• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة متأنية في كتاب نظرية فارسية التشيع لصالح الطائي /ح4/ .
                          • الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني .

قراءة متأنية في كتاب نظرية فارسية التشيع لصالح الطائي /ح4/

 مهداة إلى الكاتب صائب خليل مع التحية :
نصل اليوم مع الباحث صالح الطائي في كتابه حول نظرية فارسية التشيع إلى من أطلق هذا الزعم ويبين الباحث هنا وفي صفحة 26 إن (تقي الدين المقريزي) يكاد أن يكون هو أول من أشاروا لهذا الموضوع والتي هي إشارة دون أن تستند على حقيقة تاريخية أو خبر يقين من العصور السالفة حسب تعبير الأستاذ الطائي ،ذلك إن المقريزي اعتبر دخول المغول وفي عهد السلطان (غازان خان) وهو بن هولاكو إلى الإسلام والذي "اعتنق الإسلام نتيجة حوار علمي مقنع مع عالم جليل شيعي هو (صدر الدين الزنجاني ) وقع بينهما سنة 694للهجرة حيث أصبح الإسلام دينا رسميا لدولة فارس بعد أن أسلم حكامها المغول " وبعد مرور (9) سنوات أي في 703هجرية كما يحددها الباحث الطائي أن " أعلن حاكم إيران السلطان المغولي (الجايتو بن أرغون خان بن أبا خان بن هولاكو بن تولي خان بن جنكيز خان ) اعتناقه المذهب الشيعي ،فتشيع بعض أهل البلاد معه بقصة غريبة سترد تفاصيلها عليكم لاحقا (كما يورد الباحث) وهنا لا يفوتنا التنويه إلى أن ذلك كله تم على يد الحكام المغول المستعمرين لأرض فارس يومذاك ،وليس على يد أهل فارس أنفسهم ،أي أن بعض الفرس تشيعوا تبعا لتشيع حكامهم الغرباء ،ولذا أرى أن من الأحرى بأصحاب نظرية فارسية التشيع أن يسمونها (نظرية مغولية التشيع على اعتبار أن أهل فارس لا يد لهم في تشيع الشعب الفارسي " إذاً وحسب هذا القول إن الأمر يتعلق بالمذهب الذي أعتنقه المغول والفرس ،فلو كان المذهب غير المذهب الشيعي انتشر في بلاد فارس وإيران لاحقا لما كانت الأمور تأخذ هذا المنحى بين هذه البلاد وجيرانها العرب (السنة) ولأخذت مجريات العلاقات بينهما كالعلاقات المتينة بين الحكومات العربية وتركيا سواء في العهد العثماني أو في العهد الجمهوري ،لا سيما في العهد الحالي (الأردوغاني ) لو صح التعبير والذي يسعى جاهدا لإعادة المجد الإمبراطوري العثماني مع البلدان العربية ،علما ، إذا نظرنا نظرة سريعة لكنها فاحصة نجد أن الدولة العثمانية على سبيل المثال وعلى الأخص في عهد الإتحاد والترقي عملوا على مبدأ التتريك وسعوا إلى طمس اللغة العربية ،لكن في مقابل ذلك إن الحوزة في إيران صاحبة اليد الطولى في الحياة والشأن السياسي والاقتصادي  والاجتماعي تشترط التمكن من النحو العربي للحصول على المراتب العليا فيها ومع ذلك تحظى تركيا بالقبول وبعهديها في مقابل رفض لإيران وفي كل عهودها التي بدأت فيها باتخاذ المذهب الشيعي ،وقد نشرنا مقالا تحت عنوان (صورة لها دلالات ) في 13/10/2009بعد أيام من ما عرف بتفجيرات الأربعاء الدامي في بغداد فقد تم قبول الدور التركي وعلى الفور ،ورعى وزير الخارجية التركي اجتماعا لمجلس الجامعة العربية أيام عمرو موسى لبحث مستجدات العلاقة بين سوريا والعراق بعد هذه التفجيرات وسُلم ملفات تدين سوريا ،رغم إن لتركيا سوابق قريبة العهد  تعاملت فيها مع حكومات البلدان العربية بتعال وعنجهية واضحتين ،وأقرب مثال هو ما جرى للرئيس المصري السابق حسني مبارك عندما أراد التوسط بين سوريا وتركيا حول قضية عبد الله أوجلان وتحشيد تركيا لجيوشها على الحدود السورية ،عندها رفضت تركيا الوساطة ووصل الأمر برئيس تركيا رفض استقبال مبارك في أرض المطار التركي الذي وصله مما اضطره للعودة بنفس الطائرة ،هذا فضلا عن مسألة المياه المشتركة بينها وبين سوريا والعراق،والأطماع والتدخل في شأن العراق لا سيما في منطقة كركوك بزعم حماية (التركمان ) في المدينة ،وأيضا تدخلت حتى في تكوين بعض القوائم الانتخابية ورعت سياسيين معينين في العراق .ولتركيا تأثير جديد دخل على خط الخدمة لو صح التعبير يتمثل في تسويق الفن التركي من خلال مسلسلات ذات مستوى ومخاطبة لفئة عمرية خاصة هي فئة الشباب أثرت تأثيرا واضحا على الكثير من الشباب والأسر وصل الأمر في بعضهم إلى تعلم اللغة التركية تأثرا بهذه الأعمال ،كما لا ننسى تأثير التجارة في حياة العراقيين وعندما نقرأ الميزان التجاري بين البلدين يتبين لنا إنه لصالح تركيا لا سيما في إقليم كردستان ،وأثر هذا الحقل حتى في اللغة التجارية ،فبدلا من أن يطلق تعبير أسواق أو مركز تجاري أو مجمع تجاري  بات يُعرف اليوم باسم (المول)وهي مفردة تركية بطبيعة الحال ،ووصل الأمر أن تعاقدت حكومة العراق مع شركة ضيافة تركية أثناء عقد مؤتمر بغداد للقمة العربية،الأمر الذي يدلل على حظوة وتأثير الأتراك وبمباركة أمريكية – عربية واضحة ،أما  لماذا هذه المباركة والقبول العربي لتركيا رغم تصرفاتها (المتعالية) مع العرب ؟ الجواب يكون إنها تقف منافسا قويا للضد النوعي المذهبي (الشيعي ) إيران ،وهذه كل الحكاية في هذا الحضور التركي .
    ونعود هنا مع الباحث الطائي ونظرية المقريزي حول فارسية التشيع فيقول في صفحة 26و27" هنا يستوقفنا أمر في غاية الأهمية يستوجب التوضيح وهو أنه لما كان المقريزي قد ولد سنة 766هجرية فمعنى ذلك إن بينه وبين تشيع حكام إيران بحدود 63سنة وهي مدة صقلت وجوهرت المذهب في قلوب بعض الفرس فتحول تشيعهم القسري إلى قناعة إيمانية بحتة ،فأغضب ذلك التحول العقيدي المذاهب الأخرى ولاسيما وهي تشاهد هذا العنصر غير العربي ينتصر لمذهب بينها وبينه أخذ ورد ،ومسائل شائكة ،واختلافات تبحث عن حلول ،وكأن المذاهب توجست خيفة مما سيمنحه هذا الزخم البشري الهائل من قوة لأحد الجانبين ضد خصمه الآخر و لاسيما وإن هذا تم على حساب فقدان باقي المذاهب لمجموعة لا يستهان بها من أتباعها الذين تحولوا إلى ولاء جديد ،ولما كان المقريزي من أتباع مذاهب مدرسة الخلفاء التي تضررت من تشيع بعض أهل فارس فليس من المستبعد أن ينتصر لمذهبه من خلال الترويج لهذا الإدعاء .أو ربما تأثر بهذا الرأي الذي أصبح مدار حديث بعض الناس فأشار إليه ولاسيما أن الحدث كان قريبا ،والحديث عنه كان لما يزل فاشيا بين الناس !".
    وبعد أن يورد الباحث الطائي بعض الحقائق التاريخية حول سنية أهل فارس وإن أرضهم كانت مرتعا خصبا للتسنن وبكل مذاهبه وكان كل واحد محصورا بإقليم أو أكثر من أقاليم فارس – كما يذكر في صفحة 28ويؤكد إن أصفهان كانت مركزا كبيرا لأهل السنة كما ينقل عن وعاض السلاطين لعلي الوردي ،ويقول في نفس الصفحة " نستدل مما تقدم إن المذهب الشيعي كان يومها محصورا في زوايا ضيقة من بلاد فارس ،أما سائر البلاد فكانت المذاهب الأخرى تصول وتجول فيها فضلا عن إن الفرس أنفسهم كانوا (يحملون راية التسنن في الإسلام حتى ظهر الصفويون ) ومع ظهور الصفويين وإعلانهم التشيع مذهبا رسميا حملت إيران راية التشيع وتخلت عن راية التسنن ،وتبعا لهذا التبدل الكبير حدثت التبدلات الكبيرة الأخرى .
    وهي التبدلات التي ولدت نوعا من النزاع الديني (المذهبي) بين التشيع والمذاهب الأخرى كان من نتائجه ولادة المطاعن ومنها وضع نظرية فارسية التشيع " وهي النظرية التي آمنت بها كذلك المس بيل صانعة عرش فيصل الأول في العراق عام 1921وقد ذكرنا في كتاب حكم الأزمة :العراق بين الاحتلالين البريطاني والأمريكي في صفحة 199قولا للمس بيل حول الشيعة هو "وقد أدخل تسرب الدم الإيراني إلى البلاد ميولا فكرية فارسية في ممتلكات الساسانيين السابقة ،لتغذي الباطنية البعيدة عن الفكر السامي ،التي تستند عليها العقائد الشيعية ،كما جاءت مستوطنات الإيرانيين الدينية للمتوطنين في المدن المقدسة معها بروحية التمرد والجموح السياسي التي كانت تثير الإيراني الاعتيادي على الدوام وتدفعه إلى القيام في وجه السلطة الزمنية القائمة " وردا على هذا القول قلنا في كتاب حكم الأزمة صفحة200" ويتبين من كلام المس بيل أن روح الثورة التي يحملها الشيعة في نفوسهم هي التي جعلت البريطانيين يتخوفون منهم وبالتالي جيّرت مفهوم ولاء الشيعة للفرس واتخذ فيما بعد كمنهج لبريطانيا ولاتباعها على اختلاف مشاربهم الفكرية" وهنا أعيد التأكيد أن لا فصل بين المنهج الثقافي للفرد والجماعة وبين المنهج السياسي وإن وجد فصل فبينهما خيط رفيع جدا .
 


كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : رائد عبد الحسين السوداني ، في 2012/04/09 .

اخي العزيز ناصر عباس شكرا لتعليقك القيم الذي اعتبره دافعا لي للمواصلة إن شاء الله .

• (2) - كتب : رائد عبد الحسين السوداني ، في 2012/04/08 .

الاخ ناصر عباس :سلام من الله عليك ورحمته وبركاته :شكرا جزيلا لتعليقك الكريم الذي يعطيني الدافع الكبير لمواصلة هذه القراءة .

• (3) - كتب : ناصر عباس ، في 2012/04/08 .

الاستاذ رائد السوداني
منذ الحلقة الاولى ونحن نتابع ما كتبته وتحليلكم لكتاب الاستاذ الكبير صالح الطائي
لقد جعلتنا ونحن نقرأ نقلب تلك الصفحات الواحدة بعد الاخرى بدون ملل
شكرا لكم لامتاعنا بهذا الكتاب
متابعين معكم باذن الله



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15961
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15