• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الاقلام الحمراء .
                          • الكاتب : حامد زامل عيسى .

الاقلام الحمراء

 سفراََ من اسفار الوجع العراقي ؟

عندما تنبرئ الاقلام الشريفه لتسجل لنا سفراََ تاريخياََ عن الوجع العراقي كثيره هي الدعوات التي تحث اقلام المؤرخين والباحثين لاسيما الأدباء من الروائيين والشعراء لتسجل صور الجريمه لتبقى في ذاكره الامه فتسابقت تلك الاقلام فظهرت نتاجات قيمه خالده عن هذه الفتره السوداويه المأساويه المظلمه من تاريخ العراق المعاصر فوثقوا بأقلامهم وادواتهم صفحات الايام والليالي السوداء التي قضوها في دهاليز وزنازين والسراديب والمعتقلات السريه منها كي يعرف ابنائنا والاجيال القادمه وحتى الشعوب الأخرى بما جرى خلف الاسوار وبين الجدران فحرام ان تحجب وتطمس الحقيقه ونحن الضحايا والشهود .
وقد كتب مجموعه منهم ممن اكتوى بنار البعثيين اي ولدوا من رحم المعانات منهم الكاتب (سامي حمادي الساعدي) في ملحمته (ليالي ابو غريب) والأستاذ جبار عبود آل مهودر في روايته(القضبان لا تصنع سجناََ) .
وفي مقدمتهم الكاتب والاديب الدكتور حسين كاظم الزاملي في رائعته من جزئين (البعوض) و(الاقلام الحمراء) التي اختزل فيها معانات شعب كامل عانى وما يزال من ويلاتها فأبدع واجاد.
وقد نجحوا في نقل لنا وقائع ومشاهد حيه ليس فيها من نسج الخيال لهذا نقول اصبحت تلك الروايات هي الاساس والمصدر الصريح والحقيقي عند الرجوع للحديث أو الكتابه عن الحقبه المظلمه التي عشناها في ظل سلطه البعث الغاشم تلك الحقبه التي لا يمكن لها ان تمر سريعا دون ان تترك اثرها على روح وجسد الكاتب وتخلق عمقها في النص الابداعي فأبدع الزاملي من كونه اختط له خصوصيه تمثلت بالاصرار منه اي الزاملي لايصال الصوت المغيب الى خارج الاسوار المضروبه حولنا كما نرى عنده قوه وطاقه هائله في التعبير وقدرة كبيره على التحكم بالشكل وتطويعه حيث ما اراد ضمن منظومه فكريه وقيم انسانيه افصح عنها السيد الزاملي في اعماله الروائيه الاخرى عن موهبه ادبيه تستحق التقدير وتعد بأبداعات تمتع القارئ وتخرج من الكاتب افضل ما لديه فكتب لنا مرثيه رائعه لانكسار الاحلام الكبيره وانهيار القيم وكان الكاتب حاضراََ في كل جمله سرديه ان الزملي في عمله الروائي هذا يعد اضافه جديده إلى منجز(ادب السجون) عند قرأتي له اجده اكثر صدقاََ وعفويه وتأثيراََ بالمتلقي واترجم هذا التأثير بالدموع التي رأيتها في عيون من عاش في تلك الفترة
نعم كان الزاملي روائي قدير يجيد كتابه روايه سياسيه خطيره لان الكتابه السياسيه من اصعب فنون الكتابه.
وفي الاقلام الحمراء الملاحظ قيام الروائي بعد التعريف بنفسه تناول روايته بالتفصيل من اول تسميتها ب (الاقلام الحمراء) مروراََ بمناخات المصادر والمراجع التي استلهم منها اجواء الكتابه الروائيه فضلاََ من انه شاهد العصر الذي عاش اجوائها وصولا الى عالم بشع ضاج بالطغاة والدماء فبطلها الدكتور الجامعي الميت الحي الذي يخسر زوجته والتي تموت تحت التعذيب مبكراََ وطفلته التي يتاح لهذه الطفله الرعايه الكامله من قبل عائلة خالتها الخلوقه الطيبه حتى تكبر وتتدرج في الدراسه وصولاََ للجامعه في كليه الطب .
جاءت هذه الروايه بجزئيها مختلفه بشكل ملحوظ في الاسلوب والمحتوى عن بقيه ما كتب في( ادب السجون) بدءا بحبكتها الروائيه فقبل قرائتها كنت اتحسر في حزن صامت واكرر القول جازماََ إن لم يلتفت الى كتابه سنوات الضياع والقهر المر في ظل نظام الاجرام البعثي ستندثر ثم يلفها النسيان ما لم يتم توثيقها صحيح كتب عن ذلك الاجرام ولكن ليس بهذه الشموليه التي كتبها السيد الزاملي ثمه نضوج ووعي ثقافي يجعلك تعيش اللحضه فضلا عن التأثير الذي تعكسه بحيث تمكن الزاملي من شد القارئ الى درجه جعله يستيقن وجود صدام واعوانه ما زال يطارد معارضيه ويسحقهم بكل قسوه وضراوه وهذا الاستيقان كأشاره ذكيه منه اي الزاملي لوجود اقزام النظام في اغلب مفاصل الدوله وهنا تكمن براعه الزاملي فدفعته بقوه الى جذب الانتباه لاوجاع وطنه فما كتبه وقائع حقيقيه هو شاهد عليها وليست من نسج الخيال الكاتب كتبها بشكل متقن وصادق من دون اضافه اي شيء مختلق من خياله ولانها حقا لامست الوجع العراقي جعل القارئ كأنه يقرأ  سفراََ تاريخياََ في سرد روائي والحقيقه انها اقرب الى الروايه التاريخيه.
توفرت فيها العناصر الفنيه الاساسيه دون ان ننسى الاسلوب السلس الشائق وربط تلك العناصر بصوره دقيقه الذي يرتقي احياناََ الى مستوى الجمله الشعريه كون الكاتب الزاملي شاعراََ مبدعاََ لانها شغلته اي تلك المأسات التي عاشها منذ سنوات فأحتلت مكاناََ في تفكيره ووجدانه فكانت الروايه عباره عن رحله عذاب وسط اجواء الرعب والوحشه والموت مما جعلها مؤثره وموحيه بشكل بالغ هذا هو السيد الزاملي يمتلك القدره على ان يجعلنا نحس بالمصائب كافه والالام الموجعه ونستحضر امام ابصارنا الشر والجريمه ونحس بالاهوال والمخاوف وهز اوتارنا بالانفعالات العنيفه واخيراََ نقول الروايه في مجمل جزئيها اسست الى توثيق الموقف ونحن الشهود المحزونين على الفضائع كافه




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=185952
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 08 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15