في العهد البائد زمن النظام السابق كان الاقتصاد العراقي ليس له علاقة بالنظم الاقتصادية العالمية وكان يتحكم به شخص واحد ذات رؤية فردية تسلطية لا تنسجم مع الواقع العلمي للعملية الاقتصادية وكان البنك المركزي ألعوبة بيد صدام الرجل الأوحد في العراق و هذا البنك في حينه لا يعرف حجم الدينار المتداول داخل السوق المحلي وكان يُطبع الدينار خارج نطاق سيطرته ومعرفته وقوانينه وكان غطاءه الحقيقي جهد المواطن ومدخراته حيث فقد الدينار العراقي في زمن نظام صدام وعائلته وحزبه قدرته الشرائية وقيمته المادية و المعنوية ........
وبعد التغيير اخذ البنك المركزي العراقي يسترد عافيته بمردودات النفط العراقي وبدا يجمع اكبر قدر ممكن من العملة الصعبة من بيع هذا النفط ويكدسها ليكوٌن اكبر احتياطي مخزون ومكدس مر به العراق على مر تاريخه دون الإمكان الاستفادة من هذا المخزون لإنقاذ الشعب العراقي من الجوع والفقر والحرمان والبطالة وقلة الخدمات لان البنك المركزي هيئة مستقلة يعيش على كوكب خاص ملك له ومنعزل عن أمال وتطلعات الشعب العراقي ولا يهمه من الموضوع غير تخفيض نسبة التضخم دون النظر إلى الانكماش الاقتصادي الذي يسببه عملية السيطرة على التضخم ......
والمشكلة الأكبر أن البنك المركزي دخل بشكل فاعل في عملية اللعبة السياسية فبدأت التصريحات الرنانة تظهر هنا وهناك من داخل هذه المؤسسة والتي تلمح إلى أن دول الجوار الإقليمي وبالتحديد سوريا وإيران تؤثر سلبا على الاقتصاد العراقي وتداعيات العقوبات الاقتصادية والحصار عليها بدأ يؤثر على سعر الصرف الدينار العراقي وعلى حجم العملة الصعبة داخل البنك المركزي ولا نعرف كيف يمكن لهذه الدول أن تأخذ الدولار المخزون من داخل هذه المؤسسة دون مقابل ليؤثر على حركة السوق العراقي ونحن قد ممرنا في تجربة مشابهة لتجربة إيران وسوريا اليوم خلال فترة الحصار و نعرف كيف استفادت احد دول الجوار من العراق في تلك الفترة وكانت (الأردن) المتنفس الوحيد للعراق كما هو اليوم العراق المتنفس لسوريا وإيران والمستفيد اقتصاديا منهم .....
ومع الأسف فان البنك المركزي العراق لا يزال يعيش في نفس عقلية حزب البعث القديم حيث انطلق لبناء قاعدته الاقتصادية على نفس الأسس الذي بناها صدام حسين له ولم يجري تغيير لمؤسساته ولقراراته القديمة ولم ينفتح لتوسيع قاعدة العمل الاقتصادي داخل العراق وبقيت نفس شركات التحويل المالي وشركات الصيرفه التي أسست في زمن النظام العف لقي بموافقات أمنية وحزبية ومخابرا تيه خاصة دون زيادة أو نقصان تعمل إلا من عدد قليل من الشركات الجديدة التي منحت لأصحاب النفوذ السياسي الحالي لكي تعمل ....
والبنوك اليوم تعمل بنفس السياسات القديمة المبنية على سوء الظن بالمواطن وفي الوقت نفسه تسمح للشبكات ألعنكبوتيه الفاسدة من التلاعب بالمال العام ولا زالت هذه البنوك غير قادرة على توفير فرص عمل من خلال دعم المشاريع وتطوير عملية التنمية الشاملة واكتفت بخطابات الضمان وعملية الصيرفه و التحويل المالي المدعوم من البنك المركزي والبنك المركزي العراقي اليوم غير قادر على تنشيط حركة البنوك المنطوية تحت وصايته .....
والاهم من هذا وذالك هو تحديد سعر صرف الدينار العراقي مقابل سعر الدولار تائه بين قاعدتين اقتصاديتين أساسيتين مثبتة في العالم ... فالقاعدة الأولى هي قاعدة العرض والطلب والمعمول بها في إطار الاقتصاد الحر كالدول الغربية واليابان على سبيل المثال و لا تتدخل البنوك المركزية لبلدانهم في تحديد سعره إلا في حالة خروجه عن نطاق السيطرة والتي قد يسبب أضرار اقتصادية كبيرة .. والقاعدة الثانية هي دعم سعر الصرف من خلال تثبيته معتمدتا على دخل بلدانها كما هو معمول في دول الخليج العربي واغلب دول العالم الثالث ....
فسعر الدولار في العراق ثابت قياسا للدينار العراقي وبسعر 1170 دينار للدولار الواحد بالنسبة لأصحاب الحظوظ والنفوذ السياسي والشركات الخاصة بالأغنياء وثابت أيضا بالنسبة للسمان ليزدادوا سمنة ... ومتغير بالنسبة للمواطن البسيط ولا يمكنه أن يحصل علية بسعر البنك المركزي فالمواطن والكاسب البسيط وصغار التجار يجب أن يخضعوا لقاعدة العرض والطلب حيث يمكنهم أن يحصلوا على الدولار بسعر صرف يتراوح بين 1270 إلى 1300 دينار مقابل الدولار الواحد من السوق المحلية وليس من مراكز بيع الدولار الخاصة بالبنك المركزي حيث ضوابط البيع لا يمكنها أن تنطبق عليهم ...
ومن خلال هذا العرض يمكننا جميعا أن نرفع أيدينا للدعاء من اجل أن يلهم الله عز وجل البنك المركزي العراقي والعاملين فيه الحكمة في التصرف في أموال العراق وان يملا جيوبهم بالمال الحلال ..... |