• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من وحي كربلاء ..((مشت زينبُ يومًا .. فمشى الإباءُ دهرًا)) .
                          • الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي .

من وحي كربلاء ..((مشت زينبُ يومًا .. فمشى الإباءُ دهرًا))

كانت رحلة سبايا سيد الشهداء (عليه السلام) من كربلاء الفداء إلى شام الهوان من أعظم رحلات التأريخ، حيث تلك الرؤوس الطاهرة الزواكي على الرماح، وتلك النسوة المخدرات في الأسر من بلد إلى آخر يصدحن برسالة الإباء، وشِعارهن الذي لم يخمد صوته وذِكره (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل)، وتلك الأطفال التي لا تعرف إلا الخوف والهلع، وسط جنود رعاع، قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، فكانت الحوراء زينب سيدة الرِّحلة والراحلة، تحدِّث الجموع بصوت يقرع الأسماع (القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة)، فترجمت شعارات الطف الخالدة أسيرة شامخة في كوفة الغدر والختل آنذاك، فأضحى الناس حيارى سكارى من سحر العبارات والكلمات، وترجمتها ثانية في شام هند وآل أبي سفيان؛ لتخرس كل لسان وسِنان، بصولتها في أعظم صرخة وبيان، بوجه يزيد الأدعياء (فاسعَ سعيك، وناصب جهدك، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد) فكان ما كان من سجود الدهر لوعدِها ووعيدها لطاغية الشام، وعادت بعد صولتها نحو كربلاء .. نعم إلى كربلاء لتخاطبها بلسان حال الأحرار (منك يبدأ الفتح وإليك يعود)، وقفت وقفة المنتصر بوعد الله لأوليائه، لتجدد العهد مع الحسين ورهطه قائلة: إنَّ يومكم سيدوم دهرًا، وموقفكم سيُلْهَجُ ذِكرًا، وستهوي الدنيا على أعتابكم سجود إباء، ويفخر بذا أجداد وآباء وأبناء، فغَدَا ذاك المشي تأريخًا وتشريعًا نحو الخلود، فتأريخه ألف عام ومئات، وتشريعه طاعات وخيرات وجنات، فأضحى الدهر ماشيًا لمشيتها فخرًا .. فالطفل يحبو نحوها ليستلهم من "رضيعِها" معنى كربلاء .. والشاب يرتجي إليها ليستلهم من "أكبرِها" معنى الفداء .. والرجل يتسابق إلى قِبلتها ليستلهم من "عَبَّاسها" درس الإباء .. والمرأة تتجلبب العفاف إليها لتستلهم من "زينبِها" أنوار الحياء .. والكُلُّ يفنى في "حُسَيْنِها" ليستمعوا نشيد خلود وبقاء، فغَدَا الدهر يمشي كرامة لإباء الأسيرة الحوراء.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=160647
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 09 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15