من الغريب أنّ تصل الأمور إلى ما وصلت إليهِ في بلد مثل العراق عانى سنين طوال من الحكم الشمولي الدكتاتوري الذي مسخ هوية أبناءه وجعلهم يعانون من عقدة النقص والحرمان, والأغرب من ذلك أنّ تقوم مجموعة من القيادات السياسية بالتنازع على السلطة وكرسي الحكم غير آبهة بالنتائج، وهؤلاء القادة هم أنفسهم من كان يقاتل في خندق واحد من أجل الخلاص من براثن الظلم والطغيان والدكتاتورية.

إنّ ما يقوم به القادة السياسيين العراقيين اليوم يجعلهم في قفص الاتهام كونهم لم يكونوا صادقين مع أنفسهم ولا مع شعبهم في ما أطلقوه في شعارات رنانة تنادي بالحرّية والاستقلال وخدمة المواطن من أجل كسب أصواتهم والوصول إلى قبة البرلمان والحصول على مواقع تنفيذية متقدمة في الحكومة، وكانت الفرصة أمامهم مواتية لإثبات مصداقيتهم وحرصهم على تطبيق الشعارات التي ألزموا أنفسهم بها أمام جمهورهم الذي انتخبهم.

ما يحدث في العراق من صراع محموم على السلطة نتيجته معلومة بعد ما انكشفت أوراق الجميع وبانت حقيقة ما يطمحون له، وقد جعلوا هموم المواطن خلف ظهورهم وأصبح همهم الوحيد خلق الأزمات من اجل إغفال الرأي العام عن المستوى الذي وصل إليه فسادهم المالي  والإداري وسرقتهم المال العام.

إنّ ميدان سباق المصالح الذي يتبارى به قادة العراق لا يوجد فيه رابح حقيقي بل فيه الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي المحروم فأيّ طرف من أطراف الصراع يصل إلى الهدف الذي يريده سوف يجر الويل والثبور  على أبناء هذا البلد، لأن طرفي النزاع لا يهمهم إلاّ مصالحهم الشخصية والحزبية وتدفعهم الأجندة الخارجية وسوف يبقون يدورون في حلقة المصالح المفرغة إلى أن تطيح بهم أصوات الناخبين في الانتخابات القادمة.