• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تاريخية القرآن الكريم .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

تاريخية القرآن الكريم

" تنتسب التاريخية (historicité) إلى التاريخ (histoire) مما يحيل إلى الماضي ، وإلى قطيعة مع الحاضر أو المستقبل . فتاريخية شيء ما يعني تجاوزه الحاضر ولم يعد سوى ذكرى أو تاريخ " .. هذا بحسب المصطلح العام ..

أمّا خصوص تاريخية القرآن فهي مما كثر الجدال والنقاش حوله بعد أن دعى اليها أصحاب الحداثة والتجديد ، من كتّاب ومفكّرين ومتأثرين ..

وعلى الرغم من اختلاف تلك الدعوات في بعض التفاصيل الى أنّ لهم جامع معرفي واحد ، وهذا الجامع المعرفي نأخذه من رأي محمد آركون :

التاريخية عند محمد آركون فيما تعني : ( التحوّل والتغيّر ، اي تحوّل القيم وتغيّرها بتغيّر العصور والأزمان ) - من الاجتهاد الى نقد العقل الاسلامي ص٢٦

أما تاريخية القرآن عنده فنأخذ معناها من هاشم صالح ، وهو مترجم أعمال آركون : ( ان كل شيء يتغير مع التاريخ .. حتى العقائد والأفكار الأكثر تأصيلاً ورسوخاً ، العقائد الدينية ، فكرة الله والتعالي ، الإيمان .. ) - المصدر السابق هامش ١٣٨ .

وطبعاً لا يقصدون هنا المعنى التفسيري لجري القرآن الكريم والذي نصّ الحديث الشريف عليه ( إنَّ القرآن حيٌّ لم يمت ، وانَّه يجري كما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر ) ، وإنما التغيّر عندهم يطال حتى المفاهيم وأنه لا ثوابت ، وبالتالي لا حقائق .. !!

لا أريد أن أتوسع في هذا المنشور بقدر ما لفت انتباهي آيتان من القرآن الكريم أحسبهما خير شاهد على قِدم هذه الأفكار والدعوات ، وبالتالي فهي غير حداثوية ..! وفيهما خير ردّ على مدّعيها ومروجيها .. والآيتان هما من سورة الفرقان :

قال تعالى { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } الفرقان ٥ ، وهذه الآية تثبّت دعوى التاريخية وأنها من أساطير ومتبنيّات التاريخ - أساطير الأولين - والتي أصبحت في الحاضر نحو أفكار غير مقبولة وغير قابلة للتطبيق ..

قال تعالى { قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } الفرقان ٦ ، ما أجمل وأبلغ وأدق الردّ القرآني على هذه الدعوة ، فالقرآن جاء عن خلفية معرفة أسرار الكون ، وترشّح عن معرفة فلسفة قوانين الخلق ، وبالتالي .. آياته غير قابلة للتغيّر والتبدّل لأنها متجذرة في أعماق الحقيقة وأغوار الواقع ..!

فالذي يتبدل هو من يعتمد في صياغة قوانينه على طريقة التجربة والخطأ ، والذي يتغير هو من يعالج الأمور وفق فرضيات واحتمالات معينة ، وغير الثابت هو من يتعاطى مع جانب أو جانبين وتغيب عنه جوانب أخرى .. أما من عنده أسرار الشيء ، والمحيط به ، فإنّ أحكامه ستكون ثابتة مادام ذلك الشيء موجودا ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155051
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15