إلى العراق:
هذي يدي لتُمدَّ منكَ أيادي
وطنَ الجميع وفرحة الأعيادِ
أعراقُ كلٌّ فيك عرقٌ نابضٌ
من حاضرينَ وذاهبينَ بعادِ
أبناءُ سومرَ والنبيطِ وبابلٍ
غذوك بالأرواح والأجسادِ
وسقى ثراك دماً شعوبٌ ألفت
وقبائلٌ رفعت لواءَ جهادِ
كلٌّ أحبوك انتماءً صادقاً
ومواطنين وذادةً للعادي
كلٌّ بنوكَ فقل لمأفون يفرِّقُ أو يفضِّلُ: كلُّهم أولادي
الى عمياء
عمياءُ عن وَهَجِ الشعورِ
عمياءُ لم تشعرْ بنوري
عمياء لو نظرت اذاً
نظرت الى قلبي الكسيرِ
ورأت به ناراً يذوبُ لحرِّها نار السعيرِ
عمياءُ لم تقرأ كتابَ الحبِّ جلَّته سطوري
في جسمي المهزول تشويه اللوافحُ من زفيري
في مقلةٍ منعت مناماً حين أرقدُ في سريري
في مهجةٍ ضمُرت فلم
أشعر بها فرطَ الضمورِ
أوما التقت عينايَ في عينيكِ يوماً في المرورِ
فرفت مقدار الهوى
اذا تنظرانكِ في فتورِ
ورأيتِ بي مستنزفاً
بالغلِّ يرسف كالاسيرِ
عمياء عمياء المشاعر والنواظر والضميرِ
عمياء لم تسعد برؤيا.. ربَّ أعمى كالبصيرِ
اني اذعتُ الحبَّ لكن ليس عدلاً أن تجوري
بالصمتِ آونةً وآونة بتضليل الامورِ
اني بعثتُ الحبَّ مجنون الخطى دامي الشعورِ
فتقبليه اذ حكى
بنقائه ينبوعَ نورِ
وتمثَّليه دائماً
في قلبك الغضِّ الصغيرِ
اني بحثتُ فلم اجد
له في العوالم من نظيرِ
إلى دجلة التي نضب ماؤها
حييتُ سفحكِ بل حييتُ سبخكِ يا
(دجيلة) الخير أو يا (دجلة الجزر)
يا (دجلة الغير) تسقي أهلها وشلاً
والآخرين نمير الوِرد واالصَدَرِ
أصبحتِ أرضاً وأعشاباً ومزبلةً
وظلَّ ساقيةٍ أو ظلَّ منحدِرِ
مسلوبة الماء يُخشى موتها عطشاً
وهي التي روت الدنيا على عُصُرِ
يا أيها النهر (سنحاريب) كابده
وخاض (كلكامش) فيه خطى حذِرِ
وأرسل الفكر في أعماقه شبكاً
فعاد محموله صيداً من الدُّرَرِ
لبستَ شتَّى حضاراتٍ – وقد بليتْ
وما بليتَ – جديداً شامخ الأثرِ
كم انثنيتَ بأرض الرافدين على
مهلٍ تصافحُ ذا وجدٍ وذا وَطرِ
وكم تدفقتَ مجنون الخطى عرِماً
تجورُ كالملك الجبار ذي الخطرِ
تهابك الارضُ..فالاجبالُ في فزعٍ
والسهلُ في كدرٍ والناسُ في سَهَرِ
أنت الإله الذي أملاكها سجدت
له وليس لـ(مردوخٍ) و(ذي حجرِ)
فاربأ بنفسك أن ترضى بنازلةٍ
فتستريح لهذا الذلِّ والصغرِ
وقفتُ والبدر مخسوفاً ومنكسراً
يلوح فيك.. مسجَّىً كنت في المدرِ
فقلتُ دجلةُ حيَّته القرون وأحيته.. وهذا زمان الموت والكبرِ
هل جئتَ مستبقاً تجري بمنطلقٍ
حتى انعطفت بـ(كوتٍ) فاستبيح جري
أم أنهم كمنوا حتى وصلتهم
فعاجلوك بقتلٍ غادرٍ أشِرِ
وهل ترانا صموتاً لا حراك بنا
حتى تعود بلا عينٍ ولا أثرِ
ما بالها نظرات الناس.. بل فزَعاً
ترى العيون ولا تأسى على النظرِ
كم أنت تبكي، وكم جفَّت مدامعنا
وكم تركناك للأقدار والغِيَرِ
خذ أدمعي من فقيرٍ فيَّ ذي كرمٍ
تبرعاً لكريمٍ فيك مفتقِرِ