هجعت عيونها لحظة واذا ترى في عالم الرؤيا امرأة عليها من الوقار والهيبة والعظمة جاءت اليها وجلست بالقرب من رأسها وهي تمد يدها على مقدم حجابها وتمسح برفق على جبينها، فتحت زينب عينها لترى ذاك الجمال القدسي الأخاذ المبهر، شعرت برجفة وهيبة قالت لها: من أنتِ..؟ قالت: أنا أدعى أم الحسن. تقول زينب مباشرة تبادر إلى ذهني مولاتي فاطمة (عليها السلام)، إذ كانت دائماً في المواقف تراها بالحلم وتلوذ بها.
فقالت: يا زينب مبروك الزواج الناجح، ولكن عليك بالحسين وزينب أسوة لك في كل ما يجري، تقول زينب: عندما قالت هذه الكلمة، أحسست بوجع في صدري واختناق انتهى باليقظة من الحلم، على قدر فرحتي اشعر بشيء منتظر مرتقب، ولكن أجهله حتى قرب الفجر أن يطلع اوقفوا السيارة عند أحد المطاعم القريبة من تخوم بغداد لنصلي ونأخذ ما تيسر من الطعام.
أكملت الرحلة حيث وصلنا إلى ضواحي بغداد وهناك مستقر زينب وبيت زوجها المجاهد إبراهيم، بعد سفر مرهق استرحنا يوم عند احد البيوت ثم اصبح الزفاف في اليوم الثاني.
بدأت حياة إبراهيم الكفاحية والجهادية وهو يتصدر كل مجلس للحديث عن براعته وعلميته وقدرته على التأثير، ومعه تكبر ثقافة زينب، فالزوج عندما يرى زوجته مستعدة للأخذ منه معارف وعلوم الزوج الحقيقي لا يبخل عليها؛ لأنه مؤمن بأن هناك دوراً لها تستطيع أن تؤديه.
حملت بعد فترة زينب ولا أحد يستطيع وصف شعورها وفرحتها وآمالها الكبيرة، ولكن كل فترة تعود بها الذاكرة إلى ذلك الحلم الذي محله السيارة ورحلة الزواج..!
جاء الوليد المنتظر وهنا على الأب والأم اختيار اسم ينسجم مع ثقافتهم والتوجه الفكري فما أن طلبت الأم من الأب تسميته، قال: اسمه مُنتظر وعلينا إعداده للمُنتظر وهذا عهد بيننا يا زوجتي..
وكل يوم يكبر مُنتظر وهو يأخذ من أبيه الأربعيني كل سجايا العقيدة والإيمان بها وهو كثير الميل لثقافة المقاومة والتصدي للأعداء.
وهو يشق عباب المراحل الدراسية برتبة عالية وثقافة جهادية رصيدها الأم التي تتلمذت على يد القيثارة الصغيرة.
ولأن أباه يعشق الإعلام ويعرف تأثيره حبب الإعلام ودوره إلى منتظر ليدخل كلية الإعلام والصحافة، ليكون من أبرز الإعلاميين مهارة وفناً.
في تلك الفترة والوقت بدأت داعش تجتاح المناطق الحدودية السورية ومنها يدخل الإرهاب والتفجيرات وحال هذه العائلة كأي عائلة في العراق ترتقب وخائفة من تطورات الأحداث.
كان مُنتظر في المرحلة الرابعة كلية الإعلام وقد تعرف على إخوة له وأساتذة لهم وزنهم العلمي والأخلاقي والديني، وهو في أحد ممرات الجامعة وإذا بصديق يأتيه على عجل فمُنتظر أصبح مرجعاً مقاوماً وشخصاً يبث في أصحابه الروح الثورية، قال له: يا مُنتظر، هل سمعت بالفتوى..؟ قال باندهاش: أي فتوى؟ قال: فتوى مرجعنا ومرشدنا آية الله العظمى السيد السيستاني (حفظه الله) بالوجوب الكفائي ضد داعش بعد أن أصبح الأمر خطيراً جداً، وبدأ تلفون مُنتظر يرن بسرعة وباستمرار كل من يثق به يتصل به فهو جمع بين علم الإعلام والتدين وثقافة الفتوى، خرج من الجامعة مسرعاً إلى البيت وجد أمه في المطبخ تحضر له الأكل فقد عاد بوقت قبيل العصر، قال: أماه هل سمعت آخر الأخبار..؟ قالت: بني انشغلت كثيراً اليوم، ولم استطع الاطلاع على الأخبار، لماذا هل من جديد؟
قال: بلى أمي، أفتى مرجعنا ومرشدنا السيد السيستاني بالوجوب الكفائي ضد داعش عبر منبر جمعة كربلاء وعلى كل من يقدر على حمل السلاح يبادر للالتحاق بالجبهات، قالت: وانت تريد الالتحاق أليس صحيحاً..؟
قال: نعم أمي.
|