تحدثنا في منشورَيْن سابقَيْن عن اختبار العلماء والحكَّام وبيان ما يتعلق بهما من مسؤولية تجاه ما يجري على الشعب الفلسطيني من اعتداء وحشي من قبل الكيان الصهيوني المحتل في غزَّة الصمود والتحدي ..
-١-
إنَّ القضية الفلسطينية هي من قضايا الأمة الإسلامية، ومن همومها وآلامها حيث اعتداء هذا الكيان الغاصب على مقدسات المسلمين، وقد توارثنا كشعوب إسلامية هذه الهموم الكبيرة التي خلَّفها ذاك الكيان، وما يقوم به من انتهاكات واعتداءات منذ أكثر من سبعين عامًا، بل تحاول الأمة استذكار فلسطين في محافلها الإقليمية والدولية، وتربية جيل على ذلك؛ خوف نسيان هذه القضية؛ أو التخاذل تجاهها كما صدر عن بعض من حكَّام وأدعياء للعلم وغيرهما للأسف ..
-٢-
إنَّ تصدِّي تلك الثُّلَّة المجاهدة من أبناء أمتنا الإسلامية الذين ورثوا عقيدة الدفاع عن الوطن والمقدسات، وتحرير الأرض من رجس الكيان المحتل في غزَّة قبل شهر تقريبًا قد أعطى جرعة معنوية ومادية كبيرة للشعوب الإسلامية خاصة، والسعي لتحقيق أملها في تحرير مقدساتها، وإنَّ تلك التضحيات أوقدت تارة وأحيت تارة أخرى حرقة القلب على مقدساتنا الإسلامية في فلسطين المحتلة، وأنَّ هذه الجذوة لا بد أنْ تبقى مهما كانت مؤامرة الأعداء كبيرة، وأنها يجب أنْ تتوارثها الأجيال عقيدة راسخة ..
-٣-
إنَّ ثورة (طوفان الأقصى) قد أثبتت لشعوب العالم كله مدى عظمة العقيدة وقوتها المعنوية في النصر، وإرجاع الحق إلى أصحابه، وأكَّدت للشعوب الإسلامية قدسية قضيتهم المركزية عن فلسطين، بل وأكَّدت ضعف ذلك الكيان وانهزامه وانكساره المعنوي، وأنه أوهن من بيت العنكبوت، على رغم ما يملكه من إعلام عالمي، واقتصاد عالمي، وحكومات عالمية أثبتت استهتارها بالقوانين والقِيَم التي تدَّعيها إعلاميًّا، وكذلك فقد أزالت غزَّة قناع أدعياء حقوق الإنسان وهم يقتلون الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال، ويتلذذون بمناظر انتهاكات عصابات كيانهم، فضلًا عن دعمه ماديًّا ومعنويًّا ..
-٤-
إنَّ رسالة المجاهدين الفلسطينيين التي خُطَّت بالدماء يجب أنْ تكون واضحة لشعوب الأمة، وإنَّ صرخات المسلمين في غزَّة يجب أنْ تكون حاضرةً في الأسماع، وإنَّ صور البطولات يجب أنْ تكون شاهدة على نصر الله لعباده، إنَّ هذه الرسالة هي الداعي الأول لتلك المظاهرات الكبيرة التي تخرج هنا وهناك في بقاع العالم، إذ تستنكر وحشية هذا الكيان الذي لم ترتوِ لذَّته من دماء المسلمين الأبرياء في فلسطين مدى سبعين عامًا، ويبحث عن كُلِّ فرصة ليروي وحشيته ودمويته لعله يحقق حلمه المزعوم لكيانه في قلب الأمة الإسلامية ..
-٥-
إنَّ الشعوب الإسلامية عامة، والإسلامية العربية خاصة يجب عليها أنْ تكون مظاهراتها طوفانًا في كُلِّ البلدان، لا تقف عند زمان أو مكان؛ لتكون نِعْم الناصر لتلك الثلَّة المجاهدة في فلسطين من جهة، ولإثبات موقفهم تجاه الله تعالى في المطالبة بالدفاع عن المقدسات ثانية، وللضغط على أولئك الحُكَّام الذين يُظهرون مواقفهم البطولية بالمقالات الإعلامية والمؤتمرات ثالثة، ولإظهار مدى التمسُّك بالقضية الفلسطينية أمام العالم كله مهما طال زمن الاحتلال رابعة ..
أخيرًا إني أرى أنَّ الشعب المصري والأردني المسلم أمام امتحان جادٍّ في الخروج بالمظاهرات المليونية اليومية حتى دحر سفارات ذلك الكيان من بلدانهم، وزلزال الحدود تحت أقدامهم، ووصول قارعة أصواتهم في عقر دارهم، لتحين الفرصة والدخول إلى كيانهم، وإخراجه ذليلًا صاغرًا، فيسجِّل لهم التاريخ مجدهم ومواقفهم، وإلا فالتاريخ يشهد ضعفهم أو خذلانهم لا سمح الله ..
اللهم اجعل شعوبنا واعية لقضيتنا الإسلامية تجاه ذلك الكيان الغاصب، واجعل كلمة الإسلام هي العليا، وكلمة الكفر والنفاق هي السفلى.
|