• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  النفاق آفة الإسلام .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

 النفاق آفة الإسلام

 واجه الإسلام معارك عديدة منذ أيامه الأولى ، واستطاع أن يخرج منها سالماً منتصراً رغم ضراوة المواجهة وضعف الامكانيات.. سواء كانت معارك مسلحة تقليدية أو معارك فكرية او من نوع الحروب الباردة كما يصطلح عليها حديثاً ..

فخاض معارك ضد الشرك والإلحاد ، وخاض معارك ضد الكفار من أهل الكتاب ، وكذا معارك ذات طابع دولي وسياسي اذا صح القول ، فواجه قياصرة الروم وأكاسرة الفرس .. وكل تلك المعارك انتهت وحُسمت في وقتها لصالحه ، الا معركة الإسلام ضد النفاق ، فإنها أطول معاركه على الإطلاق وأكثرها خسارة ، واستمرت من أيّام حياة النبي صلى الله عليه وآله، قال تعالى ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ٠) التوبة ١٠١ ، وتعاظمت بعد وفاته وإلى يومنا هذا .. !

والنفاق هو التمظهر بالإسلام لمآرب دنيوية أو شيطانية ، لشر يدفعه المنافق عن نفسه أو لمصلحة يجلبها له أو لأحقاد وسموم يعيشها قلبه المريض ويريد أن ينفثها في جسد الأمة ورسالتها السماوية .. قال تعالى ( اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) المجادلة ١٦ .

وللنفاق علامات ودلائل كثيرة بيّنها القرآن الكريم والحديث الشريف لسنا بصدد استقصاءها ، مثل ( التذبذب والتردد ، والتربص بالمؤمنين ، والتحاكم الى الطاغوت ، والإفساد بين المؤمنين .. ) ، ولعلّ العلامة الفارقة له هي عداوة أهل البيت وبغضهم والعياذ بالله .. فكان الصحابة يعرفون المنافق من بغضه لأمير المؤمنين كما ورد في الخبر عن ابن عمر ..

خسر الإسلام في معركته الطويلة هذه ضد النفاق هويته الحقيقية بعد أن أنحرف بسببه عن قياداته الربانية .. في حين انتصر المنافقون في مسك زمام الأمور واستطاعوا أن يبسطوا نفوذهم ويحققوا مطامعهم وبأعلى المكاسب والعوائد ..

الخلافة الإسلامية - كما تسمّى - بعد رسول الله وحتى سقوط آخر خليفة عباسي هي خلافة مبنية على أسس وقواعد النفاق الذي تشكّل داخل الإطار الإسلامي وأخذ صفته وهيئته المستقلّة وبات من أضخم أجهزة المجتمع الإسلامي عدداً وعدّة ..

عداء أهل البيت وتنحيتهم عن مناصبهم ومراكزهم الإلهية هي محور عمل جبهة المنافقين ، ثم تأتي جميع المطامع الأخرى بدرجات أدنى ، كإضمار الكفر أو التجاهر بالفساد والموبقات أو ممارسة الظلم والطغيان بأعلى درجاته ..

ولهذا فإن أهل البيت ؏ كانوا على رأس جبهة محاربة النفاق ، ودفعوا في هذه المواجهة ضرائب كبيرة ، فقُتل من قُتل وسُبي من سُبي واُقصي من اُقصي كما في الدعاء ، لأنهم قادة الإسلام الحقيقيون من جهة ولأنهم على رأس قائمة الاستهداف عند معسكر النفاق كما قلنا ..

ومن بين الائمة عليهم السلام ، إبتلى الإمام الحسن عليه السلام بجبهتين من النفاق ، الأولى امتلاء معسكره وجيشه الذي عدّه لمواجهة جيش الشام بقيادة معاوية منهم ، والثاني هو معاوية وجيشه نفسه حيث كان يمثل وقتها رأس النفاق .

فروي أنه عليه السلام عندما قام بأمر الله جل وعلا ، وأتاه الناس وبايعوه ، وقالوا له : يا ابن رسول الله نحن السامعون المطيعون لك . قال لهم عليه السلام : كذبتم ، فوالله ما وفيتم لمن كان خيراً مني فكيف تفون لي ، وكيف أطمئن إليكم . إن كنتم صادقين فموعدنا بيني وبينكم المعسكر في المدائن ، فركب وتخلّف عنه أكثر الناس . فقام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكرهم بأيام الله ثم قال : أيها الناس قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي ، فلا جزاكم الله عن رسول الله وأهل بيته خيراً . مع أي إمام تقاتلون بعدي ؟ مع الظالم الكافر الزنديق الذي لم يؤمن بالله ورسوله قط ، ولا أظهر الإسلام ومن تقدّمه من الشجرة الملعونة في كتاب الله بني أمية إلا خوفاً من سيوف الحق ، ولو لم يبق منهم إلا عجوز درداء لبغت دين الله الغوابل .

سلام الله على مولانا الزكي ورحمة الله وبركاته




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=180541
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 04 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15