الأنزع البطين:
قال ابن الجوزي في كتابه: (تذكرة الخواص، ص16): {يسمى الأنزع: لأنه كان أنزع من الشرك، وقيل لأنه كان أجلح. والجلح: ذهاب الشعر من جانبي مقدم رأسه، فهو أشلح}.
وقال الفيومي في المصباح المنير/ مادة جلح: موضع انحسار شعر الإنسان يمر بمراحل وتسميات:
أوله: النزع. وصاحبه يدعى الأنزع.
ثانيه: الجلح وصاحبه الأجلح.
ثالثه: الصلع وصاحبه الأصلع.
وفي (لسان العرب مادة نزع، النزع: انحسار مقدم شعر الرأس عن جانبي الجبهة. وفي صفة علي (رض): البطين الأنزع) والعرب تحب النزع، وتتيمم بالأنزع، وتنبذ الغمم وتتشاءم بالأغم، وتزعم أن أغم القفى والجبين، لا يكون إلا لئيما ومنه قول (هدبة بن قشرم):
ولا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
وفي لسان العرب مادة غمم: الغمم أن يسيل الشعر حتى يضيق الوجه والقفا، ورجل أغم وجبهة غماء. ثم ذكر بيت هدبة الآنف ذكره.
وتذكر الكتب الفقهية في باب الوضوء: إن المتوضئ يمسح بعد ذلك ببل وضوئه من ربع رأسه إلى موضع قصاص الشعر، ويترك بقية الشعر النابت على الجبهة. أي أن الأغم يترك ما زاد على قصاص الشعر أي بقية الشعر المتدلي على جبهته.
البطين:
في (لسان العرب/ مادة بطن): البطين : العظيم البطن، وفي صفة علي (ع): {البطين الأنزع: أي العظيم البطن}.
لا يمكن أن يكون علي (ع) بطينا من الطعام، وهو القائل كما جاء قوله في نهج البلاغة. محمد عبده3/81: {.. هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي، إلى تخيّر الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع!! أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثا وأكباد حرى!! أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القد
فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المضبوطة همها علفها.. كأني بقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان؟! ألا وأن الشجر البرية أصلب عوداً.. والنباتات البدوية أقوى وقوداً، وأبطأ خموداً..
ووصفه ابنه (محمد بن الحنفية) في خطبته الشهيرة يوم صفين، حيث قال واصفاً مأكله وملبسه: {يقتات بالجبنة ويرد الخميس- أي الجيش- ويلبس الهدم- الثوب البالي}.
أما طعام علي (ع) معروف لدى القاصي والداني، ولا يحتاج إلى الكثير من القول، فهو ليس بطيناً من الطعام، إنما هو بطين من العلم كما قال ذلك (السبط بن الجوزي) في تذكرته ص6): { ويسمى البطين: لأنه كان بطيناً من العلم وكان يقول: لو ثـُنيت لي الوسادة لذكرت في تفسير:{بسم الله الرمن الرحين} حمل بعير
جاء في كتاب علي والخلفاء ص5 عن ابن عباس (رض) قال: { كان يشرح لنا علي (رضي الله عنه) نقطة الباء من (بسم الله الرحمن الرحيم) ليلة، فانفلق عامود الصبح وهو بعد لم يفرغ. ورأيت نفسي في جنبه كالفوارة في جنب البحر.
والفوارة: ما يفور من القدر أي البخار الذاهب. وقول ابن عباس كناية عن زبد البحر الذاهب جفاء..
وقال الشاعر عبد الباقي العمري واصفاً قبة علي (ع):
هي باء مقلوبة فوق تلك النقطة المستحيلة التأويل
وعلم علي (ع) لا يحتاج إلى دليل بعد أن قال رسول الله (ص): { أنا مدينة العلم وعلي بابها} وقوله: { أقضاكم علي}.
وقد ألفت الكثير من الكتب في معضلات المسائل التي لجأت بها الأمة إلى علي (ع) فقضاها وحل لغزها في حياة رسول الله (ص) وفي حياة الخلفاء، فأقرها الرسول (ص) وأثبتها الخلفاء، وقول الخليفة عمر: {لولا علي لهلك عمر} مذكور ومشهور فهو بطين من العلم لا بطين من الطعام.
|