في ذكرى ولادته تساؤلات عن القائد والقاعدة والبيئة

في الصف السادس الإعدادي وفي إعدادية القدس للبنين كان الاستاذ رضا الطيار يدرسنا اللغة العربية (1978-1979) ولا أتذكرُ ما المناسبة في حينها، ليأتي لنا بنصوص من ملحمة كلكامش (2100 قبل الميلاد) حول الطوفان العظيم ، ثم نصوص من التوراة، وأخرى من الانجيل، وبعدها في القرآن الكريم، حول القصة وأحداثها، ثم قال ماذا يعني لكم ذلك؟ وأجاب ثلاثة طلاب بأجوبة مختلفة، ثم قال الرابع ، هذا يدل على أن قصة نوح والطوفان حقيقية ؟ فتبسم الاستاذ رضاً وقال أحسنت ؟ هذا ما اريد الوصول اليه .

وبناءً على ما أفادنا به استاذنا الفاضل فإن قضية اليوم الموعود والإمام الموعود قضية حقيقية، إذ تغنت وتفاءلت به وما زالت معظم الأمم والأديان كل حسب معتقده وبطريقته الخاصة . في ذكرى ولادته تختلف هواجس محبيه بين داعٍ له بالظهور، ومتسائلٍ عن التأخير، ومعاتبٍ عتاب المحب للحبيب (متى ترانا ونراك متى ) . وأكثر ما يتداول به المنتظرون، هو أين يكمن سر نهوض الأمم والحضارات ؟ بالقائد أم القاعدة أم البيئة المحيطة أم بالجميع ؟

وعبر استقراءٍ تاريخي دقيق للحضارات والدول التي سادت ثم بادت يتبين لنا أن هناك ترابط وثيق بين العوامل الثلاثة، القائد والقاعدة والبيئة ودون توافر ها مجتمعةً، لايمكن لنا أن نتخيل ولادة حضارة لشعب أو لأمة، حضارة قادرة على الحياة والانتشار .ولذا فإن خروج الامام الموعود باليوم الموعود خاضع لاجتماع هذه العناصر في مقطع زمني معين وهو آتٍ لا محالة بإذن الله. بقي أن نقول أن العنصر الأول وهو القائد موجود منذ أربعة عشر قرناً ولكن أن يتزامن وجوده مع وجود العنصرين الآخرين معاً، هذا مالم يحصل، فقد تجد شعباً قد أعدّ واستعدّ وتهيأ لنصرة الامام الموعود ولكن البيئة لا تصلح، وقد تجد عبر التاريخ بيئةً مؤاتية تماماً من حيث فراغ الهيمنة العالمية أو الاقليمية ولكنك لا تجد شعباً مستعداً لاستقبال القائد وحمل مشعل الحضارة ونشرها حول العالم . وحتى ذلك الحين فليعمل العاملون وليتنافس المتنافسون ليكونوا من المنتظِرين والله على كل شيء قدير .