• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثَوْرَة الحُسَيْنِ (ع) إِرادَةٌ سَماوِيَةٌ، وَلَيْسَتْ أَرْضيَّةً .
                          • الكاتب : عقيل العبود .

ثَوْرَة الحُسَيْنِ (ع) إِرادَةٌ سَماوِيَةٌ، وَلَيْسَتْ أَرْضيَّةً

 الكَوْنُ هوَ الهَدَفُ الأَسْمَى ، هوَ العُلوُّ اَلَّذِي يَخْضَعُ لِسَطْوَتِهِ هَذَا الدُّنوِّ ، اَلَّذِي مِنْ خِلالِهِ يَتَرَتَّبُ على النَّفْسِ السَّيْرِ فِي طَريقِ البَحْثِ عَنْ الخَطِّ الواصِلِ بَيْنَها فِي عالَمِ الأَرْض، وَبَيْنَ خالِقِها فِي عالَمِ السَّماءِ. 

وَهَذَا الخَطُّ يَحْتَاجُ قَطَعَهُ والسَّيْرَ فِيه إِلَى مُفْرَداتِ ثَلاثٍ وَهِيَ : اَلْإِرادَةُ ، والْعَزيمَةُ ، والتَّوَكُّلُ .

أَمَّا الإِرادَةُ ، فَمُتَعَلِّقُها نَوْعُ المَوْضوعِ ، وَمَدَى مِساحَتِهِ التَّأْثيريَّةِ ، أَيْ مُؤَثِّرِيتِهُ فِي العَقْلِ والرّوحِ ، فَإِرادَةُ الإِمامِ الحُسَيْنِ عَ هِيَ تَحْقيقُ الهَدَفِ الأَسْمَى لِلْحَيَاةِ ، وَهُوَ مَا يُرِيدُهُ الخالِقُ اَنْ يَكونُ لَدَى مِنْ تَمَّ اخْتيارُهُ خَليفَةَ لِعالِمِ الأَرْضِ .

والْخُلَفاءُ فِي عالَمِ الأَرْضِ هُمْ الأَنْبياءُ والرسل أَوَّلًا ، وَخاصَّتُهُمْ ثَانِيًا .

وَخَاصَّةً النَّبيَّ الأَكْرَمَ مُحَمَّدَ ص هُمْ العِتْرَةُ الطّاهِرَةُ ، وَذَلِكَ بِحَسْبِ الأَحاديثِ الوارِدَةِ وَاَلْصَحيحَةِ السَّنَدِ.

حَيْثُ قَالَ ص: <انِي تارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْن: كتاب الله، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا> وَهَذَا مِمَّا لَا غُبارَ عَلَيْهُ.

وَلَكِنْ بَقِيَ المَعْنَى اَنْ الإِرادَةِ السَّماويَّةِ كَأَنَّمَا هِيَ اَلَّتِي بِحُكْمِهَا كَانَ عَلَى الحُسَيْنِ عَ اَنْ يَنْهَض بِناءً عَلَى مُقْتَضَيَاتِ المَصْلَحَةِ الإِلَهيَّةِ، أَيْ بناء على مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ ، كَوْنَها بِهَا يَسْتَعِيدُ الدّينَ المُحَمَّديَّ صورَتَهُ الكَوْنيَّة.

ذَلِكَ بَعْدَ اَنْ تَمَّ الِابْتِعادُ عَنْ مَبادِئِهِ وَتَحْريفِهِ مِنْ قِبَلِ يَزيدِ بْنِ مُعاويَةَ بْنِ أَبِي سُفْيانَ ، والْقَضيَّةُ لَهَا تَبِعاتٌ تاريخيَّةٌ لَسْنَا بِصَدَدِ الحَديثِ عَنْها.

إِذَنْ إِرادَةُ الحُسَيْنِ عَ فِي الإِصْلاحِ إِرادَةٌ سَماوِيَةٌ، وَلَيْسَتْ أَرْضيَّةً لِذَلِكَ كَانَتْ العَزيمَةُ اَنَ الحُسَيْنِ عَ قَدْ قَرَّرَ اَنْ يواصِلُ مَسيرَتَهُ مِنْ المَدينَةِ الَّى كَرْبَلَاءَ ، حَتَّى بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَقْتَلِ سَفيرِهِ مُسْلِمِ بْنِ عَقيلٍ فِي الكوفَةِ.

والْعَزيمَةُ مَعْنَاهَا عَدَمُ اَلتَّراجُعِ عَنْ خَطِّ الثَّوْرَةِ، حَتَّى مَعَ الشَّهادَةِ ، وَهَذِهِ الشَّهادَةُ هِيَ الطَّريقُ الَّى التَّوَكُّلُ كَوْنُها تُمَثِّلُ القُرْبانَ اَلَّذِي صَارَ عَلَى الحُسَيْنِ عَ اَنْ يَدْفَعُهُ ثَمَنًا مَعَ عائِلَتِهِ لِنُصْرَةِ الدّين الإلهي.

وَلِذَلِكَ فَإِنَّ ثَوْرَةَ الحُسَيْنِ عَ لَمْ تَنْتَهِ لِأَنَّهَا أَرْسَتْ المَبْدَأَ الأَوَّلَ لِمُوَاجَهَةِ الظُّلْمِ والطُّغْيانِ لَيْسَ بِالنِّسْبَةِ الَّى الإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ فَحَسْبُ ، بَلْ لِجَمِيعِ الأَحْرارِ فِي العالَمِ.

وَهِيَ اثْبُتَتْ اَنَ الإِنْسانيَّةِ لَا يُمْكِنُ لَهَا اَنْ تَنالُ حَقَّها فِي الحَياةِ وتقرير المصير إلا بِمواجَهَةِ الظَّالِمِينَ وَاَلْطُّغاةِ ، وَأَثْبَتَتْ اَنَ الدّينِ لَا عَلاقَةَ لَهُ بِشُعَبٍ وَقَبيلَةٍ وَفِئَةٍ ما، بَلْ اَنْهُ الوَسيلَةُ اَلَّتِي بِهَا يُحَقِّقُ الإِنْسانَ صورَتَهُ اَلَّتِي أَرَادَ لَهَا اللَّهُ اَنْ تَكونُ فِي عالَمِ الأَرْضِ .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=168162
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15