(قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ).(1)
لم يكن القرآن وحده الذي ركّز على فساد اليهود ، بل توراتهم تذكر أيضا ذلك عنهم. فمنذ أن بدأ اسم هذه الشرذمة يظهر للوجود اقترن اسمها بالفساد. وكأن الفساد عُجن في طينتها. وقد نهاهم ألله عن الفساد والإفساد فقال لهم على لسان موسى : (ولا تعثوا في الأرض مفسدين).(2) و(العثو) هو ذروة الفساد وسنامه.
فقد فسدوا على عهد جميع الأنبياء قبل موسى فسلط الله عليهم الفراعنة يسومونهم سوء العذاب.(3) لا بل تكفل الله تعالى بأن يبعث (عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب).(4)
فبعث الله الأنبياء ، ولكنهم أبو ان يتخلوا عن فسادهم وإفسادهم ، ففسدوا على عهد موسى عندما خرجوا من البحر وطلبوا من موسى أن يجعل لهم آلهة مثل التي رأوها عند الأمم التي مرّوا بها.
ثم فسدوا على عهد هارون فقاموا بصناعة العجل وعبادته.
وفسدوا عندما تمردوا على موسى وعصوا كلام الله الذي امرهم بالقتال فامتنعوا وقالوا لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون).(5)
وفسدوا عندما بعث الله لهم طالوت ملكا، فلم يمتثلوا لأمره لانه لا يمتلك المال.
وفسدوا عندما نهاهم الله عن أكل الربا وهددهم بالقتل إن هم فعلوا ذلك فقد امر الله في التوراة بقتل المرابي كما نقرأ : (ـ من ـ أعطى بالربا وأخذ المرابحة، لا يحيا! قد عمل كل هذه الرجاسات فموتا يموت. دمه يكون على نفسه).(6) فلم يفعلوا وحرموا الربا فيما بينهم وحللوه على الأمم الأخرى.
وفسدوا عندما أمرهم الله تعالى أن لا يسفكوا الدماء (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم).(7) أي لا تتسببوا في سفك دمائكم عن طريق التآمر على الشعوب الأخرى و شن الحروب على الآخرين وغزوهم، فتنعكس الأمور سلبا عليكم فيكون ذلك سببا أيضا بسفك دمائكم وطردكم من دياركم ، وهذا ما فعلتهُ بهم الأمم على طول التاريخ نظرا لسوء نواياهم.
وهذا ما نراه واضحا في التوراة التي تصفهم إلى المسارعة إلى الشر وسفك الدم .ولو قرأت ما جاء في سفر إشعياء من وصف لبني إسرائيل (اليهود) لعرفت أنهُ لا توجد أمة على سطح الأرض تحمل هذه الصفاة إلا من يُطلق عليهم (جوج ماجوج). فماذا يقول إشعياء النبي عن اليهود : (أيديكم قد تنجست بالدم، وأصابعكم بالإثم. شفاهكم تكلمت بالكذب، ولسانكم يلهج بالشر. ليس من يدعو بالعدل، وليس من يُحاكم بالحق. يتكلون على الباطل، ويتكلمون بالكذب ، حبلوا بتعب ، وولدوا إثما. فقسوا بيض أفعى، ونسجوا خيوط العنكبوت. أعمالهم أعمال إثم، وفعل الظلم في أيديهم. أرجلهم إلى الشر تجري، وتسرع إلى سفك الدم الزكي. أفكارهم أفكار إثم. في طرقهم اغتصاب وسحق، طريق السلام لم يعرفون، وليس في مسالكهم عدت. جعلوا لأنفسهم سبلا معوجة. كل من يسير فيها لا يعرف سلاما). ( 8 )
ألم تخبرنا الروايات بأن كل هذه الموبقات المذكورة هي نفسها أفعال قوم (جوج ماجوج) التي وصفتهم بأنهم يشربون ماء بحيرة طبريا ، في إشارة إلى استحواذ اليهود على ثروات الأمم وتخريب اقتصادياتها. أليست هذه هي نفسها افعال اليهود على طول التاريخ، يُدّمرون الاقتصاد والاخلاق لإركاع الأمم . فوضع الله تعالى بينهم وبين الناس سدا عبر تحجيم أعدادهم، ولكنهم بدأوا بنقبه حديثا، بأساليب ملتوية : عبر تكاثرهم بالتناسل وكثرة الاعوان والعملاء. فقد كانوا أقليّة قليلة لا يعبأ بهم أحد مشتتين في الأرض فتجمعوا في فلسطين وأخذوا يتكاثرون عبر التطبيع والتناسل ، وهذا سيكون علامة من علامات هلاكهم.(إن يوم هلاكهم قريب والمهيآت لهم مسرعة).(9) وسيأتي اليوم الذي نراهم فيه (من كل حدبٍ ينسلون).
أنهم جوج ماجوج الممسوخين قردة وخنازير والملعونين إلى يوم الدين.والذين يُنقبون في ردم ذي القرنين (ينقبو في الظلام. في النهار يغلقون على أنفسهم. لا يعرفون النور. ينقبون في الحائط ليخرجوا منه).(10) وها هي اليوم حقيقتهم تخرج إلى النور ، فحكم الله تعالى عليهم وعلى كل منافق يتبعهم : (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا).(11) فلماذا نلوم هتلر على قتلهم وابادتهم وقد حكمت الكتب السماوية بذلك.
وقد أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت في اليهود وقوله ملعونين : يعني مطرودين منفيين إينما حلو وجب قتلهم وابادتهم لسبب طبيعتهم العدوانية ، ونفاقهم ونشرهم الفساد في الأرض.
المصادر :
1- سورة الكهف آية : 94.
2- سورة البقرة آية : 60.
3- سورة الأعراف آية : 141.
4- سورة الأعراف آية : 167.
5- سورة المائدة آية : 24.
6- سفر حزقيال 18: 13.
7- سورة البقرة آية : 84.
8- سفر إشعياء 59 : 3 ــ 8.
9- العهد القديم سفر التثنية 32 : 32 .
10- سفر أيوب 24: 16. و : سفر حزقيال 12: 12 .
11- سورة الأحزاب آية : 61.
|