مع نهاية القرن الواحد والعشرين، ولازال الاقتصادُ العربي يعاني من اختلال في هياكله الإنتاجية، وتدهور علاقاته الاقتصادية البينية، والتي تبدو أكثر تفاعلاً مع الخارج، إضافة إلى الاختراق والتبعية اللذين أصبحا من السمات الملازمة للاقتصاد العربي؛ وكانت الدعوة إلى التكامل الاقتصادي العربي أهم الخيارات المطروحة منذ ادراك الدول العربية للمخاطر المحيطة، كسبيل للتخلص من الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه؛ ومع أن التكاملَ الاقتصادي بقي مجرد أمل تتطلعُ إليه الدولُ العربية، إلا أنه من الضروري التعرف على ماهية التكامل الاقتصادي وفوائده؟
يعرف التكاملُ الاقتصادي على انه تنسيق بين دولتين او مجموعة من الدول، يقوم على أساس تقليل التباين والتمايز بين الوحدات الاقتصادية، وتكنيك النشاط الاقتصادي لهذه الدول، أو هو عبارة عن الإجراءات التي تتخذها دولتان لتخفيف القيود المعرقلة لتبادل المنتجات فيما بينها، أو تتفق دول منطقة معينة على إلغاء نظام الحصص الذي تخضع له المبادلات التجارية فيما بينها، كالفوائد أو الرسوم الكمركية، وأن تتفق دول معينة على أن تعطي بعضها البعض امتيازات كمركية متبادلة.
وبالنسبة للفكر الرأسمالي، فقد عرف التكامل الاقتصادي على أنه عملية خلق هيكل اقتصادي دولي، عن طريق ازالة الحواجز المصطنعة أمام التجارة الحرة، مع الأخذ بجميع صور التعاون. بينما يرى الفكرُ الاشتراكي أن التكامل الاقتصادي يتم بالاستناد إلى خطة مشتركة، تهدف إلى احلال مستوياتها الاقتصادية في تطوير اقتصادياتها على أساس حديث من الكفاءة العالية، واقامة روابط متينة وثابتة بين الفروع الأساسية في الاقتصاد والعلم والتكنولوجيا، وإلى توسيع وتعزيز السوق الدولية لتلك الأقطار على ذلك الأساس، إلى تحسين العلاقات السلعية المتقدمة. ويرى بعض الاقتصادين أن هناك نموذجاً عاماً للتكامل الاقتصادي، يتخذ التدرج التالي:-
* منظمة التجارة الحرة: ويتم فيها الغاء التعريفة والقيود الكمية بين البلدان داخل التكامل، إلا أن كلاً منها تحتفظ بتعريفتها تجاه البلدان الأخرى غير الأعضاء في التكامل.
* الاتحاد الكمركي: ويتضمن هذا التكامل قيام البلدان الأعضاء بالغاء كافة الرسوم الكمركية، وكافة القيود الكمية على السلع، بالإضافة إلى توحيد التعريفة الكمركية ازاء العالم الخارجي، وهذا الشكل يسمح طبقاً لهذا النموذج بالتقدم خطوة إلى الأمام باتجاه التكامل.
|