سنين طوال وهي تختال بمنطقها الأخاذ, تلون الكلمات, نغمات صوتها تتغير لتناسب المقال, تبرع بإلقاء اللوم عليه, تأخذ بزمام المبادرة في توجيه الانتقادات لزوجها, بارعة بالنقاش, تشعر بنشوة الانتصار الدائم على منطق زوجها التعبان, يلجأ إلى الصمت كأن الطير على رأسه..! وتظن أن سكوته عجزا بلا اختيار..!
هو برأيها لا يملك سلاح الدفاع عن آرائه, وحجته ضعيفة في تلبية طلباتها التي تشغل تفكيرها, ويعلو صراخها وينتفض هو انتفاضة صامت.
وتتدحرُج كلماتها كأنها الحجار الذي يسقط من أعالي الجبال وليصبح مرمى لهفوات لسانها السليط,، يعاود الجلوس على كرسيه, يفتح جهاز التلفاز غير غاضب من أفعالها؟ فتأخذ بالصراخ, تحتضن أطفالها بين جناحيها تبكي بكاء الثكلى, تبرهن لهم على أنها المظلومة وهو الظالم, إنه السجان وهي السجينة؟ والحجة لديها أنه لا يملك المنطق المقنع في الدفاع عن نفسه أمام تقصيره في تلبية احتياجاتها الخاصة..!
تفرح في قرارة نفسها حين تشعر انه يخافها، وفي ساعة صفا بينهما سألته عن سر صمته معها حينما تغضب فرد قائلا: لكي لا أغضب الله وليس ضعفا مني كما تتوقعين, أنجح في كظم غيظي وأتزين بالحلم على من هم تحت يدي، لعلي أبلغ سُبل الرضوان؟
صُدمت..! ذُهلت..!
لأول مرة منذ سنين عضت أناملها وسألت نفسها: هل أنا غافلة طوال تلك المدة عن ماهية الإنسان الذي أعاشره منذ أعوام؟ لقد جعلني طريقا لنيل الرضوان وجعلته مسلكا إلى سبل النيران.
|