• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اضطهادُ الثقافة على مرّ العصور .
                          • الكاتب : محمد القاسم .

اضطهادُ الثقافة على مرّ العصور

  ربما كان الفكر أول ضحايا الاستبداد، ذلك لأن الفكر عمل معنوي، ولكنه ذو تداعيات مادية أو ذو ترجمة ميدانية، ويفعل فعله عندما تواتيه الظروف – كما يقول فيكتور هيجو - وقد تنبه الى هذه الناحية، أغلب الطغاة في الكون منذ فجر التاريخ، فكان الموقف العدائي السافر من أصحاب التفكير... ولأني لست بصدد التوثيق التاريخي لهذه الحقيقة، وإنما للإشارة إليها عبر بعض الملامح السريعة والموثقة التي تؤكد هذا الاتجاه في التحليل، ربما كان سقراط شهيد العقل الأول، كما تقول الموسوعة الفلسفية المختصرة، فقد كان سقراط مسالماً، ولم يعرف عنه سلوك عنفي أبداً.. فقط كان يختلط مع الشباب، ويحاول دفعهم نحو التفكير واستنتاج القيم والمبادئ بطريقته المعروفة تربوياً بالطريقة السقراطية (الحوارية)، وكان يقول: أمي تولد النساء، وأنا أولد الأفكار.
 ويبدو أن أسلوبه أثار حفيظة عليّة القوم - وأنا أفضل تسميتهم بـ: مفسدي القوم - واتهموه بإفساد عقول الشباب، لاضطهاد الفكر الذي يكون بزوغه لدى الشباب عادة، ومن المعروف أن الشباب دوما هم وقود التغيير، وضحايا التعسف والعنف.! صحيح إن الخبرة قد تنقص الشباب في مطالع العمر - عمر الطفولة - ولكن الصحيح أيضاً أن هذا العمر هو الحاضن الأساس للمعرفة، والمرحلة الأولى للتأسيس المعرفي، ومن ثم الثقافي.. هذا التأسيس الذي يشكل - كما يعرفه المختصون - العمود الفقري للتفاعل الحقيقي مع الواقع والنظر؛ وترجمته إلى حالة ميدانية تنعكس إيجاباً على الكون بموجوداته المختلفة وعلى رأسها الإنسان.
 ومن المؤسف أن البعضَ فهم الحياة بروح أنانية حصرت فهم التمايز في أنانية وتعال قوموي أفرز باستمرار – ولا يزال – سوءا في الفهم، ومن ثم سوءا في العلاقات والتصرف (السلوك)، ونلمس هذا عند بعض الأمم المتطرفة قومياً (النازية - الفاشية) بشكل خاص وبعض الأمم الأخرى بدرجات متفاوتة، ولكنها جميعاً لا تشترك في تجاهل حقوق الأقوام المتعايشة معها فحسب، بل واضطهادها بعنف فاعل. 
 لكن لن نتناسى ومن حسن الحظ أن اتجاهاً عالمياً يتبلور نحو المشترك الإنساني عبر وثيقة هيئة الأمم المتحدة التي أصبحت المرجع في فهم وتفسير القضايا الحقوقية الإنسانية..! ولكن المشكلة الفلسفية الأزلية هي.. الإنسان يعيش مشكلة كونه: الذات المشكِّلة لموضوع البحث، وهو نفسه الذات الباحثة.. من هنا - ربما - تبدأ المشكلة والحل معاً.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157073
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15