شعائر الحج اذا بدأت بها عليك باتمامها من الاحرام يوم التروية الثامن من ذي الحجة الى نهاية يوم التشريق "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" (البقرة 196) والحالة التي يترك فيها الحج المرض والعدو وغير ذلك من الحصر "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ" (البقرة 196)، وعدم نزع الاحرام و حلاقة الشعر حتى هدي الاضاحي يوم العيد "وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ" (البقرة 196). وعلى الحاج ان لا يجادل خلال فترة الحج "فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" (البقرة 197) و يعرف الحج بانه صناعة التقوى. قال امير المؤمنين عليه السلام (الحج جهاد كل ضعيف) وقال الباقر عليه السلام (الحج الفلاح). واغلب الحجاج من المتمتعين وهم حجاج الخارج. المتمتع والقارن والمفرد الفاسخ للاحرام يغسل ويحرم من مسكنه قبل ذهابه الى منى يوم التروية والذي يعتبر من الايام العشر الاوائل من ذي الحجة التي اقسم الله بها في القرآن الكريم "وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر" (الفجر 1-2) والذي تبدأ به اعمال الحج "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" (الحج 28). اما القارن والمفرد غير الفاسخ للاحرام يبقون على احرامهم.
وفي روايات عن يوم التروية تروى ابراهيم عليه السلام من ذبح ابنه اسماعيل عليه السلام نتيجة الرؤيا "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ" (الصافات 102) لسماعه نداء السماء بان يفتديه بذبح عظيم "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ" (الصافات 107). وفي رواية سمي يوم التروية للتروي اي التزود بالماء لان منى ليس فيها ماء سابقا فيجلب لها الماء. ويستحب المبيت في منى ليلة عرفة والمغادرة الى عرفات بالتلبية والتكبير بعد طلوع الشمس يوم التاسع من ذي الحجة. وليس من الواجبات المبيت في منى ويمكن الذهاب مباشرة الى عرفات محرما. ويفضل النوم والراحة في المساء استعدادا ليوم عرفة. والمسافة بين مكة ومنى نحو ستة كيلومترات عبر النفق حاليا يمكن مشيها للقادر على ذلك.
مشعر منى حاليا يسمى مدينة الخيام البيضاء او مدينة الايام الستة لان الحجاج يبيتون فيها من يوم التروية الى نهاية ايام التشريق. وسميت منى لتمني ادم فيها الجنة، وتسمي العرب المكان الذي يجتمع فيه الناس منى. وفي منى رمى ابراهيم عليه السلام الجمار وذبح فدية لابنه اسماعيل عليه السلام. وفي منى نزلت سورة النصر "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1) اثناء حجة الوداع. وتمت بيعة الانصار في منى المعروفة ببيعيتي العقبة الاولى والثانية من اعيان قبيلتي الاوس والخزرج قبل الهجرة الى المدينة، وفيها نزلت سورة الممتحنة "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ" (الممتحنة 12). وخلال التواجد في منى تستغل بالذكر والقرآن "سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" (يس 58).
والدليل القرآني على تجمع الناس في عرفات جاء في سورة البقرة "فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ" (البقرة 198) و " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ " (البقرة 199) أفاض يعني خرج مع جماعة اي خروج الحجاج في ان واحد من عرفات. وقال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (الحج عرفة) وقال صلى الله عليه وآله وسلم (خير الدعاء دعاء يوم عرفة) واتباع اهل البيت يقرءون دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة للحاج وغير الحاج. وكان للرسول صلى الله عليه وآله وسلم منبر في عرفة ببطنها وصلى صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الظهر والعصر قصرا وجمعا في عرفة بمسجد نمرة وخطب خطبة الوداع في المصلين ووقف النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أسفل جبل الرحمة ولم يصعد فوقه وطلب من الحجاج ان يقفوا في اي مكان من عرفات لانها كلها موقف. ومن واجبات الحج بعد الاحرام في مكة المكرمة هو الوقوف في عرفات من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة الى غروب الشمس والوقوف ليس معناه الوقوف على الرجلين إنما المكوث والوجود في عرفات. ان جبرائيل صاحب ابراهيم عليه السلام وعرفه مشاعر الحج وكان يردد عليه القول (أعرفت أعرفت) ومنها جاءت تسمية عرفات " فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ" (البقرة 198). ومن اشهر الاماكن في مشعر عرفة وادي محسر لان فيل ابرهة الحبشي انحسر اي انقطع عن الذهاب وهلك "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" (الفيل 1). يوم عرفة هو يوم المعرفة لكي يعرفوا و يتفكروا عند رؤيتهم هذا المشهد او يحضروه. فعرفات زمان بيومه ومكان بجبله.
ان الوقوف في مزدلفة ركن من أركان الحج فعلى الحاج الحرص على المبيت في مزدلفة حتى طلوع شمس العيد " فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ " (البقرة 198) والمشعر الحرام الذي هو بين جبلي المزدلفة. وافضل الذكر "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار" (البقرة 201) ومنها قيل ان الحج هو الدعاء حيث هذه الاية عادة يدعو بها اتباع اهل البيت في قنوت الصلاة، و وردت بعد سورة مناسك الحج "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ" (البقرة 200).
|