لا اظن ان المواطن او المراقب السياسي يجد صعوبة في عنونة الكثير من افعال او اقوال السيد اسامة النجيفي ، رئيس مجلس النواب العراقي ، وكان آخرها دفاعه عما قام به اخوه اثيل النجيفي ، محافظ الموصل ، عندما تفاوض مع الطرف الكردي ، حول الاراضي المتنازع عليها والتابعة لمحافظة الموصل ، حيث اتفق المحافظ مع الجانب الكردي للتنقيب عن النفط في هذه الاراضي ، والاخوان يعلمان جيدا ان التفاوض حول الاراضي المتنازع عليها هو من اختصاص الحكومة المركزية ، كما ان التفاوض او التنقيب عن النفط العراقي في أي مكان من العراق ، هو من اختصاص الحكومة المركزية ايضا ، فهل رئيس مجلس النواب العراقي لا يعرف هذا ؟
ثم ما معنى ان يقف رئيس مجلس النواب العراقي الذي يفترض فيه ان يدافع عن مصلحة الشعب العراقي ؟ نراه يقف مدافعا عن خروقات دستورية وقانونية ، وبذلك يحشر نفسه في الزاوية الضيقة ، وينفي عن نفسه صفة كونه ممثلا للشعب العراقي بكافة الوانه واطيافه ، وبهذا يعطي دليلا على انه يتصرف بحكم مصالحه الحزبية الضيقة ، ويدافع عن اخيه اثيل النجيفي محافظ الموصل ، حتى وان كان الاخير مخترقا للقانون والدستور ( انصر اخاك ظالما او مظلوما ) حسب المفهوم العشائري ، وليس حسب المفهوم الاسلامي ، بأن تردع وتمنع اخاك الظالم عن ظلمه .
واخيرا جاء موقف مجلس محافظة نينوى رافضا لتصرفات اثيل النجيفي ، ورافضا للاتفاقيات التي عقدها مع الجانب الكردي للتنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها لانها تتقاطع مع الدستور ، ولأن المحافظ تصرف بعيدا عن قرار الحكومة المركزية ، وخارج صلاحياته القانونية والدستورية .
وموقف اخر للنجيفي يدلل فيه انه يتصرف كممثل عن قائمة العراقية ، وليس كممثل للشعب العراقي بأعتباره رئيسا لمجلس النواب ،وهذا الموقف ظهر في الساحة ، اثناء زيارة مستشار الامن القومي لنائب الرئيس الامريكي بايدن ،اذ سمعنا خبرا في الاعلام يقول ان المستشار (توني بلينكين ) اتصل هاتفيا برئيس مجلس النواب العراقي ، اسامة النجيفي ، وطلب منه ان يجتمع مع المالكي رئيس وزراء العراق ، لمناقشة الازمة والحوار من اجل حلها وهذا دليل على ان النجيفي طرف مهم في خلق هذه الازمة ، يقول الخبر ان النجيفي رفض الاجتماع بالمالكي ، او الجلوس معه لغرض الحوار ، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هل رَفْض النجيفي هذا جاء بصفته رئيسا لمجلس النواب العراقي ؟ ام بصفته ممثلا عن قائمته العراقية ؟
المراقب السياسي يقول ان تصرف النجيفي هذا لا يمكن وضعه الا في خانة الفئوية الحزبية الضيقة ، وقد ظهر تصرفه الفئوي واضحا من خلال احداث الازمة السياسية الاخيرة ، حول موضوع سحب الثقة ، الذي هو مشروع اقليمي طائفي تنفذه بعض الشخصيات السياسية المرتبطة بهذا المشروع بصورة مباشرة ، وهذا امر مفضوح وظاهر للشعب العراقي ، فلا احد يشك في ان هذا المشروع هومشروع سعودي قطري ومدعوم من تركيا ، وهذه الدول الثلاث اصبحت مكشوفة النوايا والافعال ، اذ اصبحت رائحة تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول الاخرى تزكم الانوف ، بل تتصرف قطر اليوم كمخلب للكيان الصهيوني وبصورة علنية واضحة للعيان.
فمشروع سحب الثقة عن المالكي ليس الغرض منه المالكي بصفته الشخصية ، وان دخلت بعض الاطراف في هذا المشروع مستهدفة شخص المالكي ، من باب التخوف من المستقبل بأن يفوز المالكي مرة اخرى ، فالخوف من الافلاس السياسي مستقبلا هو من دفع بعض الاطراف للاصطفاف الى جانب اصحاب المشروع الاقليمي الذي غرضه العراق ، وليس المالكي ، لكن بما أنّ المالكي هو العنوان اليوم فهو المستهدف ، والا فأن المشروع انما يستهدف العملية السياسية برمتها ، وفيه تهديد لتغيير المعادلة السياسية الجديدة لصالح جهات معلومة للشعب العراقي ، وربما يؤدي المشروع الى تقسيم العراق على اساس طائفي وقومي ، وهو نفس مشروع بايدن الذي طرح سابقا ورفضه الشعب العراقي بكل اطيافه ومكوناته القومية والدينية .
السيد النجيفي احد الاطراف المهمة التي تتبنى هذا المشروع ، وهذا يتناقض مع كونه رئيسا لمجلس النواب العراقي ، الذي يفترض فيه ان يكون ممثلا لجميع ابناء الشعب وليس ممثلا لحزبه او فئته ،وانْ لا يتعامل بأزدواجية مع هذا الموقف او ذاك ، اننا كمواطنين نقول ان الشعب العراقي لا يحتاج السياسيين الذين يعملون بوحي المشاريع الخارجية ، كما ان الشعب لا يحتاج السياسين الذين يعملون بفئوية ، ويشتغلون لانفسهم فقط ، متناسين هموم الشعب واحتياجاته ، الشعب بحاجة لسياسيين بعيدين عن الحزبية الضيقة ، وبعيدين عن التعصب القومي ، اوالتخندق الديني والطائفي ، لأن مثل هذه النعرات التي هي من زرع ورعاية اعداء العراق ، واعداء العملية السياسية الجديدة ، انما تؤدي الى زرع الفتنة ، وتمزيق الشعب والوطن .
واخيرا ندعو السيد النجيفي ان يُخرج نفسه من الزوايا الضيقة التي يحشر نفسه فيها ، وعليه ان يخرج الى فضاء الشعب الواسع والفسيح ،لانه ممثل في الوقت الحاضر لهذا الشعب ، وليس ممثلا لنفسه او عائلته او لحزبه او طائفته . |