• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإفراط والتفريط في التعامل مع الشعائر الحسينية .
                          • الكاتب : زهراء السالم .

الإفراط والتفريط في التعامل مع الشعائر الحسينية

 من المهمّ جدّاً أن تُراعى مسألة المحورية في الدين؛ إذ عندما يقوم الدين على محورية غير أصيلة، وإنّما هي مجرّد وسيلة، سوف نواجه آنذاك ظاهرة التديّن القشري، فتصبح الوسيلة هي الغاية، وهذا أمر خطير في حدِّ ذاته.

فإن غلبت الشعائر على الوسط الاجتماعي بصور إفراطية، فسوف يتحوّل الدين إلى مجرّد شعائر ومناسك، وسوف يُسعى للحفاظ عليها، وكأنّها هي الدين نفسه، ولا يُرجّح آنذاك أيّ مرجِّح عليها؛ لأنّها أصبحت هي المحور، وهي الخطوط الحمراء في الدين، بل أصبحت هي الميزان الذي يُقاس به الإيمان والكفر.

نحن لا نريد أن نقلِّل من شأن الشعائر وأهمّيتها، بل ما نريد أن ننبِّه عليه هو مراعاة الأهمّ والمهم، فالدين ورسالته وما يحمله من قيم وأهداف ورؤى هو الأهمّ، وهو المحور، وهو العرش الذي يمكن النقش عليه، والشعائر هي إحدى الوسائل التي ينبغي أن تكون في خدمة الدين وتثبيت أركانه.

وبالعكس من ذلك، فإنّ التفريط في الشعائر، وعدم الاهتمام بها، والنظر إليها بصفتها أُموراً مرجوحة وفرعية، سوف يجعلنا أمام محذورين خطيرين:

الأوّل: ما يتردّد على ألسنة البعض هذه الأيام من أنّ الحسين عليه السلام لا يريد بكاءً ولا لطماً ولا أُموراً من هذا القبيل، بل ما يريده عليه السلام هو قلب صافٍ وطاهر، وهذا أمر في غاية الخطورة، يجعل الإنسان المؤمن الواعي يتذكّر ما كان يبتغيه المرجئة من أنّ الإيمان يجب أن يكون في القلب، ولا حاجة إلى العمل[100]، وهو الأمر الذي حذّر منه أئمّتنا الأطهار عليهم السلام، فقد ورد عن صادق العترة عليه السلام: «بادِرُوا أولادَكم بالحديث قبل  أن يسبقكم إليهم المُرجِئة»[101]؛ وذلك لما تحمله هذه الطائفة من عقائد خطيرة، فالإيمان بالحسين عليه السلام وبرسالته إنّما ينتفع به الإنسان إذا تجلّى في عمله وسلوكه، وليس في فكره واعتقاده فقط، وهذا الأمر يتمّ من خلال وسائل عديدة، بما فيها تعظيم شعائر الحسين عليه السلام، وتخليد ذكراه ورسالته، والسير معه ومع مبادئه وقِيَمه طوال الحياة.

الثاني: هو أنّ التفريط بالشعائر وعدم إعطائها حقّها سوف يجعل الدين راكداً غير جارٍ في التاريخ، وضيّقاً غير مترامي الأطراف في المجتمعات، في حين أنّ الدين يجب أن يكون(كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ  * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ)[102]، والشعائر الحسينية لها الدور الكبير في تثبيت شجرة الإسلام، وفي انتشار أغصانه وعلوّها؛ وذلك لما للشعائر من دورٍ فاعلٍ على المستوى الإعلامي والتبليغي، وتحديد الهويّة الثقافية والرسالية.
وعليه؛ ينبغي الالتفات إلى الطريق الوسط في التعامل مع الشعائر الحسينية، لا الإفراط في الشعائر وتهميش الدين ونسيانه، ولا التفريط فيها وحرمان الدين من هذه الوسيلة المهمّة في تثبيت دعائمه ونشر تعاليمه وأهدافه.
 

[100] يمكن الرجوع في خصوص المرجئة وعقائدهم إلى كتاب: الملل والنحل، جعفر السبحاني: ج1، ص85.

[101] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج6، ص47.

[102] إبراهيم: آية24ـ25.

البحث كاملا أضغط هنا 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : نبيل الكرخي ، في 2021/08/14 .

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
احسنت الاخت الكاتبة استخدام وصف الدين بأنه يجب أن يكون كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. فأصل الدين الثابت هو ما نعرفه من عقيدة وفقه واخلاق، واما فروعه التي تتجه نحو السماء فهي الشعائر التي تنبع من هذه المسميات الدينية الثلاثة. ولكي تبقى شجرة الدين مثمرة يجب ان تبقى شعائره نابعة منه، فإذا ما انحرفت بعض شعائره عن اصلها الديني فحينئذٍ لا تكون له مرجعية دينية حقيقية ويتحول الى مجرد طقوس شعبية تراثية يتمسك بها المجتمع دون وعي.
ومفردة (الطقوس) ربما ترددت الكاتبة في استعمالها لوصف ما تؤول اليه الشعائر في حالة الانحراف.
وانحراف الشعائر يحدث اولاً في ضمير الانسان فإذا كان عمل المؤمن مرتكزاً على الشريعة فإن الشعائر التي يمارسها ستكون نابعة من شجرة الدين الطيبة، وإذا كان مرتكزه في عمله هو هواه ورغبته في التعبير عن مشاعره بصورة منفصلة عن المرتكز الشرعي، من باب المباحات وغيرها، فسوف تجد شعائره منبعاً آخر غير المنبع الديني وتتحول الى مجرد طقوس مرتكزة الى اهواء ورغبات وممارسات تقليديه ليس فيها روح الاسلام الذي ضحّى من اجله الامام الحسين (صلوات الله عليه).



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=159303
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 08 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15