جاء في کتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد اسلام الموسوي عن معركة الخندق: قال جابر: (فما شبهت قتل عليٍّ عمراً الا بما قصَّ الله تعالى من قصة داود وجالوت، حيث قال: "فَهَزَمُوهُم بِإذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوت" (البقرة 251)). نعم لقد قلبت ضربة عليٍّ عليه السلام لعمرو الوضع تماماً، بعدما كان النصر حليف قريش بقوَّتها الجبَّارة، وصدق سبحانه حيث قال: "وكَمْ مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً" (البقرة 249). بسيف عليٍّ عليه السلام كان النصر حليف المسلمين وهنا يسكت القلم، ولا يدري ماذا يكتب عن شجاعة ابن أبي طالب عليه السلام فقد كفى الله المؤمنين القتال به عليه السلام. هكذا اكتسح عليُّ بن أبي طالب عليه السلام فرسان المعارك وشجعان الفلا. حتَّى لم يعد له مثيل بين أبطال العرب، يسابق الأسود، ويقطع الرؤوس، ولايخاف في الله لومة لائم، فهو الوحيد الذي بدَّد آمال الأحزاب في الخندق، وبثَّ في صفوفهم الرعب، وهنا أنزل الله تعالى على رسوله الآية: "يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً" (الاحزاب 9).
وعن غدير خُمٍّ يقول السيد اسلام الموسوي في كتابه: لمَّا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسكه وقفل إلى المدينة، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خُمٍّ نزل عليه جبريل عليه السلام وأمره أن يقيم عليَّاً عليه السلام وينصِّبه إماماً للناس، فقال: (ربِّ إنَّ أُمَّتي حديثوا عهد بالجاهلية) فنزل عليه: إنَّها عزيمة لا رخصة منها، فنزلت الآية: "يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس" (المائدة 67). فلمّا نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغدير خُمٍّ، ونزل المسلمون حوله، أمر بدوحات فقُمِمْنَ، وكان يوماً شديد الحرِّ، حتَّى قيل: إنَّ أكثرهم ليلفُّ رداءه على قدميه من شدَّة الرمضاء، وصعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مكان مرتفع، فردّ من سبقه، ولحقه من تخلَّف، وقام خطيباً، ثُمَّ قال: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟) قالوا: بلى يا رسول الله. فأخذ بيد عليٍّ فرفعها، حتَّى بان بياض ابطيه، وقال: (من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله).
جاء في کتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد اسلام الموسوي: في القرآن الكريم: 1 ـ نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليٌّ أحد المدعوين في مباهلة وفد نصارى نجران، إذ قال عزَّ من قائل: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنَا وَأبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأنْفُسَنَا وَأنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِين" (ال عمران 61)، أولئك هم الذين اصطفاهم الله وانتخبهم رسول الله: عليٌّ وفاطمة والحسنان عليهماالسلام، بهم خلَّد التأريخ حدثاً عظيماً يعدُّ من احدى معاجز حضرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. وأجمع المفسِّرون على أنَّ المقصود من (أنفسنا) نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونفس عليٍّ عليه السلام. 2 ـ عليٌّ عليه السلام من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخاصَّته: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليٌّ وفاطمة والحسنان عليهماالسلام هم المدعوون بأصحاب الكساء الخمسة، والمشار إليهم بقوله تعالى: "إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الاحزاب 33). نزل الروح الأمين بهذه الآية المباركة، حينما جلَّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً: بكساءٍ حبري، وغشَّاهم به، ثُمَّ أخرج يديه المباركتين فألوى بهما إلى السماء، ثُمَّ قال: (اللَّهمَّ هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتي، فأذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيرا). 3 ـ القرآن الكريم يأمر بالصلاة على آل بيت النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: ولمَّا كان الإمام عليٌّ عليه السلام من أهل بيت محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فله شأن في قوله تعالى: "إنَّ اللهَ وَمَلأئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" (الاحزاب 56) وممَّا لاريب فيه كانت هذه (الصلاة) من الواجبات في حال التشهد، لما ثبت بالتواتر حينما سألوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: كيف نصلِّي عليك يا رسول الله؟ فقال: (قولوا: اللَّهمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ، كما صلَّيت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وآل محمدٍ كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم). 4 ـ علي عليه السلام يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله: تخلَّف عليٌّ عليه السلام يوم الهجرة ليبيت في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويصرف الأعداء عنه، ويؤدِّي الأمانات إلى أهلها، حتى تكتمل رسالة الإسلام المحمَّدية، فنزل فيه قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد" (البقرة 207).
ويستمر السيد الموسوي في كتابه يذكر علي عليه السلام في القرآن الكريم: 5 ـ عليٌّ عليه السلام وسورة الدهر: لم يختلف أهل التفسير على أنَّ سورة (الانسان) أو (هل أتى) نزلت خاصَّةً في عليٍّ وأهل بيته عليهم السلام، في قصَّة التصدُّق على المسكين واليتيم والأسير، "فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً" (الانسان 11) "إنَّ هذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَشْكُوراً" (النسان 22). 6 ـ في بيوت أذن الله أن ترفع: لمَّا تلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال" (النور 36)، قيل له: أي بيوت هذه؟ قال عليه أفضل الصلاة وأتمُّ السلام: (بيوت الأنبياء)، ثُمَّ قيل له: هذا البيت منها ـ إشارة إلى بيت عليٍّ وفاطمة عليهما السلام فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (نعم، من أفاضلها). 7 ـ بعليٍّ كفى الله المؤمنين القتال: في استبساله يوم وقعة الأحزاب قيل: إنَّ الآية المباركة: "وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال" (الاحزاب 25) نزلت في الإمام عليٍّ عليه السلام. حتى أنَّ ابن مسعود كان يقرأ الآية: "وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال" (الاحزاب 25) بعليٍّ بن أبي طالب. 8 ـ ليس أفضل من إيمان عليٍّ عليه السلام وجهاده في سبيل الله: والآية الكريمة تشهد بجهاد عليٍّ وبطولاته: "أجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لأيَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لأيَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ أعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُون" (التوبة 19-20)، عند تفاخر (العبَّاس وطلحة) بالسقاية وسدانة الكعبة.
|