• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحق المُضاع .
                          • الكاتب : عبد الحمزة المشهداني .

الحق المُضاع

 ضاقت صدور سدنة الشرك وعبدة الاوثان بالوجود المحمدي المشرف بعد أن سدد اليهم ضربات موجعة هزت كيانهم المتداعي، فاجتمعت فلول المشركين وعصابات ناقضي العهود والمواثيق لتوحد الصفوف وتتوجه نحو يثرب المشرقة بأنوار النبوة لتدمر القاعدة الأمينة لرسالة السماء وابادة انصار الدعوة المحمدية حتى لا يجد هذا الدين أنصارا يحمونه.

زحفت جحافل أحزاب الضلالة وأباطرة الكفر واحاطت بيثرب المنورة احاطة السوار بالمعصم في نوايا سوداء كوجوه أصحابها وكانت أيام شديدة في ثقلها على المسلمين. هنا يتفرد بمصير الرسالة الفتية، والمسلمون لاقبل لهم على صراع جبابرة المال والشرك، وكان الأمل أن يصد الخندق فرسان الضلالة الا ان الفارس المشرك اجتاز الخندق، واصبح يهدد امن المدينة الآمنة. فكانت ساعات رهيبة لساكنيها، وخشية على حياة نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) فقد لاحقوه قبل الهجرة الشريفة مستهدفين حياته الكريمة ورد الله كيدهم الى نحورهم والان حانت ساعة الانتقام.
كان الصمت مطبقا مزقه صوت كريه: هل من مبارز؟ وكان على القائد (صلى الله عليه وآله) ان يتدبر الامر لئلا يفلت الزمام، فكان صوت الرحمة الحنون الحريص على الرسالة المؤتمن عليها: (هذا عمرو بن عبد ود يطلب المبارزة فمن يبرز اليه) واذا حالة الصمت كأنها ابدية كالبركة الراكدة؛ هل كان النبي (صلى الله عليه وآله) يخاطب الفراغ ام يخاطب الحاضرين؟ وبعد لحظات واذا بصوت جهوري بنبرة هاشمية مميزة وبهدوء الرجال الفرسان: انا يا سيدي يا رسول الله... فكان فتى بني هاشم وفارسها الذي تدخره للملمات، فيأمر القائد (صلى الله عليه وآله): اجلس يا علي... وعاد الصمت من جديد لا يكدره الا فارس المشركين بصوته الاجش الكريه: لقد بح صوتي هل من مبارز؟ أين جنتكم التي تدعون؟ ولامن مجيب وكأن الحاضرين حرم عليهم الكلام!! وقام الفتى الهاشمي وأجلسه القائد الكريم (صلى الله عليه وآله) وكانت الصرخة الثالثة فاصبح الأمر لابد منه فبان الحق وأزيحت الاغطية واسقطت الحجة فنزع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمامته والبسها للفدائي فارس بني هاشم ودعا له وكان الذي كان مما لم تتمكن صروف الزمن أن تعتم عليه ولا كيد اشباه الرجال اخفاءه.
الله جل جلاله تعبدنا بالعقول فهل وجد العقل للعبث والتسلية ام لتمييز النور من الظلمة؟ سؤال يوجه لمن يحمل هذه العقول: هل ان أحداث معركة الخندق صنعتها الصدفة وعبث الاقدار ام سارت وفق موازين السماء (والسماء رفعها ووضع الميزان)؟ ألا يجب ان نتدبر الاحداث ونسأل: هل ان يثرب المنورة عند معركة الخندق لم يكن فيها الا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب وحدهما أم جموع الصحابة متواجدة في رحاب المدينة ايضا والفارس المشرك يصول ويصيح؟
لماذا أغلقت الآذان والأفواه وكأنما حُرم الكلام آنذاك؟! إلا علي يحمل راية الرسالة المحمدية ويصول في حومة الوغى يجندل الأبطال ويلوي أنوف أباطرة الشرك؛ فاين الحق الذي تدعون؟ والله إنها قسمة ضيزى...
وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظره *** اذا استوت عنده الانوارُ والظلمُ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155551
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16