مما لاشك فيه إن الحجاب زينة المرأة المسلمة؛ فهو كالصدفة التي تحفظ كرامتها، وشخصيتها، وهو السمة التي تميز هويتها الثقافية الأسلامية.
فالحجاب ليس مجرد لباس ترتديه المرأة؛ انما هو الحصن الحصين الذي يحميها، والسياج الواقي الذي يعصمها من أن يفتتن بها أحد.
نلاحظ بين فترة وأخرى إندلاع موجات من الحرب الشعواء ضد الحجاب الأسلامي، تارةً بزعم محاربة التطرف مثلما حصل في فرنسا، وثانيةً دفاعاً عن حرية المرأة، مثل الدعوات التي يطلقها دعاة العولمة وحرية المرأة، واخرى تحت ستار تصحيح بعض الأفكار الدينية؛ عن طريق تغيير تفسيرات الاحكام الشرعية، وتارةً تكون سياسية؛ مثلما حصل مؤخراً في قضية (مهسا) الشابة الأيرانية.
هذه الهجمات، يمكن إن ندرجها ضمن الحرب الناعمة ضد الهوية الثقافية الاسلامية، والتي اتخذت اشكالاً متعددة، وكلها تسعى إلى هدف واحد هو تمزيق الأسلام وتدميره لذلك تحاول قوى الشر، تفكيك المجتمعات المسلمة من الداخل، وقد حظيت قضية المرأة بالنصيب الأوفر؛ حيث تعتبر نواة الاسرة المسلمة؛ لذا فأن كسر المرأة هو كسر للأمة الأسلامية.
فبدأوا بمحاربة الحجاب الاسلامي حرب لاهوادة فيها، ووصفوا الحجاب بأنه يغطي على عقل المرأة، وأنه جزء من اضطهاد الأسلام لها، ونعتوا المحجبات بشتى النعوت؛ مثل التخلف، والرجعية، وغيرها مما ينعق به الناعقون.
اتخذت هذه الحملات اشكالاً متعددة منها مايسمى بتحرير المرأة، ودفعها للتبرج، والسفور، ومخالطة الرجال، وجذبها من خلال الموضة، والازياء، ومساحيق التجميل وقد نسي هؤلاء الفسقة، الذين يريدون افراغ المرأة من قيمتها، وإحترامها، إن الاسلام ماشرع الحجاب؛ إلا ليصون المرأة المسلمة، ويكرمها، ويحميها من مشاكسات الذئاب البشرية.
وعندما شعر هؤلاء بالفشل، وتساقط حججهم مرة بعد أخرى؛ لجأوا إلى الاستشهاد ببعض ممن يتدثرون برداء الدين، ويفسرون الأحكام الشرعية بحسب اهوائهم، ويدعون بأن الحجاب لم يرد في القرآن الكريم بآية صريحة، والاسلام لم يفرض الحجاب، وهو ظاهرة اجتماعية، وان المجتمعات الاسلامية تلتزم بالحجاب على اساس انه موروث اجتماعي، وليس واجباً وفرضاً دينيا؛لكن هناك علماء_أجلاء_امناء واقفون لهم بالمرصاد, مستندين إلى الاحكام الشرعية التي وردت في كتاب الله العزيز، والتي أمرت النساء المسلمات بالحجاب، وحرمت عليهن التبرج، والسفور، ومخالطة الرجال حيث قال سبحانه وتعالى:
(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ولأن أمر الحجاب في الإسلام عظيم، فقد جاء الأمر الرباني للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام، بأن يأمر أزواجه، وبناته وهن العفيفات الشريفات، قبل نساء المؤمنين بارتداء الحجاب، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
نلاحظ من الآيتين السابقتين: أن الحجاب فرض من فروض الأسلام، لايقل أهمية عن بقية الفرائض، وكل ادعاءاتهم، وحججهم واهية، لاتستند إلى حكم شرعي صحيح، لان الحجاب يعتبر فرض في كل الديانات السماوية، وليس في الدين الأسلامي فقط.
وعندما وجدوا إن كل محاولاتهم باءت بالفشل، واخذ الحجاب ينتشر بين أوساط المسلمين في الدول الاسلامية، بل وحتى الدول الغربية،
قاموا بشن حربهم ضد الحجاب ويظهر ذلك واضحاً في التصريحات الشهيرة لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق (جلادستون) حول قضية المرأة والحجاب الإسلامي، حيث قال: "لن يَستقيم حال الشرق الإسلامي ما لم يُرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويُغطى به القرآن"، وايضاً قال (جلادستون): "إنَّ التَّأثير الغربي الذي يظهر في كل المجالات، ويقلب رأساً على عقبٍ المجتمع الإسلامي، لا يبدو في جلاءٍ أفضل ممَّا يبدو في تحرير المرأة..
وايضاً قامت -خلال الفترة الماضية- العديد من الدول الغربية، بشن حملات ضارية، ضد الحجاب، مثلما حصل في فرنسا؛ حيث قامت السلطات التعليمية بفصل العديد من الطالبات المحجبات وامتدت هذه الحملة المسعورة إلى الولايات المتحدة؛ حيث قضت محاكمها بفصل العديد من الطالبات؛ بسبب الحجاب، وفي هولندا تأخذ الحملة على الأرهاب طابعاً مختلفاً؛ حيث تشن الصحف التابعة لليمين المتطرف، حملة متواصلة ضد الحجاب، وهكذا الحال في بقية الدول الأوروبية.
ولم تتوقف هذه الحملة عند الدول الغربية فقط، وانما امتدت لبعض الدول العربية، والاسلامية حيث انساقوا خلف هذه الهجمات، متناسين هويتهم الثقافية، والدينية، والتي يعتبر الحجاب جزءاً اصيلاً فيها، مثلما حصل في مصر، حيث تتعرض المحجبات لمضايقات كثيرة، وفي تونس أقدمت إدارة معهد القنال الثانوي، على منع 38 طالبة من أداء الامتحانات؛ بسبب ارتدائهن الحجاب، وغيرها مما حصل في بعض البلدان العربية، والاسلامية الأخرى، وستبقى هذه الحركات مستمرة مادامت نسبة المحجبات في زيادة ملحوظة على مستوى العالم، وتبقى هذه الحركات مغلفة ومسيسة من اجل عملية اسقاط الاسلام، وزعزعة المفاهيم الدينية الصحيحة، وتشويش الفكر العقائدي عند العالم، وبالأخص في الدول التي تحارب الحجاب.
يبقى السؤال المهم: لماذا اتحد الجميع على محاربة الحجاب؟ ولماذا كل هذه الحملات الشرسة؟
لماذا كل هذا الخوف من الحجاب؟ هل الحجاب يعني لهم رسوخ الاسلام وانتشاره؟
لذلك لم يبق امامهم اي مجال آخر سوى اعلان هذه الحرب على الحجاب وافراغ الهوية الثقافية للمرأة المسلمة من محتواها.
(سلسلة الأعداء وأدواتهم يخططون) الحلقة 3
|