قضية الانفجار السكاني في العراق تثير مواقف متباينة

قضية الانفجار السكاني في العراق تثير مواقف متباينة

أثيرت أخيرا قضية الانفجار السكاني في العراق بالتزامن مع أزمات عدة يعانيها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع بأسعار المواد الغذائية، فضلا عن تردي البِنَى التحتية.

واجه متخصصون بالاقتصاد والاجتماع، نفي وزارة التخطيط لأي انفجار سكاني في العراق بمواقف متباينة، ففيما أكد بعضهم على ضرورة قياس نسبة السكان مع الموارد المتوفرة، رأى قسم منهم أن الموارد غير كافية سواء من السكن أو المياه والغذاء والنظام الصحي، وسط مطالبات بتوجه الدولة لتحديد النسل والسيطرة على عدد السكان.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، إن “هناك وجهات نظر متعددة بشأن تعريف الانفجار السكاني، ولكنه عمومًا موجود في العراق، والدليل على ذلك أن الشباب ممن أعمارهم تقل عن 25 عاما يشكلون قاعدة الهرم الكبرى، ومن تبلغ أعمارهم سنة واحدة أكثر ممن تبلغ أعمارهم سنتين، وهذا هو المؤشر على الانفجار السكاني”.

ويبين المشهداني أن “العراق يحتاج سنويا 200 ألف وحدة سكنية جديدة، لأن سكانه يزدادون بمقدار مليون نسمة سنويا، بينما في المقابل يوجد تلكؤ في إنجاز مشاريع السكن، فضلا عن شح المياه وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتردي الخدمات الصحية، وهذه كلها من مؤشرات الانفجار السكاني”.

لافتا إلى أن “موارد العراق كافية لسد متطلبات السكان حتى في ظل الزيادة الهائلة في الأعداد، ولكنها بحاجة إلى تخطيط واستثمارها بشكل صحيح”.

وكانت وزارة التخطيط، توقعت يوم الأربعاء، ارتفاع عدد السكان في العراق إلى 42 مليون نسمة بحلول نهاية العام الحالي.

كما أشارت إلى أن العراق لم يصل مرحلة الانفجار السكاني وأن نسبة النمو السكاني تقدر بـ2.6 بالمئة.

وبموجب هذه النسبة فإن عدد السكان يزداد بنحو 850 ألفا سنويا، إلا أنها منخفضة عما كانت عليه قبل 10 سنوات حيث كانت نسبة النمو السنوي 3.3 بالمئة، مؤكدة أن معدل الزيادة طبيعي.

وتظهر توقعات وزارة التخطيط، المنشورة على موقعها الإلكتروني، أن نفوس البلد ستصل إلى 51 مليونا بحلول العام 2030.

وتأتي هذه الزيادة السكانية، بالتزامن مع أزمات عديدة يعانيها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع بأسعار المواد الغذائية، فضلا عن تردي البنى التحتية.

في السياق ذاته، يوضح الباحث الاقتصادي ملاذ الأمين، أن “قياس الانفجار السكاني يتم بواسطة تقسيم ما تدر الأرض من منتجات زراعية على عدد النفوس، فإذا كانت المنتجات والغذاء غير كافية فهذا يعني وجود انفجار سكاني”.

ويضيف الأمين أنه “بالنسبة للعراق لم يصل بعد مرحلة الانفجار السكاني، ولكن قد نصلها عندما يصبح عدد نفوس العراق من 80 إلى 100 مليون نسمة، وفي ذلك الحين قد لا تكفي موارد الزراعة لهذا العدد، حيث كلما ترتفع نسبة السكان سيزداد الطلب على الغذاء وغيره”.

ويشير إلى أن “موارد العراق الحالية كافية لتغطية العدد الموجود، حيث لدينا النفط إضافة إلى أراض زراعية تكفي العراق ودولا أخرى، ثم أن موقع العراق الجغرافي يمكن أن يدر أموالا كثيرة لو تم استغلاله بشكل صحيح”.

يذكر أن آخر إحصاء للسكان في العراق كان عام 1997، وأظهر أن عدد السكان هو 22 مليون نسمة، ولم يجر أي إحصاء بعد ذلك لغاية الآن.

وكان المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، مظهر محمد صالح، أكد في حديث سابق، أن المنحنى السكاني في العراق ما زال يؤشر نموا مرتفعا وبما لا يقل عن 2.6 بالمئة سنويا، وهو الأعلى عالميا، كما أن الدخل الوطني المرتفع حاليا والذي مصدره النفط، والذي تشكل وارداته 93 بالمئة من إجمالي إيرادات الموازنة العامة قد لا يستمر.

من جانبها، تفيد الباحثة الاجتماعية سمر الفيلي، بأن “العراق يعيش انفجارا سكانيا بالتأكيد، وهناك عوائل تنجب عشرات الأطفال من دون تفكير وتخطيط، مع أنّ الوضع الاقتصادي في البلاد متردي”.

وتردف الفيلي أن “ما يثير الاستغراب أن البعض يعمل بأجر يومي ولديه 10 أطفال بحجة أن رزقهم يأتي معهم، وكان على وزارة التخطيط التفكير بالحد من الإنجاب منذ سنوات طويلة كما في الصين وغيرها من الدول التي حددت النسل”.

وتتابع أن “هذا الازدياد يؤثر بشكل كبير ففي الحالة الاجتماعية والبنية المجتمعية، حيث يقابله انعدام التربية الصحيحة، ما ينبئ بكارثة من كوارث الاقتصاد التي نمر بها، لأن هذه الأعداد تحتاج مدارس ومستشفيات وكوادر اخرى”.

وكانت وزيرة الدولة السابقة لشؤون المرأة بشرى الزويني، صرحت العام الماضي، أن نسب الإنجاب عالية في المناطق الفقيرة داخل البلاد التي تعاني مشكلات اقتصادية، مبينة أن العراق من الدول مرتفعة الخصوبة التي تصل إلى 3.5، في حين تتراوح بأغلب دول العالم بين 2 إلى 2.25 كحد أقصى، ما أدى إلى ارتفاع معدل السكان بشكل كبير.

يشار إلى أن عضو الفريق الإعلامي لوزارة الصحة ربى فلاح، أكدت سابقا، عدم إمكانية إجبار المرأة على إنجاب عدد معين من الأبناء، كون واجب الوزارة هو إرشادها وتوعيتها والاكتفاء بثلاثة أطفال فقط كحد أعلى، لتفادي من الخطورة الصحية التي قد تتشكل نتيجة الحمل المتكرر.

مؤكدة أن جميع دول العالم تحاول الذهاب إلى التنظيم الأسري، وهذا هو الطريق الأفضل في جميع دول العالم، أما بالنسبة للعراق فلا قانون يجبر المرأة على أن تتقيد بعدد محدد من الأطفال.