• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإمام الحسين (عليه السلام).. أنشودة الأحرار  .
                          • الكاتب : جواد السكيني .

الإمام الحسين (عليه السلام).. أنشودة الأحرار 

  لاشك أن ما حدث في كربلاء لم يكن سوء تقدير، أو خطأ في الحسابات، أو إقداماً على ما لا تعرف عواقبه، بل كان الإمام الحسين (عليه السلام) يرى كل أبعاد المعركة: ما بعد المعركة، وأثناء المعركة حقيقةً ثابتةً شاخصةً للعيان، ماثلةً على أرض الواقع بكامل تفاصيلها عن طريق جده النبي (ص)، وما وصله عنه، فهو القائل قبيل إنطلاقه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة: (شاء الله أن يراني قتيلاً.. شاء الله أن يراهن سبايا..)، وهو القائل أثناء المسير بإتجاه كربلاء: (القوم يسيرون، والمنايا تسير معهم..)، وهو القائل حين وطئت قدماه أرض كربلاء: (هاهنا تسفك دماؤنا، هاهنا والله تهتك حريمنا، هاهنا والله تقتل رجالنا..)، وهو القائل صبيحة يوم المعركة، العاشر من محرم الحرام، مخاطباً أهل بيته (عليهم السلام)، ومن معه من أصحابه الأخيار: (إن الله قد أذن في قتلكم، وقتلي في هذا اليوم؛ فعليكم بالصبر والقتال..).

فقد مضى الإمام الحسين (عليه السلام) باتجاه أهدافه على بصيرة من أمره، بكل دراية، وإرادة، وتصميم، ومن هنا تتأتى أهمية الحدث والموقف الذي تميز بفرادته إلى الأبد، واتسم بطابع لا نظير له في الثبات على المبدأ، والدفاع عن القضية العادلة حد التضحية بالنفس، والنفيس معاً، بعيداً عن معادلات الربح والخسارة المادية، في معركة غير متكافئة من حيث العدد، والعدة، استناداً إلى الدور القيادي المسؤول الذي لا بديل له، كإمام للأمة بالنص، والإختيار الذي تؤكده على الأقل رسائل أهل الكوفة، ضمن (000, 12) كتاب، والحضور الميداني الواعي على طريق الهدف الأساس الرامي إلى صيانة المشروع الإسلامي، كمشروع إلهي من تحديات أعداء الدين الذين تسللوا إلى السلطة، واستطاعوا الهيمنة على مقاليد الحكم بدعم وإسناد وتمهيد ممن سبق، وإقامة نظامهم السياسي الفاقد للشرعية بكل المقاييس الذي تقوده زمرة من أقطاب، وأعقاب الأسرة الأموية المعروفة بعدائها المستحكم للدين يؤكده تأريخهم المليء بالعار، والسيرة الذاتية لأفرادها: نساءً آكلة الأكباد، ورجالاً لا يتورعون عن قتل الأطفال، وحرق الخيام، وترويع النساء، والتحولات الإنقلابية الخطيرة في البنى الفكرية والسلوكية للمجتمع التي لا زالت الأمة تعاني تداعياتها وآثارها حتى يومنا هذا، التي رافقت قيام ذلك النظام الذي يعد من أبرز ملامحه السيئة: محاولات الإذلال، والإستغلال، والإنتهازية لإنتزاع الإعتراف بسلطاتهم الغاشمة فيما تجرؤوا على تسميته زوراً بـ(خلافة رسول الله) بالقوة من آل رسول الله (ص) الأولى بالخلافة من كل جانب، ساهمت بها سياسات مشبوهة، وشخصيات محمومة، مراوغة، جعلتها تبدو كأنها شرعية، في ظل أجواء سياسية ملبدة بالتخويف، والتحريف، والتضليل، والتزوير، وهي مسألة قتالة كبرى في غاية الخطورة: (يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون..)، فضلاً عن كونها مجافية للذوق العام، والمنطق السوي حيث إن السلطة في الإسلام للإمام (الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله)، المتصف بالصلاح قال تعالى: ((أن الأرض يرثها عبادي الصالحون))، وفي الحديث الشريف: ((لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم))، لا لمن يقهر الأمة، والإمام، ويعد الدين: لعبةً، وملكاً عضوضاً: (لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء، ولا وحي نزل) على حد تعبير رأس السلطة الحاكمة -آنذاك- لذا جاءت الثورة مصداقاً أكيداً لمفاهيم الرسالة الإلهية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167535
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16