نعم حصل الهجوم على بيت فاطمة لان ابو بكر كان يشعر بالضعف لأنه لم يبقى معه الا الطلقاء وقبيلة بنو اسلم ولقد كان متخوفا ومترددا فكان يقدم ويرجع عن الخلافة وكان يريد إرجاع الأمر الى الناس لكن عمر كان يدفع به الى التمسك بموقفه ... لقد ندم ابو بكر أخر أيامه في كشف بيت فاطمه وتمنى ان لم يفعلها ولو أغلق على حرب , ولكن في البداية يجب أن نتذكر بأن فاطمة الزهراء(ع) هي أفضل امرأة في التاريخ البشري ، على خلاف في تفضيلها على مريم. ففاطمة ومريم فقط هنا من أتت النصوص في كل منهما بأنها سيدة نساء أهل الجنة أو سيدة نساء العالمين . 
ويرى البعض أن الله قد ابتلى هذه الأمة ببضعة نبيه (ص) كما ابتلى ثمود بناقة صالح؛ ولا ريب أن فاطمة أكرم عند الله من ناقة ! لذلك فما دأبت عليه بعض المذاهب من إهمال ذك...كل من رزقه الله منكم طفلة تحبه وتحن عليه وتفتقده ، فليتذكر فاطمة الزهراء مع أبيها. فكيف إذا كانت البنت يتيمة الأم ، صغيرة السن ، ووالدها مهدد؟ 
هذه فاطمة الزهراء لمن يريد أن يعرفها ، هذه التي تولت رعاية أبيها طفلة وشاركته حصار الشعب وحصار الخوف والجوع والفقر والأحزان الخ... لأجل هذا كانت بضعة من النبي ، وكانت أم أبيها ، وكانت وديعة المصطفى، وكانت سيدة نساء أهل الجنة ، وكانت أم الذرية الطاهرة ، وكانت ... وكانت و كانت الزهراء هذه  البضعة النبوية كابدت طوال العهد المكي، ثلاثة عشر عاما وهي أكثر النساء لصوقا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الهجرة وبعدها، وأكثرهن مظلومة .
السقيفة أقرت وصية أبي بكر لعمر، بلا شورى، ولم تقرّ وصية النبي لعلي، مع أن الفراغ الذي يتركه النبي أكثر من الفراغ الذي يتركه أبو بكر!
فهل الأمر نص ووصية ؟! أم شورى بين المسلمين؟! هؤلاء لن يجيبوا، سيقولون شورى هنا؛ ووصية هناك، والثقافة المهزوزة لا تبني أمة
خصومنا هؤلاء يغضبون من كل النصوص التي فيها أن النبي أوصى لعلي، متظاهرين بأن الإسلام مع الشورى وليس احتكار السلطة! أتعلمون الله بدينكم؟!
المفترض في المسلم لله إذا بحث أمرا أن يكون مستعدا لكل الاحتمالات ، فإن وجد في الأمر وصية فليؤمن بها، وإذا وجد في الأمر شورى فليؤمن بها.
أما أن يحارب الوصية إن صدرت من نبي ، ويباركها إن صدرت من خليفة ، فهذا تحكم !!
لن يذهب النبي ويترك أمته دون أن يبين لهم ما يتقون.
ثم الناس أحرار! نعم ، لقد جرى توسع في الدماء في حروب مانعي الزكاة؛ وأنصح بقراءة ما كتبه الشافعي في كتابه الأم باب قتال أهل البغي فهو يضئ على هذا. بل بعض من قتلوا في تلك الحروب كان مظلوما ظلما ظاهرا اعترفت به السلفية على استحياء كمالك بن نويرة التميمي وهذا كان قد حضر الغدير. وكان يرى أن الخلافة من حق علي، وحبس زكاته منتظرا رسول علي، وعلم بوصول غيره إلى الخلافة فتوقف، فهذا لا يستحق القتل. فهو اعني مالك بن نويرة لم يرتد ولم يخرج على الخلافة، وفهم الغدير على ظاهره الذي يفهمه أي عربي، فلماذا يقتل وتسلب امرأته؟ وخالد بن الوليد كرر قصة بني جذيمة ، لكن النبي كان قد مات، ولم يجد خالد سلطة تقول: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد)!
وهنا واجب كل حريص على تبرئة الإسلام من أخطاء المسلمين كان الواجب أن يقول الفقهاء : الإسلام يبرأ مما جرى للصحابي مالك بن نويرة .

التعليق
كنت أتمنى وكما اعتدت سابقا بيان مصاديق كلام الشيخ حسن المالكي الذي نشرته على موقع الانترنيت بعد ان استأذنته , ولكن لحساسية الموضوع ولأن الشيخ تناوله بطريقة جامعة مانعة لذا انحصر دورنا في هذا الموضوع بترتيب العبارات واختار عنوانا لها وباقي الكلام بكل مفرداته بالكمال والتمام تعود لفضيلته ................ولكن ان كان لابد للحديث فأنني سأعلق في مسالة قوله :
 لو أن الإمام علي (ع) هو من ذهب للسقيفة  لسلم الأنصار بحجته بسهولة  إذ يكفي أن يذكرهم بوصية الغدير... أي شخص اذا كان لديه أمرا وظيفيا او تجاريا وصادف في هذا اليوم ان فقد عزيزا فبماذا ينشغل في ذلك اليوم ؟ ...طبعا لا يختلف اثنان سيكون الأمر محصور والشخص مشغول بدفن ميته ( اكرام الميت التعجيل بدفنه ) فما قولك اذا كان الميت رسول الله (صلى) خير البشر , والقائم بتجهيزه ابن عنه وربيبه علي بن ابي طالب (ع) فأيهما أولى لعلي ان يهرع للسقيفة ويترك رسول الله مسجى ام يتولى تجهيزه , وحيث الأمام علي (ع) اختار الخيار الثاني الذي هو الأولى والأجدر لمن يبتلى هكذا مصيبة .... اذن الأمام علي فعل الصواب بعينه ومن حضر السقيفة خالف العرف العربي والخلق والذوق قبل مخالفة الشرع ولم يبالي بالحدث الجلل بفقدان الرسول الاعظم (صلى)...اما مسالة تذكيرهم بوصية الغدير فهل القوم بحاجة ان يذكرهم احد بوصية نبيهم وهو لازال لم يغسل ويدفن؟! اي جفاء أبدوه هؤلاء بحقه وحق أهل بيته الذي أوصاهم بهم , اقل تقدير كان الاجدر بالقوم مشاركة اهل بيت النبي بعزاءهم  ... ثم نسال لماذا رابط أربعة ألاف من قبيلة بني اسلم على أطراف المدينة في يوم السقيفة ؟ اذن الأمر كان مبيت لهذا الغرض ومخطط له بعناية ..... اما في قضية الشورى فنتحدى أي باحث ان يرينا حديث نبوى نص على هذا الامر او فعل قام به الرسول (صلى) لتهيئة المسلمين لتقبل هذا الخيار 
بل على العكس اثبتت الوقائع فيما بعد عدم صحة هذا الخيار بدليل أن أبا بكر أوصى لعمر بعده مما يدلل على ان الخليفة الأول لم يفكر بعقلية نظام الشورى وانه يرى من حقه تعين الخليفة وان هذا التعين يفرض على المسلمين الطاعة والإلزام , وكذلك فعلها عمر عندما حصرها في ستة أشخاص لم يجعل دورا" فيها للمسلمين في الانتخاب ويأتي ما يؤكد أيضا قول عمر( لو كان سالم مولى ابي حذيفة حيا...) أي يتمنى ان يوصي له حصرا .
 اذن الرسول (صلى) لم يكن قد طرح الشورى .... وانه من غير الممكن ان تطرح فكرة الشورى ثم تختفي اختفاء كاملا عن الجميع وعن كل الاتجاهات ولم يحتج احد فيها ( الشهيد محمد باقر الصدر).
القضية الأخرى البيعة التي حسمت الأمر بالخلافة فهي الأخرى لم تكن فكرة صحيحة وناهضة بالدليل وبالتالي لا يمكن اعتمادها لتخلف أعمدة الصحابة وأشهرهم عنها من أمثال  
1 - علي بن ابي طالب               2– العباس بن عبد المطلب
3 – الفضل بن عبد المطلب         4 – سلمان الفارسي
5 – أبو ذر الغفاري                  6 – عمار بن ياسر
7 – المقداد ابن الأسود               8  – الزبير بن العوام
9 – طلحة بن عبيد الله               10– سعد بن أبي وقاص 
11 – البراء بن عازب               12– أبي بن كعب
13 – خيمة بن ثابت                 14– فروه بن عمر الأنصاري 
15 – خالد بن سعيد بن العاص    16 – أبو سفيان
17 – سعد بن عبادة الأنصاري    18– عتبة بن أبي لهب 
هؤلاء الصحابة أيمان بعضهم يعادل أيمان الأمة كعمار والمقداد وأبو ذر وسلمان وهم خيرة     المسلمين المميزين , فهذا سعد ابن أبي وقاص سادس شخصية في الإسلام لم يبايع ابو بكر وذاك طلحة رغم قرابته من ابي بكر فلم يبايعه أيضا , اما سعد بن عبادة الأنصاري فكان اشد المعارضين للسقيفة حتى خرج مهاجرا الى الشام بعد ان آل الآمر الى أبي بكر وهذا الرجل كان يتمتع بمكانة دينية كصحابي مميز نصر الرسول (صلى) وأيده وبمكانة اجتماعية بين القبائل العربية كزعيم لقبلية ذات النفوذ الكبير في الجزيرة العربية .
اذن النتيجة التي لا مفر منها .....ان ذكر هؤلاء القوم كفاية في الدلالة على عدم تحقق أجماع الصحابة على البيعة بالخلافة ...... وبالتالي سيبقى الخيار الوحيد هي التسليم بالوصية التي أكدها الرسول (صلى) بخطبته يوم غدير غم لعلي بن ابي طالب (ع) في حجة الوداع .
    


كافة التعليقات (عدد : 4)


• (1) - كتب : raji ali alawadi ، في 2024/03/29 .

: من المتفق عليه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل أبا بكر تحت إمرة أسامة
بن زيد، وأمر
الجيش بالمسير لقتال الروم. فكيف يبعث النبي أبا بكر مع الجيش، ثم يجعله في الوقت
نفسه إماما في المدينة؟! وعلي نفس الرسول ما زال موجودا وقادرا على الصلاة. تلك
النفس التي أذهب الله عنها الرجس من دون السلف وجعل الصلاة عليها فرضا مع كل
صلاة. نعم كيف يقدم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا على نفسه؟! إذا كانت
صلاة أبي بكر لا تصح
إلا بالصلاة على علي (عليه السلام)، فكيف يأتم علي به؟


• (2) - كتب : raji ali alawadi ، في 2024/03/29 .

من المعلوم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استخلف عليا في تبوك على
المدينة وما عزله.
فإن كان الاستخلاف بالصلاة دالا على الإمامة الكبرى، فالاستخلاف على المدينة أولى
في الدلالة على الإمامة الكبرى. وقياس الاستخلاف في الصلاة على الإمامة الكبرى،
قياس مع الفارق، فاسد الاعتبار، لاختلاف العلتين. فالصلاة - عند أهل السنة - جائزة
خلف كل بر وفاجر، بخلاف الإمامة الكبرى التي اشترطوا فيها العدالة. وقياس
الاستخلاف على المدينة على الإمامة الكبرى، قياس صحيح - على فرض صحة
القياس - لأن الاستخلاف على المدينة متضمن لأمور الدين والدنيا معا كالإمامة
الكبرى


• (3) - كتب : raji ali alawadi ، في 2024/03/28 .

يحتج أهل السنة على خلافة أبي بكر بما يروون عن النبي أمره أثناء مرضه أن
يصلي بالناس. وهذا الدليل مردود من وجوه عدة:
أولا: نحن لا نسلم بهذه الروايات التي تقول إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أبا
بكر أن
يصلي بالناس، لأنه ثبت أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج وصلى بالناس مكان
أبي بكر. وهذا
الفعل من النبي مناقض لأمره إياه بالصلاة. فلو كانت صلاة أبي بكر بأمر النبي لكان
خروج النبي وتنحية أبي بكر عن إمامة الصلاة والصلاة بالمسلمين كإمام إبطال لهذه
الإمارة ونسخا لها إذ انه عزله عنها ولا يصح القول بأن أبا بكر ائتم بالرسول (صلى الله
عليه وآله وسلم)
والناس ائتموا بأبي بكر، لأنه لم يحدث أن كانت صلاة بإمامين! وليس هناك داع لأن
يأتم الناس بأبي بكر مع وجود الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

• (4) - كتب : raji ali alawadi ، في 2024/03/28 .

هل يعقل ان النبي ص ليغفل عن هذا الجانب، وهو الذي كان يهتم بكل صغيرة وكبيرة.
فهل يعقل أن يبين لنا كيفية دخول الحمام وآدابه، ويترك مبدأ الشورى دون أي بيان؟!
إن أول محاولة لتطبيق الشورى - إن كان فيها شورى - كادت أن تحدث فتنة بين
أهل القرون الأولى. فقد تنازع الصحابة واختلفوا في السقيفة. فعمر كان يقول: اقتلوا
سعدا قتله الله! وجمعوا الحطب لحرق بيت الزهراء (عليها السلام)! وتأخر جماعة عن
البيعة! وتأخر
علي ستة أشهر! وقتل سعد بن عبادة!
فإذا كان أهل القرون الأولى قد تنازعوا ووصل الأمر بهم إلى القتل والتحريق في
أول تجربة للشورى، فما هو حال من يأتي بعدهم؟!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=192222
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 03 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15