1. اللقب في اللغة
2. اللقب في النحو
اللقب في اللغة:
قال ابن منظور في (لسان العرب/ مادة لقب) اللقب: (اسم غير مسمى به)، والجمع: ألقاب، وقد لقبه بكذا فتلقب بذلك فرقت اللغة بين الاسم الذي يُسمى به الإنسان ابتداءً بعد الولادة مثل (علي، حسن، حسين، زيد...) فيكون هذا الاسم علماً يُعرف صاحبه به.
وبين اللقب الذي يضعه المجتمع على بعض أفراده، ويكون مسبباً عن صفة ما أو حال اقتضى وضع ذلك اللقب. وقد يتغلب اللقب - لشهرته - على الاسم فيتحول إلى علم، كالكسائي، وسيبويه، والأخفش، والجاحظ، والأصمعي، والفرزدق، وغيرهم، من الأعلام الذين نسي الناس أسماءهم لقلة استعمالها وظلت ألقابهم راسخة في أذهانهم، وما زالت ظاهرة التغليب هذه مستعملة – بكثرة - في زماننا حيث هناك الجم الكثير من الأعلام وغير الأعلام لا يعرفون في المجتمع إلا بألقابهم. وقد نهى القرآن الكريم عن التراشق بالألقاب حيث قال تعالى في {سورة الحجرات آية/ 11}:(وَلا تَنابَزُوا بِالأَلْقابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمانِ) أي لا يُلقب بعضكم بعضاً بما لا يرضى به، حفاظاً على وحدة الأمة، وتماسك المجتمع، وتطهير قلوب الناس من البغضاء والعداء...
اللقب في النحو:
عرف النحويون اللقبَ في كتبهم- بأنه:{ما أشعر برفعة المسمى، أو ضعته} أي أن اللقب، إما أن يرفع من شأن الإنسان في المجتمع، مثال ذلك: {بحر الجود} للإمام الحسن بن علي عليهما السلام، و{حبر الأمة} لعبد الله بن عباس و(الزهراء) لفاطمة (ع) بنت رسول الله(ص)، و(باب الحوائج) للإمام موسى بن جعفر عليهما السلام.
وإما أن يحط من مكانته بين الناس، ويكون دليلاً على الاستهانة به، مثال ذلك: (حمّالة الحطب) لزوجة أبي لهب أم جميل، و(آكلة الأكباد) لهند أم معاوية زوجة أبي سفيان، و(خيط باطل) لمروان بن الحكم.
كل ذلك مرتبط بالمجتمع وسلوك الإنسان في هذا المجتمع، فإن كان إنسانياً كافأه عليه الناس، بألقاب زاهية جميلة، تنم عن كرم أو إنسانية أو مروءة، بحيث تكون هذه الألقاب مجداً في تاريخ حياته، وإن سلك في الحياة بغير ما تواضع عليه الناس من المثل العليا، فكان مثالاً للشر؛ وسمه المجتمع بما يندم عليه من الألقاب ولات حين مندم!!؟
ألقاب العباس (ع)
للعباس بن علي (ع) ألقاب كثيرة سنعرض لها في التفصيل فيما بعد ومنها:
السّقّاء أو ساقي عطاشى كربلاء:
السّقـّاء - بالمد والتشديد - صيغة مبالغة لاسم الفاعل (الساقي) {المنجد} وهو مشتق من {سَقِيَ، يسقي، سقياً} الرجل: أعطاه الماء ليشرب، وكذلك أسقى إسقاء.
والسّقـّاء: لقب اشتهر به أبو الفضل العباس عليه السلام دون غيره، حتى بلغ من شهرته أنه إذا أطلق انصرف إليه (عليه السلام). وقد ورث العباس (ع) هذا اللقب عن آبائه وأجداده، حيث اهتم بنو هاشم بسقاية الحجيج، ولم يسبقهم إليها سابق، فهذا جدهم الأعلى (قصي) أول من أسس سقاية الحاج، وخلفه فيها ابنه (عبد مناف) ثم (أبو طالب) بن عبد المطلب، وبعد كل أولئك الكرام صارت السقاية بيد العباس بن عبد المطلب.
وسقى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) جيش رسول الله (ص) يوم (بدر)، ويوم (الحديبية)، وسقى كذلك جيش معاوية يوم صفين، وأباحه بعد أن احتكره معاوية، و(كل إناء بالذي فيه ينضح) وسقى الحسين (ع) (الحر) ومن جاء معه في تلك الصحراء المحرقة، بعد أن كاد العطش يميتهم شر ميتة!! وسقى أبو الفضل العباس (ع) أخاه الحسين (ع) وأطفاله يوم أقبل إليهم بقربته مملوءة بماء الفرات بعد أن خاض من أجلها غمرات حرب طاحنة ضروس، وقد كان يشق بها طريقه إليهم وهو يرتجز - فخوراً - ويقول:
إني أنا العباس أغدو بالسقا ولا أهابُ الموتَ يوم المـلتقى
ويقول عليه السلام:
أنا الذي أعرف عند الزمجرة بابـــــــن علــيٍّ المســـمى حيدرة
أن أثبتوا لنا اليوم يا كفرة
إن كلمة السقاء التي لقب بها قمر بني هاشم تدل على إنها قد تكررت في أكثر من مرة لأنها صيغة مبالغة يتكرر بها الفعل، وقد ذكر أصحاب السير بأن العباس (ع) قد جاء بالماء ثلاث مرات، وما تخلى عن قربته حتى صارت هدفاً لسهام الأعداء، وأريق ماؤها.
وقد أصبح هذا اللقب (ساقي عطاشى كربلاء) رمزاً يتبرك به الشعراء لحل المشاكل، ويرون التذكير به شافعاً مشفعاً كما حدث ذلك في (سنة 1306هـ) حيث جف نهر الحسينية فأرادت الحكومة العثمانية حفر نهر في أراضي السيد (سلمان النقيب) فمنع النقيب ذلك فكتب إليه العلامة السيد (محمد نجل آية الله السيد مهدي القزويني):
في كربلاء لك عصبة تشكو الظما من فيــــض كفك تستمد رواءهــا
وأراك يا ســاقي عطاشــــى كربلا وأبوك ساقي الحوض تمنع ماءها
فأجاز النقيبُ حفرَ النهر، وأنقذ أهل كربلا من العطش، ببركة هذا اللقب (العباس. المقرم ص165).
|