• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : كلمة بمناسبة الذكرى العطرة للولادة الميمونة لسيدة النساء عليها السلام .
                          • الكاتب : محمد صادق الكيشوان الموسوي .

كلمة بمناسبة الذكرى العطرة للولادة الميمونة لسيدة النساء عليها السلام

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمان الرحيم
"ربِّ إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي". صدق الله العلي العظيم
والحمدُ لله ربِّ العالمين معتمدِ المؤمنين وغاية آمالِ العارفين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، المحمود الأحمد والمصطفى الأمجد، حبيب إلهِ العالمين أبي القاسم محمد، وعلى بضعته الطاهرة وروحه التي بين جنبيه الطُهرةِ الطاهرةن سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين فاطمة الزهراء على شرف ذكرِ إسمها فَلترفعِ الصلوات. ثم السلام على عليٍّ أمير المؤمنين ووصي رسول ربِّ العالمين، وعلى السبطين الأمامين الحسن والحسين وعى زين العابدين وقرةِ عينِ الناظرين علي بن الحسين وعلى الأئمة الهُداةِ من ذريته الطاهرة، وعلى خليفةِ الله وناصرِ دينه والقائمِ بأمرهِ بين خلقِه الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.
والسلام عليكم أيها الحفل الكريم ورحمة الله وبركاته
نباركُ الإمام المنتظر المهدي الحجة بن الحسن روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء والأمة الإسلامية جمعاء ونبارك لكم أيها السادة الأفاضل الذكرى العَطرة للولادة الميمونة لسيدة نساء العالمين فاطة الزهراء صلوات الله عليها.
لقد ذكرتُ في مناسبةٍ سابقةٍ أن الأحتفالَ بذكرى ولادة السيدة الطاهرة لهُ وقعٌ مميزٌ في قلوب المؤمنين جميعا لِما للسيدة الزهراء عليها السلام مِن منزلةٍ رفيعةٍ ومَرتِبةٍ عاليةٍ من مراتبِ ذلك البيتِ الطاهر الذي أذهبَ اللهُ عن أهلهِ الرِجسَ وطهرهم تطهيرا. ذلك أن فاطمة هي روحُ النبيّ الذي لا ينطِقُ عن الهوى. فمَن مِن أحدٍ أقربُ إلى قلبِ رسولِ الله (ص) مِن فاطمة ومِنْ روحُ الروحِ سوى فاطمة.
فاطمة إمرأةٌ إستثنائية، هكذا يُعَبّرُ عنها أصحابُ التَراجُمِ والسِيَر.
أجل ايها السادة .. إن الزهراء صلوات الله عليها هي إمرأة إستثنائية بكل المقاييس، فهي بنت إستثنائية، وزوجة إستثنائية وأم ومربية إستثنائية. لم تصل الزهراء إلى هذه المرتبة العالية بسبب تأثير العامل الوراثي فقط فقد كانت البنت الوحيدة التي حازت على كنية(أمِّ أبيها) فكانت وكما تذكر الروايات والأخبار عنها إذا دخلت على رسول الله (ص) قام إليها فأخذَ بيدِها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخدت بيدِهِ فقبلتها وأجلسته في مجلسه. لقد كانت أمّاً حنونا لأبيها (ص) تعطيه من حبها الخالص وحنانها المنقطع النظير وإهتمامها الكبير وترعاه خير رعاية. ألم تكن هذه مواصفات بنت إستثنائية حقا من الأولين والآخرين. وكذلك هي زوجة ليست كسائر الزوجات فالبرغم أنها إبنت نبيّ الأسلام وزوجة إمام المسلمين إلاّ إنها كانت تقوم بواجبات الزوجة الصالحة المخلصة الحريصة على تأدية مسؤليتها الشرعية والأخلاقية على أحسن وجه فلم تعمد إلى حياة الترف والرفاهية والكسل وإنما إستَقَت بالقِربَة حتى أَثَّرَ في صدرها، وطَحنَتْ بالرَّحى حتى مجلت يداها وهي إبنت الرسول الاعظم وزوجة وليِّ الله المكرَّم. مَن من الزوجات في الحاضر والماضي يعملن عمل الزهراء ويجاهدن كجهادها. وأمّا كونها أمّاً إستثنائية فنظرة واحدة إلى من ربتهم الزهراء وحرصت على رعايتهم دليلُ واضح وبرهان قاطع وحجة دامغة على طهارتها وسمو نفسها فها هو الحسن المجتبى كريمُ أهل البيت وسبط النبي وسيد شباب أهل الجنة وأخوه الحسين الشهيد بكربلاء، الثائر على الظلم والفساد الذي طال العباد. وها هي الحوراء الأنسية زينب وما أدراك مازينب تلك السيدة الطاهرة التي لم تترك صلاة الليل وهي في السبي والقائلة ليزيد الفاسق بعدما سألها:" مارأيتِ صنعَ اللهِ بأخيك الحسين فقالت مارأيتُ إلاّ جميلا". إنها عبارة تستحق التأملَ كثيرا لمن يجهل حقيقة زينب عليها السلام. 
أيها الحفل الكريم..
هذه إشارة مختصرة جدا عن الزهراء عليها السلام وليس حديثا عن حقيقتها التي قال عنها أستاذي أنه لا يدركها ولا يقوى على فهمها وقد كان مصيبا ومحقا في ذلك فكيف السبيل إلى معرفة حقيقتها وكل شي فينا محدود فالبصرُ محدود والسمع محدود والفهم محدود كذلك. إن الحديثض عن فاطمةَ هو حديثٌ عن نور الله الذي أودعهُ إياها قبل أن يخلق آدم عليه السلام وهي حلقة الوصل والقطب الجامع بين النبوة والإمامة.
لقد قال رسول (ص):"رِضا اللهُ مِن رِضا فاطمة وَغضَبَهُ مِن غَضبِها". إنهُ أمرٌ ربانيٌّ سنبقى نجهلَهُ مهما أوتينا من بلاغةِ ومن علمٍ ومعرفة. 
عن النبي (ص) أنه قال:"نحنُ سفينةُ النجاةِ مَن تَعَلَقَ بها نجا ومِن حادَ عنها هَلَكَ، فمَن كانت لهُ إلى اللهِ حاجةً فَليَسأَلْ بِنا أهلَ البيت".
لقد تقبلَ اللهُ سبحنهُ وتعالى مريمَ إبنتَ عِمران بِقَبولٍ حَسَنٍ وأنْبَتَها نَباتاً حَسَنَاً وهي سيدةُ نِساءِ زمانِها. فهلْ بكثيرٍ على فاطمةَ التي أرادَ اللهُ أن تكونَ سيدة نساءِ العالمين أن ينبتها نباتاً حَسَناًوَيثطعِمها رُطَباً جنّيا.
لقد أمرَ اللهُ تعالى نبيهُ(ص) بأن لا يذهبَ إلى بيتهِ الذي فيه زوجته العزيزة والقريبة إلى نفسه"خديجة بنت خويلد" أربعينَ صباحا. إالتزمَ الحبيبُ المصطفى (ص) بالأمر الإلهيّ الذي يدل على شيءٍ في غاية الأهميةِ و العظمة. ذهبَ النبيُّ (ص) إلى بيت "فاطمة بين أسد" والدة الأمام علي عليه السلام. وكان (ص) منشغلا بعبادة ربه ومناجاته، يصومُ النهارَ ويقومُ الليلَ فلما كان في تمام الأربعين هبط رسولُ السماءِ جبريلُ بِطَبَقٍ مِن السماء مغطىً بمنديل وقال للنبيّ: "إنَّ اللهَ عزوجلّ يأمُرُكَ أن تَجعَلَ إفطارَكَ هذهِ الليلةَ من هذا الطعام". كان في الطبق عِذقٌ مِن رُطَبِ وَ عُنقودٍ مِن عِنَبٍ فأكلَ النبيُّ منه حتى شَبِعَ وشَرَبَ بعدَهُ الماء، و أرتفعَ فاضِلُ الطعامِ مع الأناءُ إلى السماء وحينما قام النبيُّ لِيُصَلي أقبل عليهِ جبريلُ وقال: "إذهبْ إلى بيتِ زوجتك خديجة فإن الله قدّرَ أن يخْلُقَ مِن صُلْبِكَ في هذه الليلةَ ذريّةً طيّبة". هذه هي بإختصارِ شديدٍ مقدمات تكوّن فاطمة من ذلك الطعام الطاهر المبارك الذي أتى به جبريلُ من السماءِ.
بعد الحمل المبارك، حان موعد الولادة الميمونة فوجّهتْ خديجة سلام الله عليها إلى نساءِ قريش وبني هاشم أن تَعالَيْنَ لِتَلينَ مني ما تلي النساء من النساء. فجاء الجواب مخيّبا للآمالِ قد أحزنَ قلبُ أمِ المؤمنين: أنتِ عَصَيْتِنا ولم تَقبلي بِقَولِنا ، وتَزَوجتتِ محمدا يتيمَ أبي طالب فقيراً لا مالَ له.
وبينما هي حزينة إذ دخل عليها أربعُ نسوةٍ فقالت أحداهنَ: " لا تحزني يا خديجة، فإنا رُسُلِ ربِكِ إليكِ ونحنُ أخَواتُكِ. أنا سارة و هذه آسية بنت مُزاحِم و هي رَفيقَتُكِ في الجنّة، وهذه مريم بنت عِمرانَ وهذه كلثم أخت موسى بن عِمران بَعَثنا اللهُ لِنَلي منكِ ماتلي النساءُ من النساء".
فَجَلَسَتْ واحدة عن يمينها وأخرى عن يَسارها وثالثة بين يَدَيها والرابعة من خَلْفِها"
إن الذي زاد من سرور خديجة عليها السلام أن وليدتها المباركة هي صورة من أبيها النبيَّ الكريم وهكذا كانت أيام حياته وبعد وفاته. لقد كان النبيُّ (ص) يشمً ريحَ فاطمةَ كلّما إشتاقَ إلى ريحِ الجنّة كما جاء عن عائشة أنها قالت: قال رسولُ اللهِ (ص): لَمّا أُسريَ بي إلى السماءِ أدْخِلْتُ الجنّةَ فَوَقَفْتُ على شجَرَةٍ من أشجارِ الجنّةِ لم أرَ في الجنّةِ أحسنَ منها ولا أبيضَ وَرَقا ولا أطيبَ ثمرةً فتناولتُ ثمرةً من ثمارها فَأكَلتُها فَصارتْ نطفةً في صُلبي ، فلمّا هبطتُ إلى الأرض واقعتُ خديجة فحَمَلتْ بفاطمة ، فإذا إشتَقْتُ إلى ريحِ الجنّةِ شَمَمْتُ ريحَ فاطمة.
لقد نَشَات السيدة فاطمة عليها السلام في مهبطِ الوحي و التنزيل و قد رضعت من أمها السيدة خديجة الأخلاق و الكرم و العفة و الحشمة و النقاء ، و تعلمت من أبيها ـ وهو خيرُ خَلقِ اللهِ كلُهُم ـ العِلمَ و الأيمان و التُقى والصبر على الأذى وشكر الله المنعم المتفضل في الأحوال كلها.
السلام عليكِ بما صبرتِ فنِعمَ عُقبى الدار.
السلام عليكِ بكل جوامع السلام ورحمة الله وبركاته
ختاما اسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم زيارة الزهراء  ورضاها وشفاعتها يوم الورود.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17395
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15