• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السّلامُ تحيةُ الإسلام .
                          • الكاتب : الشيخ فيصل الكاظمي .

السّلامُ تحيةُ الإسلام

  جاءت الشريعة المقدسة ترسمُ للإنسان المسلم أساليبَ سلوكه وطرق معاملاته، وحرصَ الإسلامُ على أن تكون لهذا الإنسان شخصية متميزة، ولم يكن تأكيد التشريع مقتصراً على الأمور الأساسية الكبيرة فقط، بل اهتمّ حتى في أمور قد تبدو عادية بسيطة، كمسألة التحية، إذ جعل منها أسلوباً من الأساليب التي تخلق عنده تلك الشخصية المتميزة؛ ولهذا فأن تحية الإنسان المسلم يتميز بها المسلم من غيره؛ فإذا كان أحدُنا مسافراً إلى بلاد بعيدة أو اختلط في قوم لا يعرفهم، فإن من أساليب معرفة هؤلاء، هو تبادل السلام كتحية؛ فحينما تسمعُ المقابل يحييك: (السلام عليكم)، فأنك تعلم أنه إنسان مسلم. 
 كنت مع بعض الإخوة المؤمنين في إحدى المدن الألمانية، ولما توقفت سيارتنا عند إشارة المرور، وإذا بصوت من السيارة المجاورة لنا: السلام عليكم، فالتفتنا وإذا به مسلم من أفريقيا يدلّ على ذلك سحنته، فقلنا: وعليكم السلام، وكأنه أراد أن يقولَ أنه مسلم. 
 يقول الإمام الصادق (ع): (السلامُ تحية لملّتنا وأمان لذمتنا)، والسلام هو تحية أهل الجنة، قال تعالى: (تحيتهم فيها سلام)، ولهذا جاءت التأكيدات الكبيرة على إشاعة السلام وحسن الكلام، حتى إنه ورد عن الإمام الصادق (ع): (البخيلُ من بخل بالسلام). وللتأكيد على أهمية تخلّق المسلم بتحية السلام، فقد جاءت الآداب لتؤكد بأن من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه، وحتى يحثّ المسلم نفسه على أن يكون هو المبتدئ بالسلام، جاءت الروايات تؤكد: (أن السلام سبعون حسنة، تسعة وستون للمبتدئ، وواحدة للراد)، مع العلم أن الابتداء بالسلام مستحب في حين أن رده واجب، قيل لأبي العيثاء وهو من أدباء العصر العباسي، وقد فقد بصره في الأربعين من عمره، فسُئل يوماً: ما ضرّك من العمى؟ قال: شيئان أحدهما فاتني السبق في السلام، والثاني ربما ناظرت الرجل فهو يكفهر وجهه، ويظهر الكراهية، حتى أراه وأقطع الكلام. 
 وحتى ندرك بعض اهتمام الشريعة في مسألة السلام، يذكر الفقهاء أنه يجب على المصلي أن يرد السلام، حينما يكون في أثناء صلاته إذا قصده المسلم، أو لم يرد السلام آخرون، على أن يكون ذلك بنفس اللفظ المستخدم بالسلام. ولكي ينظّم الإسلام ظاهرة السلام في المجتمع، فقد أكدت الآداب على أنه ينبغي على الصغير أن يسلّم على الكبير، ويسلم الواحد على الاثنين، أو يسلم القليل على الكثير، ويسلم الراكب على الماشي، ويسلم المار على القائم، ويسلم القائم على القاعد، ومع ذلك فقد كان من أخلاق النبي (ص) أنه يسابق أصحابه السلام عليهم، كما كان من أخلاقة أنه كان يسلّم على الصبيان، ويؤكد أهمية ذلك بقوله: لتكون سنة من بعدي...
 فلنهتم بتحية السلام، ونربّي أطفالنا وشبابنا عليها خاصة ونحن قد نجد في بعض المجتمعات أن هذه التحية المباركة قد غابت وتم استبدالها بألفاظ أخرى، كصباح الخير أو استخدام كلمات أجنبية... نعم لنشيع الإسلام في مجتمعاتنا ومحافلنا، بل حتى ونحن ندخل الى بيوتنا؛ لأن القرآنَ أدّبنا بذلك في قوله تعالى: (فَإذا دَخَلتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً من عِندِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً). لنشيع السلام، سلام القلب وسلام الأخلاق، حتى يعمّ السلام والخير.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157085
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15