محاولات التغيير في السلوك والتصرفات ليست من السهولة بمكان، خاصة في قضية التشبث بالآراء، ومحاولة إثبات الذات عنوة، وهو ما يُسمى في علم النفس بـ(الواهمة)؛ فكلنا نمتلك هذه الواهمة في شعورنا بأننا الأصح في المعلومات والخبرات، ولكننا نتفاوت في مدى سماعنا للآخرين، وتنازلنا عن أخطائنا، وتصحيح معلوماتنا.. وقد يقتضي الحال المجاملة مع الكثيرين في سبيل المحافظة على الود والوفاق، ولكن إلى متى؟ ولعل الأمر متروك لإختلاف درجات الصبر من شخص لآخر.. والأيام - عموماً – والتجارب، كفيلة في خفض مستوى التعنت، ومحاولة التسليم للآخرين، وسماع أصواتهم وآرائهم، خاصة بعد أن يعيش الإنسان العزلة الوجدانية، وفقدان الإحساس بالمحيطين، بما لا يسعه الإفصاح عما يجول في صدره.. فإن لم تحصل له حالة التغيير، حينئذ نسأل الله (عز وجل) أن يعافينا وإياكم من قول الشاعر:
إذا كانت الطباعُ طباعَ سوء * فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ
ولعل المتصوّر – أو هكذا يحلو للناس تحليله - يعود (للدلال) الزائد الذي كان يلاقيه مثل هكذا أفراد، فلا يتصورون من يقول لهم: لا.. فكل ما يتمنونه يجدونه أمامهم محققاً، ولكن عند دخول هؤلاء معترك الحياة يجدون صعوبة في تأقلمهم مع المحيطين؛ لأن الحياة أخذ وعطاء، وكذلك الحديث وتبادل المعلومات، فلا مجال للتعصب للرأي في حياة مليئة بالمتغيرات في كل لحظة من لحظاتها الرتيبة منها والمثمرة...
الجانب الآخر.. إنه قد يعاني الفرد من التهميش والإلغاء من قبل أسرته ومجتمعه، فلايجد من يسمعه أو يعير أهمية لما يقول؛ لذا قد تتولد لديه عقدة إثبات الثابت، ومحاولة التميز وأخذ زمام المبادرة في الحديث، خاصة أمام عدد معتد به من المعارف والأصدقاء.. وطبعاً الجميع يمقتون مثل هذا التفرد والإستبداد بالرأي، ولكن ما الحيلة والجميع يخافون على مشاعره..! لذا ينبغي وهو المرجو فعلاً أن تكون الأيام والتجارب - كما أسلفنا القول - هي الكفيلة بتغيير الكثير من السلوكيات غير المحببة اجتماعياً...
|