بعد اثني عشرة سنة من الحصار الجائر على الشعب العراقي، وتحقق الكثير من التغيرات على الساحة السياسية في المنطقة اذا عادت امريكا لدعم مناوئوا طالبان وتسليم حكم افغانستان لهم ضمن خططها للتلاعب بامن المنطقة وعدم استقرارها، واظهار عدة من الدول العربية التي تتعامل مع اسرائيل تعاطيها العملي مع اسرائيل، وبعد اجتماعات متعددة للمعارضة العراقية تحت رعاية امريكا اولها مؤتمر نيويورك واخرها المؤتمر الذي عقد في مصيف صلاح الدين في شمال العراق، قررت امريكا ازالة نظام صدام حسين تحت ذرية حيازته على اسلحة دمار شامل.
لم يكن اسقاط صدام حسين مرحباً به في دول الجوار عدا الكويت، فالكل كانت تفضل صدام ضعيف على تغيير الوضع الى ما لا يعلم عقباه، فايران كانت لا ترغب بان تكون القواعد الامريكية على حدودها البرية، وهي مع تركيا وسوريا يخشون من ان تولد الحالة الجديدة تحريك مشاعر الاستقلال لدى اكراد تلك الدول، وكذلك الحال بالنسبة لسوريا التي ترى ان استقرار الامريكان في العراق يعني وقوعهم تحت فكي الكماشة اسرائيل من جهة وامريكا من جهة اخرى.
والحال لا يختلف في السعودية التي ترى ان زوال صدام حسين يعني زوال السلطة السنية في العراق، والامر في الاردن لا يختلف كثيراً لان المكاسب الكثيرة التي حصل عليها الاردن ايام صدام حسين سيتكون معرضة للخطر.
الاعتراض المتعدد من دول جوار العراق لم يثن امريكا عن عزمها الى المضي قدما في تحقيق ما تصبو اليه من تغيير سياسي واسع في المنطقة تحت عنوان الشرق الاوسط الكبير، فتقدمت قواتها من شمال العراق حيث كانت قوات البيشمركة الكردية تسير خلف القوات الامريكية لتحتفظ بالارض اما القوات العراقية التي يقودها عزت ابراهيم الدوري فانها لم تطلق رصاصة واحدة ضد قوات الاحتلال الامريكي بل اخلت لهم الساحة وانسحبت من ساحة المواجهة، وكذلك القوات التي زحفت من الكويت في صحراء العراق حتى تحولت الى بغداد لم تلق اي مقاومة تذكر، والمقاومة الوحيدة التي واجتهها قوات الاحتلال البريطاني في جنوب العراق كانت من بعض فدائيي صدام وبعض اعضاء حزب البعث من الشيعة في مختلف المحافظات الشيعية، واما المناطق السنية فانها استقلبت الامريكان بهدوء تام.
تولى السلطة في العراق الجنرال كروكر ومن بعده الحاكم المدني بول بريمر الذي امر بحل القوات الامنية بمختلف صنوفها وشكل مجلس الحكم تمهيدا ومن بعده كلف اياد علاوي بادارة الحكومة المؤقتة لمدة ستة اشهر تمهيدا لاجراء الانتخابات بعد ان شكلت لجنة لكتابة الدستور وكان بول بريمر يريد ان يكتب الدستور حسب توجهه هو الا ان المرجع الديني الاعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله منع من ذلك ووجه ان تشكل لجنة متختبة من ابناء الشعب العراقي لكتابة الدستور وتم تشكيل اللجنة وكتب الدستور وتم التصويت عليه من قبل ابناء الشعب العراقي.
اجريت الانتخابات العراقية وترشح لمجلس النواب اشخاص لا يعرف الشعب العراقي لانهم كانوا منقطعوا الصلة مع الشعب فلم يعرف الشعب من ينتخب فدخلت القوى الاسلامية الشيعية كلها بقائمة واحدة حملت الرقم 169 وعلامتها الشمعة وجرى الترويج لها على مختلف الاصعدة الدينية والجماهيرية والشعبية وكان الدافع الاساس وصول المكون الشيعي الى السلطة في ظل كون العراق دائرة انتخابية واحدة حيث ان التجربة المرة مع شركاء الوطن تمنع من الثقة بهم والسماح لهم في العودة الى كرسي الحكم لان الشيعة والاكراد ملو من القتل والسجن ومصادرة الحريات والتمييز الطائفي والقومي والاقصاء مضافاً الى سوء الادارة وتدمير البنى التحتية للبلد.
|