• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصوم معرفة / ٣ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

الصوم معرفة / ٣

الصوم من العبادات التي تُعرِّف الإنسان على نفسه ، وتُطلعهُ على أحوالها ، وذلك لما فيه من مشقّة الجوع والعطش والتشديد في تقييد استعمال الجوارح ومطلوبية تحسين الخُلق في شهر الصيام .. ، أضف الى قائمة التروك هذه قائمة أخرى من أعمال ومستحبّات ترافق الصيام وتستوعب معظم يومه وعلى طول شهرٍ كامل .. حتى كان الصيام أحد معاني الصبر في قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) ، عن الإمام الصادق عليه السلام : ( الصبر الصيام ، وإذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة فليصم ، فإن الله تعالى يقول : واستعينوا بالصبر والصلاة ) الوسائل ١٠ / ٤٠٨ ، ويعرّف السيد السبزواري قدس سره الصبر : ( هو كفّ النفس عن الهوى ، مع مراعاة تكليف المولى ) مواهب الرحمن ١ / ٢٩١ .

فالصوم اذن امتحان واختبار حقيقي لإمكانيات المكلّف وإستعداده لتحمّل هكذا تكاليف ومهامّ شرعية ، وبالتالي هي إطلالة جيدة يتعرّف من خلالها المرء على ما أنطوت عليه نفسه من نقاط قوّة أو ضعف ..

ولا يقتصر الصوم على قراءة صفحات النفس وإنما بنفس الوقت يؤدّي مهمّة إلجامها وتذليل قوى التمرّد فيها وتعزيز مقابض السيطرة عليها وتوجيه دفّة القيادة الى حيث ما ينبغي أن تتجه نحوه ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ) النازعات ٤٠-٤١.

ثم أنّ معرفة النفس - قراءةً وقيادة - من أوسع أبواب معرفة الله جلّ وعلا ، وكما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) ، وهذه الملازمة بين المعرفتين دلّت عليها الكثير من النصوص الشريفة وبألسنة مختلفة ، نقتصر على هذه الرواية الكافية والشافية في بيان المطلب إن شاء الله تعالى :

دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رجل أسمهُ مجاشع ، فقال : يا رسول الله ، كيف الطريق إلى معرفة الحق ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : " معرفة النفس " فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى موافقة الحق ؟ قال؛: " مخالفة النفس" ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى رضا الحق ؟ قال : " سخط النفس " ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى وصل الحق ؟ قال : " هجر النفس" ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى طاعة الحق ؟ قال : "عصيان النفس" ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى ذكر الحق ؟ قال : " نسيان النفس" ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى قرب الحق ؟ قال : " التباعد من النفس" ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى أُنس الحق ؟ قال : " الوحشة من النفس" ، فقال : يا رسول الله ، فكيف الطريق إلى ذلك ؟ قال : " الاستعانة بالحق على النفس" . ميزان الحكمة ج٣ ص١٨٧٧

فالصوم طريق لمعرفة النفس ، والنفس طريق لمعرفة الله .. رزقنا الله وإيّاكم فضل وشرف المعرفتين ، فهو نِعمَ المولى ونِعمَ المُجيب .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=180004
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15