اختلفت الآراء حول هدف تركيا من قصف مطار السليمانية مؤخرا.
فقد رأى البعض أنه عقوبة على دور حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل فيما نحى البعض نحو تورط الحزب بدعم حزب العمال الكردستاني وجناحه السوري الممثل بقوات ما يسمى “قسد” ما أدى الى إذكاء الصراع القائم بين الحزبين الكرديين الرئيسيين.
ويقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، محمد خوشناو، إن “ما هو معلن من أن تركيا استهدفت مطار السليمانية بسبب وجود قائد قوات سوريا الديمقراطية، غير صحيح، فالأخيرة نفت ذلك، كما أن زيارته للمدينة لو كانت حقيقية لما جرت بسرية تامة، إذ سبقتها زيارات علنية، كما أن رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني زار بشكل علني تلك القوات”.
ووقع انفجار أمس الأول الجمعة، عند جدار مطار السليمانية تسبب في اندلاع حريق دون وقوع إصابات.
ووفقا لمحافظ السليمانية، هفال أبو بكر، فأن “غارة جوية جرت قرب أطراف مطار السليمانية”.
وسرعان ما وردت معلومات، تفيد بأن الاستهداف صدر من القوات التركية، وكان يهدف لقتل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدلي، الذي كان في مطار السليمانية.
ويتهم خوشناو، الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتواطؤ مع أنقرة.
مشيرا بالقول إن “ذلك كان سببا لتمادي تركيا وتطاولها على العراق، فقواعدها العسكرية موجودة بمناطق نفوذ الحزب، الذي وفّر لها البيئة الملائمة لتستقوي على العراق”.
ويربط “بين استهداف مطار السليمانية، وبين الاتفاق النفطي بين بغداد والإقليم”، مؤشرا تضرر تركيا سنويا بأكثر من مليار دولار، نتيجة لإنهاء الاتفاق بينها وبين الحزب الديمقراطي، إذ أنها كانت تتقاضى عمولة مقابل بيع النفط، أما الآن فقد عادت الأمور لشكلها الدستوري، وتركيا تعرف جيدا أن من أعد الاتفاق النفطي وضغط لتحقيقه هو الاتحاد الوطني، لذا بدأت التصعيد في السليمانية”.
ويؤكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، أن حزبه “يبتعد عن التصعيد، فهو من دفع باتجاه الاتفاق النفطي وضرورة أن تكون بغداد مسيطرة على تصدير النفط، والآن تم الاتفاق وولى زمن استنزاف تركيا لنفط العراق”.
لافتا إلى أن “الحزب الديمقراطي الذي وقع الاتفاق يمثل الحكومة أولا، وثانيا جاء مجبرا ولم يكن يريد هذا الاتفاق”.
ويوضح أن “تركيا نفذت الاستهداف لتضررها من هذا الاتفاق، لكن المتحدث باسم حكومة الإقليم جوتيار عادل، بدا وهو يبرر القصف وكأنه ناطق باسمها”.
وكشف المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، الكولونيل جو بوتشينو، عن وجود ثلاثة عسكريين أمريكيين في قافلة عبدي أثناء استهداف سيارته بغارة جوية في العراق، دون وقوع إصابات، مشيرا إلى أن التحقيق جار حول الأمر.
وكانت تركيا، قد علقت في الثالث من نيسان أبريل الحالي، رحلاتها الجوية إلى مطار السليمانية دون بيان الأسباب، أو موعد عودة الرحلات الجوية، وذلك عشية توقيع الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل، الذي نص على استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان، لكن تحت أنظار الحكومة الاتحادية وشركة سومو، وذهاب إيراداته لحساب موحد.
وردا على اتهام الديمقراطي بالتواطؤ في استهداف المطار، يشير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، إلى أن “قضية استهداف مطار السليمانية يعود لنشاط إرهابي في المحافظة، وهذه النشاطات مراقبة من قبل تركيا، وهي تعرف كل شيء، ولا داعي لأن تقول لهم أربيل ما يفعلونه”.
ويبين كريم، أن “هناك مشكلة في الإقليم، تتمثل بخضوع السليمانية لجهة سياسية فقط، وهي من تدير كافة الجهات الأمنية والإدارية فيها، ولا تلتزم بقرارات وقوانين حكومة الإقليم”.
موضحا أن “تصريح المتحدث باسم حكومة الإقليم لا غبار عليه، لأنه طالب السليمانية بالالتزام بقرارات العراق والإقليم معا”.
غياب الاتحاد الوطني عن الاتفاق النفطي
وبشأن إيقاف تركيا للرحلات الجوية إلى السليمانية، يعزوه إلى “وجود نشاط إرهابي كما ذكرت أنقرة”.
منوها إلى “الانزعاج في أربيل مما يجري للسليمانية، كونها جزءا من الإقليم”.
وحول علاقة الاتفاق النفطي مع بغداد، ومن سعى لتنفيذه، يشير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أن “قرار محكمة باريس أسرع بتنفيذ الاتفاق في خطوة لتشريع قانون النفط والغاز، ونحن منذ 4 أشهر لدينا زيارات مستمرة لبغداد لهذا الغرض، خاصة وأن المدة المتفق عليها لتشريع قانون النفط والغاز بدأت تقترب من نهايتها”.
مستدركا أن “الاتحاد الوطني كان غائبا عن الوفود التي أفضت إلى توقيع الاتفاق، ولم يكن له دور، وما يؤكده من دور رئيسي غير صحيح، إلا إذا كان يتحدث عن الوفود التي قادها بافل طالباني قبل عام ونصف، فهي كانت مشتركة تضم الحزبين، لكن المهم أننا نحن من أبرمنا الاتفاق”.
وبتوجيه من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي لم يصدر أي بيان بشأن حادثة القصف، وصل وفد برئاسة مستشار الأمن القوى قاسم الأعرجي إلى السليمانية، للتحري حول طريقة القصف، إن كان بطائرة مسيرة أو بقصف جوي.
يشار إلى أن رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، أكد في بيان رسمي أن “تركيا ليس لديها المبرر القانوني “لمواصلة نهجها في ترويع المدنيين العراقيين بحجة أن القوات المناوئة لها موجودة على الأراضي العراقية، وندعو الحكومة التركية لتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي.
لكن مسؤولا بوزارة الدفاع التركية، نفى في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء، وقوع أي عمليات عسكرية للقوات المسلحة التركية في تلك المنطقة يوم الجمعة.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي الكردي، رعد عرفة، أن “الصراع بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني تاريخي ويعود إلى زمن الملا مصطفى بارزاني (والد مسعود)، وهذا الصراع يتراجع فترة ويظهر فترة أخرى، بسبب الخلاف على المناصب والموارد المالية”.
ويتابع، أن “الحزبين يمتلكان سلطة ومناطق نفوذ وواردات، وبالتالي فكل منهما يريد أن يتفرد بهذه الموارد، كما لا يريدان أن تكون لحكومة إقليم كردستان سلطة قانونية على كافة المناطق”.
مبينا أن “هناك منطقتي نفوذ واحدة للديمقراطي والأخرى للاتحاد الوطني، وكل منهما فيها قوات عسكرية وأمنية تابعة لحزب، فحتى رئيس الحكومة لا يمكنه التدخل بمنطقة نفوذ الاتحاد الوطني ونائبه لا يمكن أن يتدخل بمنطقة نفوذ الديمقراطي”.
وبشأن الصراع الذي بدأ بين الحزبين بعد استهداف مطار السليمانية، يوضح عرفة، أن “الحزبين لا يباليان بالأمن القومي والمصالح العليا للكرد والإقليم وحتى العراق، فهما يتنافسان فقط على الاستحواذ على أكبر حصة من المناصب والموارد، لذا نسيا أو تناسيا القصف التركي، وأخذا يتشاجران بالبيانات الرسمية، وكل منهما يريد أن يلقي باللوم على الآخر، غير آبهٍ بما تفعله تركيا من قصف أو إنشاء قواعد عسكرية”.
مؤكدا “على الحكومتين، الإقليم والاتحادية، أن تبذلا جهودا كبيرة لطرد القوات التركية”.

|