• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سحب الثقة عن المالكي ام تقسيم العراق ؟! .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

سحب الثقة عن المالكي ام تقسيم العراق ؟!

 المتابع للساحة السياسية العراقية لا يجد صعوبة في تشخيص دوافع الهجمة الشرسة على الرئيس المالكي ، فالذي يقوم بهذه الهجمة معروفة دوافعه وتطلعاته ، فبعض هؤلاء مدفوع بأجندة خارجية مدفوعة الثمن ، خاصة التيار البعثي الذي فُرض على العملية السياسية فرضا والشعب يعرف جيدا كيف فُرض هذا التيار البعثي ، ودور الامريكان ودول المحور الطائفي في المنطقة في ذلك ، هذا التيار يقوده عدد من قادة القائمة العراقية مدعوما من السعودية وقطر وتركيا .
والجهات السياسية الاخرى التي وجدت مصالحها الشخصية متطابقة وفي هذا الوقت بالذات ، مع الخط السياسي الذي يقوده بعض اشخاص القائمة العراقية، مثل السيد البرزاني الذي يقلقه كثيرا عندما يرى الحكومة المركزية تسير بخطوات بناء المؤسسات ، وبناء قوة المركز ، وهذا لا يروق له لأن قوة المركز في رأيه تحجيم لدوره في التأثير على قرارات المركز من جهة ، ومن جهة اخرى انهاء لسلطته غير الدستورية في التصرف بالثروات الطبيعية كالبترول في مناطق كردستان العراق  اضافة الى ان قوة المركز انهاء لتطلعاته غير المشروعة في السيطرة على المناطق المتنازع عليها وفي السيطرة على محافظة كركوك التي يريد ضمها الى كردستان العراق ، وهذا خلاف تطلعات الشعب العراقي وتطلعات شعب كركوك الذي يضم جميع الوان الطيف العراقي .
هذا الخطان نجحا في اختراق جبهة التحالف الوطني الذي يضم الاكثرية ، ويضم ضحايا نظام صدام الدموي ، حيث نجحوا في استمالة بعض الاطراف من التحالف الوطني ، رغم الاختلاف في التوجهات بين هؤلاء وبين توجهات الخطين السابقين  لكن ربما بدوافع المصلحة الشخصية والحزبية الضيقة والمصالح الانتخابية ، وبسبب النجاحات الكبيرة التي حققها المالكي داخليا وخارجيا ، والحسابات الحزبية قصيرة النظر، التي توحي لاصحابها ان بقاء المالكي الى نهاية دورته الانتخابية سيحقق المزيد من هذه النجاحات وهذا يعني المزيد من كسب الاصوات حسب الحسابات الشخصية الضيقة  ، هذه المعطيات دفعت بالبعض من اطراف التحالف ممن يطمحون لتحقيق مكاسب سياسية على حساب التفكير بمصالح الشعب والبلد العليا للاصفاف الى جانب الخطين السابقين اللذين لا يطمحان لتغيير المالكي كشخص فحسب ، بل لتغيير المعادلة السياسية الجديدة والسير بمنهج اخر معد ومهيأ من دول الاقليم الطائفية والدول الاخرى المعادية للوضع السياسي الجديد في العراق .
هذا المخطط يحتاج لوعي عميق من اطراف التحالف الوطني ومن جميع الاطراف الوطنية الاخرى التي تفكر بمستقبل العراق الواحد القوي وتسعى لحماية تجربته الديمقراطية الجديدة ، كي يتم استيعابه والتعامل مع مفرداته بشكل صحيح وسليم  لكن للاسف حصل العكس من بعض اطراف التحالف مما ولد خيبة امل كبيرة في نفوس الجماهير التي تعرف جيدا خيوط هذا المخطط الهدام .
اذن بسبب الخوف من ان يكتسح المالكي الساحة السياسية في الانتخابات القادمة لو بقي رئيسا للوزراء ، هي من دفعت البعض ليصطف مع المنادين بسحب الثقة عن المالكي ، والكل يعرف عندما تسحب الثقة عن شخص ما لابد من وجود اسباب ومبررات ، هكذا يقول المنطق والعقل ، وكذلك يقول الدستور اذ يجب ان يتم استجواب رئيس الوزراء داخل قبة البرلمان ، ويعرف الشعب اسباب سحب الثقة لانه هو صاحب المصلحة في ذلك ، وهو صاحب المصلحة ايضا في استقرار الاوضاع وبناء مؤسسات الدولة ، لكن كل هذه الخطوات لم تتم وهي خطوات دستورية وقانونية  وكأن الامر كله مجرد رغبات شخصية عند البعض ، وهذا خلاف الدستور والقانون وخلاف العقل والمنطق ، ونأمل من هؤلاء الاخوة ان يراجعوا انفسهم لاتخاذ القرار الصائب الذي فيه المصلحة العليا للوطن والشعب العراقي ، وان ينأوا بأنفسهم عن المصالح الشخصية الضيقة ، وعدم التضحية بالمصالح الوطنية ، التي تقتضي ان يبقى التحالف موحدا والّا ضاع العراق ومستقبله ، ويقول المثل ( في وقت الشدة تسقط الأحن ) .
الخط الكردي الذي يقوده السيد مسعود البرزاني ، رأى نفسه في مرة سابقة عندما قاد الحملة ضد رئيس الوزراء الجعفري ونجح في تنحيته في نهاية دورته لرئاسة الحكومة السابقة ، هذه السابقة جعلته يظن ان بأمكانه ان يفعلها ايضا مع المالكي ، لا بدافع الحقد الشخصي ، لأن السيد مسعود لا يهمه المالكي او الجعفري او أي شخصية اخرى ، انما الذي يهمه ويقلقه ان لا يرى الحكومة المركزية قوية ، او يرى رئيس الوزراء أيا كان اسمه او انتماؤه يتجه لبناء الدولة القوية ، لان هذا التوجه يعتبره انهاء لدوره في التأثير على القرار المركزي ، وانهاء لدوره في التصرف بثروات كرستان بعيدا عن السلطة المركزية ، والوقوف بوجه تطلعاته في السيطرة على المناطق المتنازع عليها ومنها محافظة كركوك الغنية بالنفط ، لهذا نرى البرزاني يثور بوجه أي رئيس وزراء يسعى لبناء العراق الموحد ، وبناء مؤسسات الدولة المركزية القوية ، لأن قوة المركز تخيفه ، فهو يفضل ان يرى العراق مقسما على ان يراه قويا وموحدا ، لهذا السبب كان البرزاني اول المؤيدين لمشروع بايدن التقسيمي ، ولهذا السبب ايضا وقف بوجه المالكي اليوم المتجه لبناء الدولة القوية الموحدة بعيدا عن التأثيرات الخارجية ، ودعى لاسقاطه ، وسيدعو لاسقاط أي رئيس للوزراء يسير بالاتجاه الذي سار فيه المالكي .
اما القائمة العراقية ، بل الصحيح بعض قيادات القائمة العراقية ممن يرتبطون بأجندات خارجية ، والذين يتحركون بدوافع طائفية ، ولا يروق لهم ان تكون قيادة الدولة العراقية بيد ممثلي الاكثرية الشعبية الفائزة في الانتخابات ، اذ يعتبرون ذلك خروجا على العرف في الدول العربية ، فهم يريدون حكم الاقلية مهما تكن سيئة ودموية وخلاف المعايير الديمقراطية ، على ان يتولى الحكم والقرار السياسي الاغلبية الشعبية ، اذ حكمت هذه الاقلية العراق منذ سيطرة العثمانيين المتخلفين حتى سقوط حكم صدام الدموي ، فهم يقبلون بدموية الصداميين على ان يكون مركز القرار بيد الاغلبية الشعبية التي يمثلها اليوم السيد المالكي ، وعندما يقولون دكتاتورية المالكي انما يعنون حكم الاكثرية الشعبية التي تشاركها في الحكم الطوائف الاخرى كل حسب حجمه الانتخابي ، هذه المعادلة الديمقراطية لا تروق للطائفيين والعنصريين من حكام المنطقة ، ولا تروق لرجالهم داخل الساحة السياسية العراقية من بعثيين وطائفيين ، سيما وقد لاحظوا فشل الخط الارهابي الذي يقوده بعض السياسيين المرتبطين بالخط الطائفي البعثي في المنطقة من امثال طارق الهاشمي  لتغيير المعادلة السياسية الجديدة في العراق لصالحهم ، فلجأوا الى طريقة جديدة لشق صفوف الاكثرية تحت عناوين شتى وبأصطناع ازمات سياسية مفتعلة .
اذن مَن يتحرك لسحب الثقة عن المالكي اطراف الخط البعثي والطائفي المدعوم من دول المحور الاقليمية الطائفية ، وقد خدعوا بعض الاطراف من التحالف التي تبغي الحصول على المكاسب الشخصية فحسب متناسين المصلحة الوطنية العليا للبلد  وغرض اولئك البعثيين والطائفيين غير غرض هؤلاء ، هؤلاء هدفهم المالكي كشخص لغرض استبداله باخر منهم او قريب عليهم لحسابات شخصية وانتخابية او انتقامية بسبب موقف المالكي الصلب بوجه الخارجين على القانون ، وغير حاسبين للاضرار الكبيرة الناتجة عن هذا التسرع غير المدروس واعتبره تسرعا عاطفيا .
اما الخط البعثي الطائفي المدعوم خارجيا ، والذي يتبناه ايضا مسعود البرزاني  فليس غرضه المالكي كشخص انما غرضه تغيير المعادلة السياسية الجديدة لصالحهم ، وما تغيير المالكي الا الخطوة الاولى في هذا الاتجاه ، فتحالفهم مع اطراف من التحالف انما هو مرحلي لغرض تحقيق الهدف الاول وهو ازاحة المالكي وبعدها تبدأ الحرب الحقيقية مع جميع الاطراف في التحالف بما فيهم هؤلاء الذين وقفوا اليوم الى جانبهم .
 وبناء على هذه المعطيات تحول المالكي الى رمز وطني في عيون الشعب العراقي من مختلف الطوائف والقوميات ، وبالطبع هذا لا يعجب دول الاقليم الطائفية ، اذن عليهم دخول المعركة بعناوين براقة جديدة ، وبأفتعال ازمات جديدة ، خدعت البعض ممن كان يحسب على صف التحالف الوطني ، اما الشعب العراقي فأنه يعرف جيدا الغرض النهائي لدول الاقليم الطائفية والخط السياسي العراقي المتعاون معها ، وهو تقسيم العراق والقضاء على تجربته السياسية الجديدة التي اقلقت دول المنطقة خاصة الطائفية منها.
من خلال هذه المؤشرات عرف الشعب الدوافع الحقيقة وراء نداءات سحب الثقة عن المالكي ، وكرد فعل على هذه التصرفات التي تقوم بها هذه الاطراف السياسية ، فقد تمسك الشعب بشكل اقوى بقيادة المالكي ، وقد ظهر ذلك من خلال استطلاعات الرأي التي قامت بها بعض المؤسسات المحلية والدولية المستقلة ، ومن خلال المسيرات والتجمعات التي جرت وعقدت في جميع المحافظات تقريبا .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18133
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30