لقد منّ الله سبحانه وتعالى علينا بنعمة الإسلام العظيم، وجعلنا في خير أمة أخرجت للناس، والحمد لله الذي جعلنا من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأئمتنا هم الوسيلة الى الله تعالى، وحبهم وأتباعهم نجاة لنا في الدنيا والآخرة .
لقد سبقوا كل من عاصرهم بالتقى والورع والمعارف، ولم يكن لأحد قبلهم سبق في ذلك، ولم يشهد التأريخ الإسلامي مثل عظمة جامعة الإمام الصادق (عليه السلام) في كثرة طلابه وتنوع علومه .
قام الإمام بمهام عظيمة إذ ربّى تلاميذه في المدينة المنورة، ولم يمضِ زمن طويل حتى تقاطر روّاد العلم عليه (عليه السلام) من البصرة والكوفة وواسط والحجاز، وقد ربت مدرسته جهابذة في مختلف أصناف العلوم، كل واحد منهم كان يخصه الإمام بعلم معين .
ومن هؤلاء التلاميذ صاحب الشخصية البارزة الذي عرف بالذكاء والفطنة، وتعلم من إمامه الصادق (عليه السلام) المبادئ الأساسية لعلم الكيمياء، ووضع أول خطواته على سلم هذا العلم، وهو العالم جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي، والذي عُرف بـ(أبي الكيمياء)، عالم مسلم برع في مجالات عدة: كالطب، والفلسفة، والرياضيات، والهندسة والكيمياء .
عاش في القرن الثامن، وبسبب نبوغه وذكائه فقد فاض عليه الإمام (عليه السلام) من علمه، وزقّه إياه زقاً، فبرع وذاع صيته بين أوساط العلماء .
فقد توصل الى العديد من العمليات الكيميائية: كالتقطير، التبلور والترشيح .
وهو أول من أتقن طريقة فصل عنصر الذهب عن الفضة بطريقة الحل وبواسطة استعمال الأحماض .هذا العالم النابغة ألّف العديد من الكتب، وصل الى المئة كتاب، والتي ترجمت الى لغات مختلفة .لقد وضع علم الكيمياء بالمعنى الأساس والمجمل المكتمل ولهذا جاء لقب أبو الكيمياء مناسباً له تماماً.
عالم شيعي من بلاد الرافدين، حاول الكثير من جهلاء العقل أن ينفوا وجوده، ليس حسداً في علمه ولأسطورة اتقانه، بل لأنه شيعي وأحد تلاميذ الصادق (عليه السلام) .
ولكن (ابن النديم، وابن طاووس والأمين) وغيرهم كل هؤلاء ذكروه تحت عنوان (أحد تلاميذ الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام) .
أما اهم اكتشافاته:
1- اكتشف القطرانNaoH
2- اول من استحضر ماء الذهب .
3- أول من اكتشف حمض النتريك .
4- صنع نوعاً من الورق الذي لا يحترق بالنار .
لقد كان له الكثير من الارجاعات إلى أقوال الإمام الصادق (عليه السلام) وإلى خطبة البيان، فهو لم ينكر فضل أستاذه بل على العكس، كان كثيراً ما يشيد بهذا العلم الغزير ويرجعه الى نبع علم إمامه .
ومن خلال الكتب المنسوبة إليه، كان يعتقد أن الطريق الصحيح لإدراك علم الكيمياء، هو لابد من دراسة مجموعة من العلوم قبله: كالرياضيات، والمنطق، والفلسفة والطب، ولابد من الذهاب الى المختبر وإجراء التجارب بشكلها الصحيح، وبذلك يمكن للباحث أن يصل إلى الحقائق.
وهو يعتقد أيضاً أن العلوم كلها ومن ضمنها الكيمياء إنما هي علوم إلهية أودعها الله تعالى عند الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) .
لقد أطال الله تعالى عمر جابر بن حيان حتى وصل الى 95 سنة، حيث أنه ولد في عام 103 أو 104 للهجرة، وتُوفي سنة 200 للهجرة ودُفن في طوس .
هكذا طوى هذا العالم الجليل الشيعي المخلص حياته بالعلم والدرس والبحث، ولا أعتقد كلمة (توفي) لائقة من الناحية العلمية، جسدياً: نعم.
لكن اسمه يملأ الدنيا وعلمه للآن يدرس، وما دمنا نذكر اسمه، فهو حي يعيش بين ظهرانينا .
رحمك الله أيها العالم الجليل، وهنيئاً لك صحبة الإمام الصادق (عليه السلام).
عشت في الدنيا فاستنشقت روحك أنفاسه، ورحلت فالتحقت بركبه ومع صحبه .
|