هناك أشكال متعددة من الإنفصال العاطفي تجتمع كلها في صورة واحدة ألا وهي تقطع أواصر العائلة، وجفاف روافد المحبة. وهذه الصورة يبغضها الله، ويبغض أسبابها، ويحرم ما يؤدي إلى تخريب العائلة من قول أو فعل عمد. وقد سبق منه تعالى، دعم الأسرة بالرزق، وقبول الأعمال الصالحة من المتزوجين بأضعاف الثواب، مثلاً قال رسول الله (ص): {ركعتين يصليهما متزوج خير من سبعين ركعة يصليهما أعزب} وجعل الله سبحانه وتعالى بيت الزوجية موضعاً للرحمة.. قال رسول الله (ص):{لولا بهائم رتع، وشيوخ ركع، وأطفال رضع، لصب عليكم العذاب صباً} فكان الطفل سبباً لنزول الرحمة، ورفع العذاب.
من هنا نبدأ بذكر أحد أسباب الطلاق ألا وهو الانفصال العاطفي، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (سورة الروم): 21. يعني إن العاطفة التي تتضمن المودة والرحمة هي التي تملأ بيت الزوجية وتزينه وتنوره وتديمه، وبانعدام العاطفة يبقى هيكلاً فارغاً أشبه ما يكون بالهيكل العظمي قبحاً.
إن بيت العائلة قائم على الثقة، وهذا البناء الشامخ أساسه الصدق والعطاء، وهذا البيت تهدمه ثلاثة معاول:
الأول: التقتير؛ وأصله الأنانية وحب الذات وعدم الاهتمام بالطرف الآخر، فنزاه ينفق على نفسه ويقتر على غيره.
الثاني: التقصي والاستقصاء؛ ومعناه المحاسبة في كل المسائل بشكل يثير التهمة والشك والاستقصاء هو سوء المحاسبة والتدقيق.
الثالثة: يخص الزوجة بشكل كبير؛ وهو ترك التبعل قال رسول الله (ص):{جهاد المرأة حسن التبعل).
ومما يبني العاطفة:
1. تبادل الهدايا: إن نفقة العائلة واجب على ربها، ومن الذكاء أن يأتي الرجل أهله برزقهم على شكل هدايا، مراعياً تلبية رغباتهم وطموحاتهم، وقد قال (ص):{تهادوا تحابوا}.
2. البذل والعطاء: أن يبذل كل من الطرفين للآخر نفسه وماله ليحصل على ما يريد.
3. التسامح: ويتجسد بالتغافل وغفران المساوئ، لأننا لسنا معصومين، وأغلبنا تعوزه الثقافة لذا يجب علينا أن نغفر مساوئ الآخرين، ليغفروا لنا مساوئنا عندما نخطئ.
وأخيراً من هذا المنبر الرائع أدعو الدولة للحفاظ على الأسرة وتنميتها وخدمتها، ففي ذلك خدمة للعراق وتنمية له، فالعائلة الكبيرة تقوم و تدوم بدوام العائلة الصغيرة
|