يتباين حجم التبادل التجاري بين العراق ودول الاتحاد الأوروبي في ظل التوجه إلى الأسواق التجارية الأسيوية وذلك لأسباب عدة أهمها قرب تلك الأسواق من العراق وسهولة التحويل المصرفي فيما يرى اقتصاديون ان ذلك يأتي على حجم النوعية والتنوع في البضائع.
ويقول نائب غرفة تجارة بغداد حسن الشيخ إن “بضائع الاتحاد الأوروبي باهظة الثمن بالنسبة للتجار، إضافة إلى سهولة حركة التجارة في الصين وفيتنام وكوريا الجنوبية وإيران وتركيا، في حين أن هناك دولا يصعب على التجار الحصول على تأشيرتها”.
ويوضح أن “هناك صعوبة أيضا في الشحن والتحويلات المالية والوصول إلى المعارض بالنسبة للدول الأوروبية، وهذه كلها عوامل تعيق التجار عن التوجه إلى أوروبا”.
ويشير إلى أن “الدول الآسيوية تسهل حركة التجارة من أجل منافسة الدول الأوروبية، بينما الأخيرة تفرض شروطا معقدة تجعل التجارة معها غير مجدية”.
وكانت الملحقية التجارية الإيطالية في العراق، أعلنت يوم أمس الجمعة، أن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيطاليا بلغ 656 مليون دولار في العام الماضي، وكان حجم الصادرات العراقية لإيطاليا 3.4 مليون دولار سنويا.
يشار إلى أن بيانات الحكومة الصينية والجمارك الصينية، كشفت أن العراق استورد خلال خمس سنوات 77 مليون إنارة جدارية وسطحية (براكيت) وثريات بقيمة 388 مليون دولار.
وفي العام الماضي فقط، استورد العراق 28 مليون قطعة من ذات المنتجات بقيمة 141 مليون دولار، علما أن الشركة العامة للصناعات الكهربائية والإلكترونية التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، تنتج المنتجات ذاتها.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن دون تحقيق أي وعد، بل تستمر عجلة التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت انهيارا كبيرا نتيجة عدم توفر البنى التحتية، من قبيل استمرار انقطاع التيار الكهربائي أو الحماية اللازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول إلى مستهلك للبضائع المستوردة.
في السياق ذاته، يبين الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، أن “البضائع الأوروبية كانت رائجة جدا في العراق في ما مضى، أما الآن، ولرخص السلع الموجودة في الصين، فإن التوجه أصبح نحوها، وفي الفترة المقبلة هناك مشاريع عراقية بأياد أوروبية سواء فرنسية أو ألمانية أو إسبانية ستنفذ، وهي مشاريع حكومية”.
ويتابع أن “لدينا في العراق سوقا مفتوحة، والبضائع الموجودة الآن رخيصة جدا مقارنة مع البضائع الإيطالية أو الألمانية وغيرها، لذلك يتم استيرادها بكثرة”.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن “السيطرة النوعية ضعيفة جدا ولا يوجد اهتمام بها بسبب الفساد المستشري، وعليه أصبحت لا تهتم بالمواد المستوردة”.
يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية والإيرانية، وكان رئيس مصلحة الجمارك الإيرانية علي رضا مقدسي، أعلن مطلع العام الحالي، أن الصادرات السلعية للعراق سجلت 38 مليار دولار في الشهور العشرة الأخيرة، وذلك بنمو 38 بالمئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وقد حقق استيراد البضائع من تركيا رقما قياسيا في شهر حزيران يونيو الماضي، ليتجاوز حاجز المليار دولار مرتفعا بنسبة 20 بالمئة مقارنة مع استيرادات العراق في شهر أيار مايو الذي سبقه، ومرتفعا بنسبة 22 بالمائة مقارنة مع شهر حزيران من سنة 2021.
من جانبه، يفيد المحلل الاقتصادي ملاذ الأمين، بأن “البضائع الأوروبية تحددها خطط الاستيراد، وتسمى مقاييس السيطرة النوعية، عبر جهاز تابع لوزارة التخطيط، وهو يتكفل بقوائم الاستيراد ضمن مواصفات التقييس والسيطرة النوعية، وهذه لم تأخذ دورها الكامل في هذا المجال، ما جعل العراق سوقا مباحة لكل المنتجات، سواء المسموح بها أم غير المسموح”.
ويضيف أن “التجار يتوجهون إلى أي جهة تدر عليهم أرباحا أكبر بغض النظر عما إذا كانت البضائع المستوردة تضر بالمواطن أو البلد”.
ويردف أن “التوجه لهذه البضائع سيساهم بتعطيل تفعيل المعامل والمصانع العراقية، كون أن هذه البضائع الموجودة حاليا رخيصة وجذابة، في حين أن المنتج العراقي يكون سعره أكثر”.
جدير بالذكر، أن المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون، كشف في تشرين الثاني نوفمبر 2021، عن طرح العراق في منتدى الأعمال العراقي-التركي، مقترحا لتشكيل كتلة اقتصادية إقليمية تضم العراق وتركيا وإيران لتصبح قوة للمنطقة تتيح لها منافسة التجمعات الاقتصادية حول العالم، بحسب قوله.
وقد وصف خبراء في الاقتصادي، مقترح التكتل التجاري بين العراق وتركيا وإيران، بأنه خطوة لشرعنة تهريب الدولار، واصفين التكتل بـ”غير المتكافئ”، نظرا لأن الدولتين مصدرتان والعراق مستورد فقط، فيما اشترطوا جلب استثمارات الدولتين إلى داخل العراق، حفاظا على العملة الصعبة ولضمان تشغيل الأيدي العاملة المحلية.

|