كونتليان باحث اسلوبي اعجبني اهتمامه بالاسلوب وقد توقف عند اربعة مفاهيم هي الوضوح والفصاحة والرشاقة والملاحة وهي اعمدة الاسلوب الجمالي الذي من خلاله تحدث المتعة الجمالية .اكتب ذلك وفي ظني ان الكثير منا يحتاج الى الوضوح والوضوح هو غير المباشرة السطحية التي يقع بها بعض الكتاب أو الشعراء فهو جمال منسق واضح البهاء مثير للوجدان بحكم قيم الجمال فعندما تصف الاببض بجوار الاسود يكون وضوح للطرفين المتضادين وبالتالي يكون الجمال من اجتماع المتضادين واظن الوضوح يتجلى في قول الشاعر دوقلة المنبجي :
فالوجه مثل الصبح مبيض
والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا
والضد يظهر حسنه الضد
كما اظن ان اعظم النتاجات الادبية كانت واضحة الاسلوب مغمسة بالوجدان وبالوقت نفسه بعيدة عن المباشرة فهي تستخدم الرمز والاشارة والعلامة للوصول الى المعنى الذي لابد لنا ان نتعب قليلا لفهمه وادراكه اما التركيبات الشاذة في اللغة فانها تعكس اضطرابا ذهنيا ما بحيث تكون الصورة مرتبكة ومضللة نتيجة ذلك وهي غير التراكيب المبتكرة بوعي جمالي عند المبدعين الذين يتقصدون الابتكار بحكم العبقرية
اما الفصاحة فهي تؤشر سلامة المعنى وجماله مقترنا بالصوت والكلمات الدقيقة التي تأتي في مكانها وفي سياق التعبير الجمالي مما يساعد في اشراق المعنى ويتطلب ذلك ايضا إحساسا جماليا بالصوت والإيقاع في الكلمة والعبارة والجملة الكاملة ومعرفة جذور الكلمات وتطورها مثل الكائنات الحية .
وتبدو لي الرشاقة نوعا من الجمال الرائع البعيد عن ترهلات الاساليب والكلمات الزائدة والتركيبات المستهجنة وقد لمست ذلك في الف ليلة وليلة نصا رشيقا رغم التزامه باللازمة في الايقاع المتكرر في جملة وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .ورغم طول النص
واما الملاحة فانها نوع من الجمال المرتبط بطرافة الدهشة المتأتية من الخروج عن السياق بما يثير المتلقي جماليا ويكسر رتابة الجفاف في الاسلوب وقد اجادت الجواري هذا الاسلوب لاضفاء نوع من الاثارة والمتعة من اجل الجمال
كتبت ذلك وانا متمتع والله بما اكتب وارى ان على الادباء ان يفطنوا للوضوح الممتع والفصاحة بعيدا عن الحذلقة وادعوهم للرشاقة في الاساليب بلا ترهلات لغوية وملاحة التصوير للمواقف المثيرة .
|