• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق قادر على زراعة 150 مليون نخلة من الرمادي الى البصرة .
                          • الكاتب : مجيد علي مجيد .

العراق قادر على زراعة 150 مليون نخلة من الرمادي الى البصرة

تحياتي ، أنتشر عبر النت منشور يذكر بأن ( العراق قادر على زراعة 150 مليون نخلة من الرمادي الى البصرة) و ذكر أرقاماً مهمة عن الإيرادات و الفوائد التي أود مناقشتها بشكل علمي بعيداً عن التمنيات ،

لمعرفة هل هذا ممكن ؟ و كيف لنا ان نصل إليه ؟،

سلسلة برسم المخلصين في عراقنا اليوم.

لابد لهكذا مشروع عملاق من خطة متكاملة Masterplan تتضمن توفير المستلزمات و الموارد قبل البدء و خصوصاً أين ستزرع ؟

هذا المشروع الطموح يجب ان يكون مكانه الاراضي غير المستصلحة و الصحاري مستغلين تحمّل اشجار النخيل و عبر تطبيق طرق علمية ساتناول خطوطها العامة.

أولاً يجب ان اشير الى أن المدة الزمنية لمشروع كهذا تمتد لأكثر من 15 عاماً حيث سنحتاج لإنتاج 35 مليون نخلة بطريقة الزراعة النسيجية Tissue culturing فيما البقية ستكون عبر الفسائل حيث تنتج كل نخلة بين 5-8 فسائل بعد الخمس سنوات الأولى. لإنتاج هذا العدد من الفسائل سنحتاج الى عشر مختبرات انتاج نسيجي مع كل تجهيزاتها و كوادرها المدربة و ان يحتوي كل مختبر ما لا يقل عن عشر غرف نمو و عشرة بيوت محمية Greenhouses سعة نصف مليون شتلة للواحد مع مشتل ملحق مغطى بالروكلين بدرجة 75% بمساحة 60 دونم للاقلمة و التقسيّة. سنحتاج لإنتخاب الاصناف التجارية التي يمكن ترويجها عبر العالم كالبرحي و المجهول و الصقعي و البلگة و المكتوم و القرنفلي و الأشرسي و كثير من الأصناف المميزة الموجودة في العراق و إدراج كيفية توزيعها عبر الاراضي المخصصة للمشروع و اجراء فحوصات الترب و المياه الجوفية و انشاء لجان للمشروع لكل محافظة.

انتاج النخيل نسيجياً سيحتاج الى بروتوكولات إنتاج دقيقة، حالياً تحتكرها أربع دول عبر العالم فيما البقية يحاولون التوصل اليها و هذه الدول هي أمريكا و بريطانيا و فرنسا و الكيان الاسرائيلي اللقيط،

هنا يبرز سؤال عن معنى البروتوكول ؟ البروتوكول هو طريقة الإنتاج الصحيحة التي تقود لانتاج نخيل يماثل الأم و بدون تغاير وراثي أو طفرات جينية و يشمل هذا نوع الوسط الغذائي و طريقة الأخذ من النخلة الأم و مدة الحضانة و الهرمونات و الاسمدة المضافة و طريقة التفريد و كل ما يتعلق بالاقلمة و التقسيّة لحين الوصول لما يعرف بحجم التوربيدو Torpedo size.

حجم التوربيدو هو احتواء النخلة المنتجة على ثلاث اوراق حقيقية بأقل تقدير حيث تكون جاهزة للاقلمة ، البروتوكول يجب ان يُعَضّد بفحص المادة الوراثية للأم و النخيل المنتج DNA fingerprint للتأكد من مطابقتها لكيلا نزرع نخيل التمر في المشروع و ننتظر لسنين قبل ان نعرف أنه غير منتج او انتاجه قليل أو مغاير للصنف الأصلي.

الأن نأتي لما يجب وضعه من مواصفات، النخيل يُزرع في خطوط أطرافها من ذكور النخيل و بمسافات علمية دقيقة تكون 8 أمتار بين نخلة و الاخرى و بين خط و أخر مما سيمنحنا الفرصة لاحقاً لزراعة شجرة فواكه بينهما،

سيحوي الدونم العراقي 40 نخلة أي أننا سنحتاج الى 3,750,000 او ما يقرب من اربعة ملايين دونم عراقي لاستيعاب كامل الكمية في المشروع. و سنحتاج الى ما بين 130 - 150 مليون شجرة فواكه بينية و هذه مع النخيل ستكون جواز المرور نحو بيئة و اقتصاد زراعي افضل و ساترك الحديث عن هذه المسألة حالياً للتوجه نحو تفاصيل أهم.

لكي يكون المشروع حاملاً للتغيير الحقيقي المنشود للواقع الزراعي في العراق فيجب ان تكون ساحته الصحاري و الأراضي غير المستصلحة ، بمعنى أننا يجب ان لا نمسّ التسعة مليون هكتار من الاراضي الصالحة للزراعة حالياً و الحفاظ عليها لإنتاج المحاصيل الاستراتيجية و محاصيل الخضر و الاعلاف، هنا سيبرز سؤال مهم من أين نأتي بالماء اللازم للريّ و كيف ستزرع هذه الاراضي؟

بعيداً عما ورد في المنشور من أنه يحتاج لمياه الفرات لشهر واحد ، اقول و ربما يفاجئ هذا الكثيرين من إننا لا نعاني من قلة موارد المياه في العراق و لكننا نعاني من سوء إدارة هذه الموارد بمعنى انه لا يجب ان يكون هناك ريّ سيحي في المشروع و إنما شبكات ري تروي بطريقة قلادة النقاطات necklace of drippers أو الببلرات Bubblers. سيعني هذا أننا سنحتاج لشراء تسعة معامل لصناعة مواد الري اعلاه و انابيب الري ،

لكي يتم توزيع ثلاث منها في الموصل لخدمة المنطقة حتى بغداد و ثلاث في بغداد لخدمة الوسط و ثلاث في البصرة لخدمة المشروع في الجنوب و اسعار معامل الري زهيدة لإننا لا نتحدث هنا عن تكنولوجيا بالغة التطور.

الاعتماد يجب ان يكون على الماء الأرضي groundwater و الذي يتفاوت بنوعيته و لكنه في العموم الاغلب يصلح لري النخيل و الاشجار عدا في بعض المناطق التي سنحتاج فيها لمعاملة و ساتحدث عنها و لكن في العموم الأغلب فإن كميات المياه الجوفي الجيدة و المقدرة تتجاوز اربعة مليار و مئتين و ثمانية و عشرين مليون متر مكعب.

استصلاح الاراضي

يجب ان يتم بطريقة مغايرة تعتمد على المعالجة النقطية بمعنى معالجة حفرة النخيل و الاشجار التي ستكون بحجم 8 م مكعب للنخلة الواحدة و 4.75 م مكعب للشجرة بمعنى أننا سنحتاج الى مليار و 200 مليون متر مكعب من التربة الجيدة للمشروع هذا على فرض ان كل الترب متضررة بشكل كبير و هذا غير دقيق تماما خصوصاً مع شجرة متحملة مثل النخيل تقديري اننا سنحتاج لاقل من نصف هذه الكمية و هو رقم غير كبير مقارنة بالمشروع.

هذه الترب ستحتاج لمعاملات خاصة لخفض الاحتياجات المائية بمعنى انها ستحتاج لخليط من السماد العضوي و الكوكوبيت و الحمأة المعالجة و البيرلايت و مع وجود التربة الزراعية التي تحوي معادن الطين في العراق فإن هذا سيزيد من معدلات احتفاظ التربة بالماء increase water holding capacity و يقلل الري لاقل من 50 لتر/ يومياً للنخلة الكبيرة.

مع الاخذ باعلى المعدلات لمضافات التربة Soil additives فإن كل نخلة ستحتاج الى 25 كغم من المادة العضوية اي اننا سنحتاج الى ثلاث ملايين و سبعمائة و خمسين الف طن من المادة العضوية الخليطة لتغطية المشروع في السنين الثلاث الاولى،

هذه الخلطة تحتاج لتجارب لعمل نسجة التربة الانسب و قد نلجأ لإضافات اخرى صناعية لتعزيز الاحتفاظ بالماء. وفقاً لحساباتي ، فإن النخلة البالغة ( ٣ امتار فأعلى) ستستهلك 50 لتر يومياً في اعلى مواسم القيظ in peak of July & August أي اننا سنحتاج يومياً الى 7.5 مليون متر مكعب يومياً عند اكتمال نضج النخيل و سنحتاج الى 3.25.مليون متر مكعب يومياً لريّ اشجار الفاكهة البينية بنظام الري و هي كميات يمكن تغطيتها. وجود نظام الريّ و الزراعة في خطوط و بمجاميع كبيرة و بتربة معززة بالمادة العضوية سيقلل تدريجياً من كمية الماء اليومية التي يحتاجها النخيل بسبب من تقليل التبخر evaporation و زيادة احتفاظ التربة بالماء و سيكون المشروع ضمن اعلى مواصفات الإستدامة العالمية.

الان كيف سيصار لتنفيذ المشروع ،

دور الدولة سيكون توفير آليات و مواد التنفيذ بما فيها التخطيط و مواد المشروع و انتاج اشجار النخيل فيما يمكن منح هذه الاراضي لمواطنين و مستثمرين بمعدل 20-50 دونم مع منح قروض و مباشرة الزراعة حسب المواصفات التي ذكرتها و التي يتم التحقق منها عبر لجنة استشارية و يتم تمليك هذه الاراضي للمزارعين بعد خمس سنوات من التأكد من استقرار النخيل و بعده الفواكه.

يجب احتواء خطة المشروع Masterplan على بناء مخازن للتمور في كل منطقة تتولاها الدولة او القطاع الاستثماري و معامل لكبس و تعبئة التمور بطريقة عصرية عبر قروض للناس لتعالج الانخفاض الموجود باسعار التمور المصدرة من العراق و تبدأ حملات لتسويق هذه البضاعة المهمة و المطلوبة في اسواق العالم. يشمل ما ذكرت اعلاه بناء مصانع لمنتجات نخيل التمر اضافة للتمور مثل عسل التمر و سكر التمر و حلوى التمر والمستخلصات للوصول لإعلى فائدة اقتصادية و في هذا يجب الاستعانة بالخبرات العالمية لكي يكون الانتاج المصدر باعلى درجات النوعية و الأمر نفسه للفاكهة المنتجة من الاشجار البينية التي نحتاج للحديث عنها أيضاً.

يمكن زراعة التين باصنافه و الرمان باصنافه و الحمضيات باصنافها و العنب و المشمش و الإجاص و الكمثرى بين اشجار النخيل و يجب ان يصار لتوزيعها حسب ملائمتها لكل منطقة و يشمل هذا تدريج المحصول و طرق التعبئة و التصدير والصناعات الغذائية الرديفة مثل المربيات و العصائر و الفواكه المجففة ،

كلها يجب ادراجها في خطة المشروع Masterplan. إنعكاسات مثل هذا المشروع على البيئة العراقية سيكون بلا حدود ، النخيل و الاشجار ستكون العناصر التي تعيد هذه الترب للحياة Bioremediation و Phytoremediation ،

و معالجة كل ما القي بسبب الحروب في التربة ستثبت الترب و تعيد احياء التربة المجهرية للنشاط و تقلل الملوحة و تنشر ثقافة أنظمة الري بدل ثقافة الري السيحي التقليدية و تعيد الآلق للبنية التحتية للاقتصاد الزراعي في العراق. جودة المنتج التي تتأتى من كون المشروع استثماري و نفذ باصناف مختارة من النخيل و الفواكه و بجودة استثمار لمنتجات النخيل و الفواكه فإن هذا سيذهب بالواردات لاعلى بكثير من الرقم المذكور في المنشور كما ان الاسمدة المشار اليها ستذهب كلها لإدامة المشروع الذي سيعني فيما يعنيه مئات الالاف من فرص العمل و الاستثمار في ثروتنا الحقيقية و هي الزراعة. ما اشارت له التغريدة من خفض درجات الحرارة وارد جداً في حال زراعة الاشجار في منطقة واحدة و ليس بامتداد طولي على مساحة العراق ،

بلا شك انه سيسهم في تحسين الاجواء و سيزيد من معدلات الامطار و سيحقق فائدة عظمى للعراق سياحياً و بيئياً و اقتصادياً و سيمنحنا الفرصة لتطوير الاراضي الزراعية الاخرى و استصلاح المزيد. كما يجب وضع خطة لتعزيز الاستثمارات بالنسبة للمستثمرين لحين بدء الاشجار بالانتاج كانشاء مزارع اسماك و مناحل عسل ستسهم كلها في بناء اقتصاد قائم على الانتاج الزراعي حيث سيضيف ملايين الدونمات المستصلحة و بأقل الكُلف، و يوقف تدهور الأراضي ، مشروع يحتاج الوطن فيه لابناءه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=161480
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 11 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16