قطر ـ السعودية ـ تركيا، هو التكتل الإقليمي الذي بدأ يرسم معالم شرق أوسط جديد، ويبدو أنه قطع حتى الآن خطوات واسعة بكفاءة عالية، مما يجعل رصيده ثقيلاً لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فمنذ سنوات طويلة، كانت الولايات المتحدة تتداول فكرة (مجمعات المصلحة الإقليمية) والمقصود بها مجموعة من الدول تلتقي على هدف واحد ينسجم مع مصالح واشنطن، وكانت هذه الفكرة هي خلاصة تجارب طويلة خاضتها الولايات المتحدة في مناطق مختلفة من العالم، لكن العائق الأكبر كان يتمثل أولاً في صعوبة توحيد مصالح تلك الدول، رغم انها موجودة ومستعدة لخدمة الولايات المتحدة، وثانياً في ربطها في إطار تنسيقي يقنعها بوجود خطر شاخص يتهددها بنفس الدرجة من الخطورة.

 

مجمعات المصلحة الإقليمية هذه، إلتقت على هدف واحد هذه المرة، ذلك هو مواجهة الوجود الشيعي، أي التحول من مواجهة الدولة الى مواجهة الكيان المذهبي، لما يوفره ذلك من سهولة تجميع الحلفاء وإبقائهم على قدر عالٍ من التماسك، كما هو الحال في محور قطر ـ السعودية ـ تركيا، بل أن هذا المحور يحظى بتأييد معظم الدول العربية مدفوعة بعوامل طائفية بالدرجة الأولى، وهذا ما يشكل ضمانة لعدم بروز إختلافات سياسية بين الحلفاء الطائفيين.

 

ولأن العراق هو منطقة القلب بالنسبة للكيان الشيعي، فقد صار هو الهدف، ولا بد من تفتيت قوته الشيعية لإحداث توازنات جديدة تعيد صياغة المنطقة. فكانت الخطوات الأولى تتطلب إضعاف التحالف الوطني باعتباره ممثل الشيعة في السلطة، ولم يكن ذلك بالأمر الصعب، نظراً لما يعانيه هذا الكيان البرلماني الكبير، من قصور في التفكير والنظرة والتوجهات والأداء والقرارات والمواقف.

 

بسهولة يمكن تفتيت الكيانات الشيعية، وبسهولة يمكن تحويلها الى جبهات متضادة يكيد بعضها لبعض، وقد أدركت القوى الطائفية نقاط الضعف في الجسم الشيعي، وطريقة تفكيره، وآليات استفزازه، وهي تعمل الآن بهذا الاتجاه.

 

ما تريده الحكومات الطائفية وفي مقدمتها السعودية وقطر، توجيه ضربة مفصلية تشل القوة الشيعية، وتبقي جماهير الشيعة مجرد كم عددي لا يحسن إلا الخصومة في دائرته الداخلية.