أشدُّ الأعداءِ وأسلحةُ المنتظِر
الحقُّ والباطل، اثنينيةٌ واقعيةٌ لا يُنكرها عاقل.
جذورُ الباطلِ امتدّتْ في الماضي السحيق، كما الحق، فإبليسُ توعّدَ آدمَ وذريتَه بالإغواءِ ونحنُ لمّا نُخلقْ بعد، وآياتُ بدءِ خلقِ البشر تحكي ذلك بوضوح.. قال (تعالى): "وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً. قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلىٰ يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً"
وهكذا هي السنةُ في الحياة، قال (تعالى): "وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفىٰ بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً"
العقيدةُ المهدويةُ لم تسلمْ من الضد، والعدو، والمنافي، حالها حال أيّ عقيدةٍ حقّة، والعداوةُ لها مُتجذِّرةٌ في أعماقِ النفوسِ التي أبَتِ الانصياعَ إلى دينِ الحق، بدءًا بأولِ من أسّسَ أساسَ الظلمِ والجورِ على أهلِ البيت (عليهم السلام).
يقولُ الإمامُ الصادق(عليه السلام) فيما رويَ عنه: «إنّا وآل أبي سفيان أهلُ بيتين تعادينا في الله، قلنا: صدقَ الله، وقالوا: كذبَ الله. قاتلَ أبو سفيان رسولَ الله (صلى الله عليه وآله)، وقاتلَ معاويةُ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)، والسفياني يقاتل القائم (عليه السلام)» .
وهذا معناه: أنَّ هذين الخطّين ما زالا علىٰ شاكلتهما، ولا ينقطعان أبدًا.
وعليه:
فإنَّ أعداءَ القضيةِ المهدويةِ هم بالتالي أعداءُ المؤمنين بها، وأنّ عداوتَهم تختلفُ على درجاتٍ مُتفاوتة، ولعلَّ أشدَّ الأعداءِ هم:
أولًا: من يُحسنون حياكةَ الكلامِ الباطلِ بحيث يحسبُه الظمآنُ ماءً، ويحسبُه الباحثُ حقًا، ممّا يشوشون به على المؤمنين، وهو باطلٌ مُبتنٍ على شبهات.
ويدخلُ ضمنَ ذلك الإعلامُ المُضلِّل، بقنواته المُتنوعة، الذي يستعملُ أنواعَ الأكاذيبِ والخُدَعِ من أجلِ إيصالِ الفكرةِ إلى الجمهور.
من حديث رسول الله رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، هلاك أمتي على يدي [كل] منافق عليم اللسان.
ثانيًا: من يعملون على التصفيةِ الجسدية لأتباعها.
ثالثًا: من يدعمون ذينك الصنفين بالمالِ والحمايةِ اللازمين.
أمامَ هذا الواقع، هل من أسلحةٍ للمؤمن؟
الجواب:
إنَّ أسلحتَه تكمنُ في:
أولاً: الدُعاء والتوسُّل إلى اللهِ (تعالى) بأنْ يحفظَ للمؤمنِ دينَه، وأنْ لا يبتليَه فيه، وأنْ يوفِّرَ له الظروفَ المناسبةَ للبقاءِ على الحق، والابتعادِ عن الباطل، وعدمِ الانزلاقِ في مهاوي الباطلِ والشبهات، وعدمِ الانخداعِ بمظاهرِ النفاقِ المتلبسةِ بلباسِ الدين.
ثانيًا: دراسة المبادئ الاعتقاديةِ وترسيخ أدلتها بالأدلةِ القطعيةِ اليقينية، الأمرُ الذي يعني تجذُّرَ العقيدةِ المهدويةِ في نفسِ المؤمن، وقدرتَه على الدفاعِ عنها، وكشفَ الشبهاتِ المطروحةِ ضدّها، وهدايةَ طالبِ الحقيقة فيها.
ولا شكَّ أنَّ الرجوعَ إلى المُتخصِّصين في العقيدة، له من الأثرِ الإيجابي ما لا يُنكِرُه عاقل.
ثالثًا: اتّباع المرجعيةِ الدينيةِ المؤتمنةِ على الدين والدنيا، لما تمتلكه من حنكةٍ وبعدِ نظرٍ يرسمُ الخطواتِ المنهجيةَ للمواجهة، والتي قد تكونُ هي المواجهةَ المسلحة، كما في فتاوى الجهادِ التي أصدرَها علماءُ الطائفةِ الحقّةِ أمسِ واليوم، وقد تكونُ هي التكاتفَ والتكافلَ المادي، وقد تكونُ غيرَها كما تراه المرجعيةُ مُناسبًا.
|